واشنطن تعين قائما بأعمال سفارتها في ليبيا

النقاش في الكونغرس يسلط الضوء حول صور فوتوغرافية لمنشأة أميركية ثانية شبه سرية في بنغازي

TT

عينت الولايات المتحدة أمس قائما بالأعمال في ليبيا بعد مقتل سفيرها في هذا البلد كريس ستيفنز في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند إن تعيين الدبلوماسي لورانس بوب، الذي وصل بالفعل إلى طرابلس «يعكس مدى التزام الولايات المتحدة في العلاقة بين بلدينا وحيال الشعب الليبي في الوقت يتقدم فيه في عمليته الانتقالية نحو حكومة ديمقراطية».

إلى ذلك، أكد مسؤولون أميركيون أمام مشرعين أول من أمس أن القنصلية في بنغازي كانت هدفا سهلا لأن الإجراءات الأمنية حولها كانت ضعيفة بعد رفض طلبات بإرسال المزيد من الموظفين رغم تهديد متزايد من «القاعدة»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي جلسة محتدمة استجوب مشرعون جمهوريون ثلاثة من كبار مسؤولي وزارة الخارجية والرئيس السابق لفريق أمني حول الثغرات التي أدت إلى الهجوم على القنصلية. وأكد مسؤولان أن طلبات بتوفير المزيد من الدعم للبعثتين في طرابلس وبنغازي قوبلت بالرفض، فيما قال المسؤول الأمني إنه كان محبطا «لغياب أي تخطيط على الإطلاق» لخطة أمن مستقبلية.

وقال المسؤول الأمني اريك نوردستروم أمام لجنتي الإشراف على مجلس النواب وإصلاح الحكومة في جلسة استمرت أكثر من أربع ساعات «كان الأمر واضحا جدا: لن نحصل على موارد إلى ما بعد وقوع حادث».

وأضاف أنه سعى إلى تعزيز الإجراءات الأمنية بطلبه إرسال أكثر من 12 شخصا لكن تم إبلاغه من قبل المدير الإقليمي في وزارة الخارجية أنه يطلب «الشمس والقمر والنجوم». وردا على ذلك، قال نوردستروم إن الاضطرابات في ليبيا لم تكن أكبر مصدر للقلق في مهمته. وأوضح «لا الصعوبات ولا إطلاق النار ولا التهديدات. بل التعامل مع الناس وقتالهم، والبرامج والموظفون الذين يفترض أن يساعدوني». وتابع: «زدت على ذلك بقولي إنه بنظري طالبان موجودة في الداخل». ووافقه الرأي اللفتنانت كولونيل، اندرو وود الذي كان مسؤولا عن فريق أمني من 16 شخصا متمركزين في طرابلس منتصف فبراير (شباط) الماضي حتى سحبه في منتصف أغسطس (آب) الماضي. وقال: «كنا نخوض معركة خاسرة. لم يسمح لنا حتى بالاحتفاظ بما كان لدينا».

ووجه كل من وود ونوردستروم اللوم لنائبة مساعدة وزيرة الخارجية، تشارلين لامب، المسؤولة عن الأمن في نحو 275 مبنى دبلوماسيا حول العالم، لرفض طلباتهما بإرسال المزيد من العاملين. وهوجمت لامب تكرارا في جلسة الاستماع الحادة وأقرت بأنها لم تدعم تلك الطلبات. وقالت: إنهم كان يدربون موظفين ليبيين محليين للقيام ببعض تلك المهام. غير أن لامب أضافت أن القرار النهائي اتخذه رؤساؤها.

وقالت: إن وزارة الخارجية رأت أن «لدينا العدد الصحيح من الأصول» على الأرض، مضيفة «اتخذت أفضل القرارات وفق المعلومات التي كانت لدي».

وقال وود الجندي السابق في وحدة قوات خاصة إنه أوصى بإغلاق بعثة بنغازي التي انسحبت منها غالبية ممثليات الدول الغربية. وأضاف: «عندما حدث ذلك كان واضحا لي أننا العلم الأخير الذي يرفرف في بنغازي، كنا على لائحة أهدافهم آخر هدف يتعين إزالته من بنغازي». ورغم أنه غادر ليبيا قبل الهجوم، قال وود إنه يمكن «على الفور تحديد» أنه هجوم إرهابي، مؤكدا أن وجود «القاعدة» في ليبيا «يتزايد يوميا».

وقال المسؤولون إن 230 حادثا مرتبطا بالأمن وقع في ليبيا في غضون 13 شهرا، وفي يونيو (حزيران) الماضي تم توجيه تهديد مباشر ضد السفير ستيفنز على «فيس بوك». ورد مساعد وزيرة الخارجية باتريك كيندي على اتهامات بأن مسؤولين أميركيين من بينهم رايس، غيروا سردهم للأحداث التي وقعت في بنغازي وقال: إن «المعلومات تطورت» منذ الهجوم.

وقال كيندي إن «المعلومات التي وردتها في ذلك الوقت من جانب مسؤولي الاستخبارات هي المعلومات نفسها التي كانت لدي في ذلك الوقت. واضح أننا نعرف اليوم أكثر مما كنا نعرفه الأحد 16 سبتمبر بعد الهجوم». وطالب أيضا بتخصيص المزيد من الأموال قائلا: إن ذلك سيمكنه من تعزيز الأمن وبناء بعثات جديدة.

وفي حديث إلى الصحافيين لاحقا قال كيندي «ندرس مسألة العودة إلى بنغازي. لا نزال نعتبر الموقع على درجة بالغة من الحساسية في مجمل ارتباطنا مع الحكومة الليبية».

وفي غضون ذلك، سلط النقاش في الكونغرس حول صور فوتوغرافية لمنشأة أميركية ثانية شبه سرية في مدينة بنغازي الضوء على مجمع اعتبر أكثر أمنا من مقر البعثة الأميركية حيث توفي السفير ستيفنز، حسب ما ذكرت رويترز.

وحين قام مسؤولون من الخارجية الأميركية بسرد سلسلة الأحداث التي وقعت في الليلة التي توفي فيها ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم إرهابي وعرضوا صورا التقطتها أقمار صناعية عن المنشأتين الأميركيتين انتفض النائب الجمهوري جيسون شافيتز واتهمهم بإفشاء معلومات سرية.

وقال شافيتز «حين كنت في ليبيا طلب مني تحديدا ألا أتحدث ويجب ألا أتحدث أبدا عما تقومون أنتم بعرضه اليوم». وأكد مساعد في الكونغرس أن النائب كان يتحدث عن الموقع الثاني.

ووجود المجمع الثاني ظهر بشكل واسع النطاق في التقارير التي تحدثت عن أعمال العنف التي وقعت في بنغازي يوم 11 سبتمبر الماضي، وكان يشار إليه عادة على أنه «منزل آمن» أو «ملحق» بالقنصلية الأميركية المؤقتة. وقال مسؤولو الخارجية الأميركية في جلسة أمس إن الصور الفوتوغرافية لا تعد سرا.

وذكر عدد من المسؤولين الأميركيين الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم أن المجمع الثاني المكون من عدة مبان منها أماكن إقامة لأفراد أميركيين كان محميا بشكل أفضل من القنصلية المؤقتة التي توفي فيها ستيفنز وشون سميث خبير الاتصالات، وذكر المسؤولون أنه بعد تعرض القنصلية لهجوم انسحب الأفراد الأميركيون والليبيون بالسيارات إلى الموقع الثاني حيث صدوا ليس موجة واحدة من الهجمات بل صدوا موجتين.

ليبيا: 7 مرشحين يتنافسون على رئاسة ثاني حكومة انتقالية بعد سقوط القذافي