أول سفير سوداني لدى جنوب السودان بعد الاستقلال يصل إلى جوبا

جدل واسع وسط الجنوبيين حول منطقة الميل «14».. وتخوفات من فقدها

TT

وصل إلى جوبا أمس الدكتور مطرف صديق النميري، أول سفير سوداني لدى جمهورية جنوب السودان بعد استقلالها قبل عام. ويتوقع أن يقدم أوراق اعتماده في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في وقت أعلن فيه البرلمان في جنوب السودان مناقشة اتفاق التعاون الذي وقعه الرئيسان عمر البشير وسلفا كير ميارديت في أديس أبابا، الاثنين المقبل، لإجازته. في وقت ما زال فيه اتفاق الترتيبات الأمنية يواجه السخط وسط سكان منطقة «الميل 14» في ولاية شمال بحر الغزال الحدودية مع السودان. وألقى قادة محليون في 4 ولايات جنوبية اللوم على وفدهم المفاوض واعتبروه لم يحسم الخلاف في أراض جنوبية وهي هجليج وخرصانة، وعدم حسم منطقة أبيي الغنية بالنفط.

إلى ذلك، يعتبر السفير النميري من قيادات التفاوض بين الدولتين في مفاوضات السلام في نيفاشا الكينية التي انتهت باتفاقية السلام الشامل في عام 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية الجنوبية التي كانت تقود التمرد لأكثر من 22 عاما من الحرب الأهلية مع الحكومة المركزية. وأوصلت الاتفاقية الجنوبيين إلى حق تقرير مصيرهم، ونالوا بها استقلالهم العام الماضي. كما أن النميري من قادة التفاوض من جانب حكومته في أديس أبابا، والذي توج باتفاق التعاون مع جنوب السودان، فيما باشر ميان دوت، سفير جوبا في الخرطوم، عمله الشهر الماضي.

وعقد قادة 4 ولايات جنوبية وهي واراب، وشمال بحر الغزال، وغرب بحر الغزال، والوحدة، أول من أمس، اجتماعا للتشاور حول اتفاق التعاون الذي وقعه السودان وجنوب السودان في السابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) الماضي في أديس أبابا تمهيدا لمناقشته في البرلمان القومي الاثنين المقبل. ووقف المجتمعون كثيرا حول المنطقة منزوعة السلاح، لا سيما منطقة الميل «14» التي تدعي كل من الدولتين أنها تقع ضمن سيادتها، وتم الاتفاق على أن تدار بواسطة المجتمع المحلي على جانبي الحدود. ويتخوف سكان منطقة الميل «14» في شمال بحر الغزال من أن تنزع المنطقة من أراضيهم، وعبروا عن سخطهم بمظاهرات ومذكرات احتجاجية، وقد وقف إلى جانبهم حاكم الولاية بول ملونق ألونق.

وقال مراقبون في جوبا لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الموسع عقدته قيادة الحركة الشعبية الحاكمة بغرض الاستعدادات لخوض الانتخابات المقبلة، واعتبروا أن الاجتماع محاولة لخلق توافق بين الآراء المختلفة حول اتفاق التعاون بين الخرطوم وجوبا الأخير. وتوقع عدد من المجتمعين أن تتنازل الخرطوم عن منطقة أبيي لصالح جنوب السودان في مقابل أن تحظى بمنطقة الميل «14»، وحذروا جوبا من الخطوة بأنها قد تقود إلى أزمة داخلية.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات محلية من ولاية الوحدة شاركت في الاجتماع ألقت باللوم على مسؤولي منطقة أبيي من دينكا نقوك في المفاوضات، الدكتور لوكا بيونق، ووزير شؤون مجلس الوزراء في جنوب السودان دينق ألور. وأضافت أنهم حملوا بيونق وألور مسؤولية تبعية منطقة هجليج وتسمى «ببانثو» في الجنوب إلى دولة الشمال بعد أن أدرجوها إلى أبيي، وقامت المحكمة الدولية بإخراجها من حدود المنقطة، وحذروا من اندلاع الحرب مجددا في حال عدم استردادها إلى جنوب السودان. كما شدد آخرون من ولاية غرب بحر الغزال من أن تقديم التنازلات في المناطق المتنازع حولها قد يقود إلى تداعيات خطيرة، وشككوا في اتفاق الحريات الأربع بين البلدين، وعبروا عن عدم رضاهم عنها. وقال أحدهم إن الاتفاق يعود بالفائدة الأكبر إلى السودان، وقال إن الخرطوم سترسل جواسيس لتخريب الجنوب.

من جانبه، قال بول مايوم، وزير الري والموارد المائية في جنوب السودان، إن الاتفاق الذي وقعته بلاده مع السودان فيه الكثير من الفوائد التي تعود على الدولة الجديدة خاصة في ما يتعلق بالسلام والاستقرار في الحدود والحريات الأربع، مشيرا إلى أن مواطنين من دولته كانوا يمتلكون عقارات خاصة في الخرطوم، وأن اتفاق الحريات الأربع سيمكنهم من بيعها إذا أرادوا إلى جانب التبادل التجاري مع السودان.