أهالي «سوات» في باكستان يخشون موجة اغتيالات بعد محاولة قتل «ملالا»

أوباما يصف الاعتداء بـ«الوحشي» و«الجبان».. والأمم المتحدة تطالب بتقديم الجاني للعدالة

باكستانيات يتجمعن لتلاوة آيات قرآنية طلباً لشفاء الفتاة ملالا بعد تعرضها لمحاولة اغتيال، في مدينة لاهور أمس (أ.ب)
TT

أثارت محاولة قتل فتاة معروفة بمعارضتها لطالبان في وضح النهار صدمة في كل أرجاء باكستان وكذلك التخوف من موجة اغتيالات محددة الأهداف في وادي سوات التي استعادها الجيش قبل 3 سنوات من أيدي المتمردين. ففي عام 2009 رحب سكان منطقة سوات بشمال غربي البلاد المسماة أيضا «سويسرا باكستان» لمعالمها السياحية وجبالها الخلابة بانتصار الجيش على رجال المولى فضل الله الزعيم الديني الذي استولى على المنطقة قبل سنتين من ذلك.

لكن بعد محاولة قتل ملالا يوسفزاي الفتاة البالغة 14 عاما والتي تعتبر «أيقونة السلام» لتنديدها قبل ثلاث سنوات بالفظائع المرتكبة من قبل طالبان في منطقتها، يتساءل السكان المحليون لماذا لم تؤمن الشرطة للفتاة الناشطة تدابير حماية متزايدة وعما إذا كان هذا الحادث مقدمة لهجمات محددة الأهداف.

وقال مختار يوسفزاي وهو ناشط محلي يدافع عن حقوق الإنسان لوكالة الصحافة الفرنسية «نخشى أن تكون محاولة قتل ملالا نقطة انطلاق لموجة اغتيالات محددة الأهداف». وأضاف أن أعيان المنطقة تلقوا تهديدات بالموت خلال الأشهر الأخيرة. وقتل اثنان منهم أحدهما افزاه خان العضو المؤسس لـ«جيرغا» سوات، مجلس الأعيان القبلي المحلي.

وقال المحلل الباكستاني امتياز غول لوكالة الصحافة الفرنسية «إنهم (طالبان) طردوا إلى خارج سوات لكن الخطر ما زال قائما. إنهم يعتقدون أن بإمكانهم الآن اختيار أهداف دقيقة ولذلك هناك موجة جديدة من الجرائم».

فقد اعترض مسلحان بعد ظهر الثلاثاء الحافلة التي كانت تستقلها الفتاة ملالا يوسفزاي وهي عائدة من المدرسة في مينغورا كبرى مدن وادي سوات.

وقال فخر حسن، 28 عاما، وهو من أقرباء الفتاة ومعلم في مدرستها «إن رجلا أوقف الحافلة وصوب بندقية إلى السائق فيما دخل آخر إلى الحافلة وطرح أسئلة بخصوص ملالا. وعندما تعرف إليها فتح النار عليها». ونقلت الفتاة على عجل إلى مستشفى في بيشاور حيث لا تزال في وضع حرج بحسب الأطباء الذين أخرجوا رصاصة من كتفها.

وقال حسن «لم نكن نتوقع مطلقا هذا الهجوم، كنا نخشى على زين الدين (والد الفتاة) لكنهم استهدفوا ملالا وهي طفلة بريئة»، لأن والد الطفلة ناشط مناهض لطالبان معروف في المنطقة وهو يترأس رابطة من 500 مدرسة خاصة في وادي سوات. وقال مقربون من العائلة إنهم طلبوا عبثا من الوالد تعزيز التدابير الأمنية تفاديا لهجمات تستهدف الفتاة وبقية الأسرة.

ومنذ محاولة قتل ملالا التي حصلت العام الماضي على الجائزة الوطنية الأولى للسلام، يتخوف أهالي سوات على أمنهم وخصوصا على أمن أولادهم.

وقال حبيب الله خان وهو تاجر في بازار مينغورا «كل شيء حصل في وضح النهار، ما يعني أن عناصر (متطرفة) ما زالت موجودة بيننا. ذلك أمر يثير القلق».

وأكد رحيم خان وهو قريب من عائلة ملالا أن «الوضع هادئ في سوات، لكن هذا الهجوم يثير تخوفنا على مستقبل أولادنا»، فيما استطرد أحمد شاه الذي يترأس شبكة مدارس محلية «إن هذا الهجوم يعني أن مدارسنا لم تعد أماكن آمنة، وإن أولادنا ليسوا في أمان».

وأضاف «إننا بحاجة للأمن وقد فشلت الحكومة تماما في حماية الطلاب». وتقول الشرطة المحلية إنها اعتقلت حوالي مائتي شخص على أثر هذا الهجوم الذي حطم المعنويات التي هي في الحضيض أصلا. وقد أطلق سراح معظم هؤلاء الأشخاص لكن حارس مدرسة وسائق الحافلة لا يزالان قيد التوقيف. إلا أن ثمة سؤالا لا يزال مطروحا وهو كيف تمكن المهاجمون من الفرار بسهولة من دون توقيفهم؟.

من جانبه، وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الاعتداء على ناشطة باكستانية ضد طالبان تبلغ من العمر 14 عاما بأنه هجوم «وحشي» و«جبان» مؤكدا أن واشنطن مستعدة لتقديم أي مساعدة ضرورية، حسب ما أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض. وقال المتحدث جاي كارني خلال لقائه اليومي مع الصحافيين إن أوباما يعتبر الاعتداء الذي تبناه متمردون إسلاميون واستهدف الثلاثاء ملالا يوسفزاي بأنه «ذميم وبشع ومأساوي». وأضاف كارني أن «استهداف الأطفال هو عمل وحشي وجبان ونحن نفكر فيها كثيرا وبكل الأطفال الآخرين الذي جرحوا وكذلك بعائلاتهم». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة منفتحة على كل مساعدة ضرورية لملالا وفي إطار هذا العرض فإن الجيش الأميركي موافق على إجلائها جوا ومعالجتها في أماكن تناسب وضعها الصحي إذا لزم الأمر».

ومن جهة أخرى، قال المتحدث باسم بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إن بان غاضب جدا لإطلاق حركة طالبان النار على التلميذة الناشطة.

وقال مارتن نسيركي المتحدث باسم بان للصحافيين «إنه غاضب جدا من هذا الهجوم شأنه في ذلك شأن الكثيرين في باكستان وفي أنحاء العالم. وهو يكتب رسالة لأسرة ملالا يوسفزاي للتعبير عن مساندته». ودعا بان في بيان إلى «سرعة تقديم المسؤولين عن هذا العمل الشائن الجبان إلى العدالة»، قائلا إنه «تأثر بشدة» بجهود ملالا يوسفزاي الشجاعة للدفاع عن الحق في التعليم. وعبر بان عن تعاطفه مع أسر الفتيات الثلاث. ونددت مبعوثته الخاصة لشؤون الأطفال والصراع المسلح ليلى الزروقي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بالهجوم. وقالت ليلى الزروقي في بيان «التعليم حق أساسي لكل الأطفال. يجب أن تحترم (طالبان الباكستانية) حق كل الأطفال بمن فيهم الفتيات في التعليم وفي الذهاب إلى المدرسة والعيش في سلام».