طالباني وبارزاني يؤكدان على الالتزامات الدستورية وتفعيل اتفاقية أربيل

رئيس إقليم كردستان يتمسك بحق تقرير المصير

TT

أجرى الرئيس العراقي جلال طالباني محادثات ثنائية مع رئيس إقليم كردستان في أربيل التي وصل إليها مساء أول من أمس، قبل أن يجتمعا مع المكتبين السياسيين لحزبيهما، وتشاور الزعيمان حول الأجواء السياسية الحالية والبحث عن آفاق لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد، في وقت جدد فيه الزعيم الكردي مسعود بارزاني تمسكه بحق تقرير المصير وكونه حقا مشروعا للشعب الكردي، لكنه استدرك قائلا إن «زمن الوصول إلى تحقيق هذا الحق بالحرب والقتال قد ولى، وحان الوقت لكي نحصل عليه بالحوار السياسي».. فبعد انتظار طويل دام أكثر من أربعة أشهر التقى الزعيمان الكرديان جلال طالباني رئيس الجمهورية، ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان في أربيل أمس (الجمعة) للتباحث حول العديد من الملفات السياسية في مقدمتها مسألة الحوار الوطني الذي سبق أن بادر الرئيس طالباني بطرحها على الفرقاء المعنيين بالأزمة كسبيل وحيد للخروج بحلول توافقية لها، إلى جانب بحث الوضع الإقليمي في ضوء التطورات الأخيرة على الصعيد السوري، وعلاقات الحزبين المستقبلية.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» قال عدنان المفتي عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه طالباني، إن «المحادثات جرت في أجواء إيجابية وصريحة، تم خلالها تبادل الآراء بين قادة الحزبين حول الأمور المطروحة حاليا وفي مقدمتها مسألة الحوار الوطني لحل الأزمة السياسية، حيث شدد الزعيمان على أهمية اعتماد الحلول الدستورية للأزمة وللصراعات القائمة حاليا بين القوى العراقية، والعودة إلى اتفاقية أربيل وتنفيذ النقاط المتوقفة منها، وخاصة ما يتعلق بتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية، إلى جانب الوضع الإقليمي والموقف الكردي من تداعياته وتأثيراته المستقبلية على كردستان، وكذلك تم بحث العلاقات الاستراتيجية بين الحزبين ومصير التحالف القائم حاليا بينهما». وكشف المفتي في تصريحه عن أن «الزعيمين اتفقا على ضرورة مواصلة جهودهما المشتركة لإخراج العراق من أزمته السياسية المتفاقمة، حيث سيواصل الرئيس طالباني جهوده الخيرة مع القادة العراقيين والكتل السياسية في بغداد، بينما يستمر الرئيس بارزاني بمشاوراته مع قادة الأحزاب والقوى الكردية لتوحيد الموقف الكردي من هذه الأزمة ومن مجمل العلاقة بين الإقليم والمركز، وأكد الجانبان على ضرورة توجيه المسارات باتجاه أكثر إيجابية نحو تحقيق الحل السريع للأزمة السياسية التي بدأت تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين وتؤثر أيضا على الوضعين السياسي والأمني في عموم أنحاء العراق». وأضاف أن «المشاورات بين الحزبين والزعيمين ستستمر في الفترة القادمة بهذا الخصوص».

في غضون ذلك، جدد الزعيم الكردي مسعود بارزاني موقفه من مسألة حق تقرير المصير للشعب الكردي، وقال في مؤتمر علمي عقد أمس في أربيل، إن «تثبيت حق تقرير المصير لشعبنا الكردي هو مكسب كبير علينا أن نناضل من أجل تحقيقه، فنحن أمة يجب أن نفكر بمستقبلنا ومن حقنا أن نقرر مصيرنا، ولكن يجب علينا أن نفكر بشكل واقعي، فزمن النضال المسلح لتحقيق هذا الحق قد ولى، وحان الوقت لكي نسعى لتحقيقه عبر النضال السلمي والسياسي ومن خلال كسب الدعم الدولي». وأضاف أن «ما تحقق اليوم لشعبنا لم يأت بسهولة، بل دفعنا من أجله تضحيات غالية وكبيرة من 180 ألف مواطن ذهبوا ضحية حملات الأنفال وآلاف قضوا بالغازات الكيماوية ومئات ألوف الشهداء الآخرين وقعوا خلال مسيرتنا النضالية، ولذلك فإن ما تحقق اليوم هو أمانة في أعناقنا جميعا، ويجب أن تكون تجربتنا الديمقراطية شعلة تنير الدرب أمام الجميع، وأود أن أؤكد أنه ليس هناك شيء مستحيل لبناء مستقبلنا، ولكن علينا أن نعرف موضع خطواتنا ومتى يجب علينا أن نتقدم».

وأشار بارزاني في كلمته أمام المؤتمر العلمي الثاني للجاليات الكردية بالخارج والذي انطلق أمس في أربيل قائلا «نحن في هذه المرحلة بحاجة إلى إنهاض بنيتنا الاقتصادية بحيث لا نكون بحاجة إلى أي شيء من الخارج، ورغم أن شعبنا حرم من بناء دولته في الفترات السابقة، ولكن بجهود شعبنا ودعم أصدقائه في أنحاء العالم استطعنا أن نبني هذا الكيان وأن نكون أصحاب البرلمان والحكومة، ونحن شعب ظلمنا طوال تاريخنا، ولتعريف قضيتنا للعالم خضنا حربا طويلة، ولكننا اليوم تجاوزنا هذه المرحلة وأصبح لدينا أكثر من 20 قنصلية للعديد من الدول الأوروبية والعربية، منها قنصليات لأربع دول دائمة العضوية بمجلس الأمن». وخاطب بارزاني أعضاء المؤتمر قائلا «أنتم مناضلون مثل البيشمركة تسهمون في بناء بلدكم عبر العلم والتكنولوجيا، ونحن بحاجة إلى خبراتكم ومهاراتكم العلمية، ورغم أننا حققنا الكثير في إقليمنا، ولكننا نعترف بأن هناك الكثير من النواقص والخلل في الإدارة، وعليه فنحن بحاجة إليكم لتنقلوا لنا خبراتكم واختصاصاتكم وأن تسهموا في تصحيح مسار مسيرة البناء، ونحن مستعدون لدعمكم بكل أشكال الدعم المطلوب».