السياسة الخارجية تهيمن على المناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس الأميركي

ريان يتهم أوباما بـ «عدم المصداقية» تجاه إيران.. وبايدن: الرئيس شن أقسى حملة عقوبات ضد طهران في التاريخ

بايدن (يسار) وريان (يمين) خلال المناظرة التي أدارتها المذيعة مارثا رادتز الليلة قبل الماضية (إ.ب.أ)
TT

بعد المناظرة التي جمعت الأسبوع الماضي بين الرئيس الأميركي المرشح لولاية ثانية، باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، والتي عزز فيها الأخير أسهمه وسط الناخبين، تعلقت آمال الديمقراطيين بالمناظرة التلفزيونية بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، الديمقراطي جوزيف بايدن، والجمهوري بول ريان، وهي المواجهة التي حدثت الليلة قبل الماضية وأجمع عدد كبير من المراقبين والصحافيين على أن بايدن هو الذي انتصر فيها.

وغداة المناظرة التي جرت في كنتاكي، خرجت عدة صحف أميركية أمس بعناوين رئيسية مثل: «بايدن أعطى أوباما أملا» و«بايدن حاول إصلاح أخطاء أوباما» و«بايدن يهاجم وريان يحاول الرد» و«بايدن حقيقي وريان بلاستيكي» و«ضحكات وابتسامات بايدن الساخرة فازت» و«كبر سن بايدن تفوق على شباب ريان».

أدارت المناظرة المذيعة في تلفزيون «إيه بي سي» مارثا رادتز، وقد تشددت في إدارة المناظرة بعد أن كان المذيع في تلفزيون «بي بي إس»، جيم ليرار الذي أدار المناظرة الأولى بين أوباما ورومني، قد اتهم بالتقصير وبأنه أعطى الرجلين حرية جعلتهما يناقشان بعضهما البعض، رغم أن ذلك جاء في صالح رومني.

وبينما وقف أوباما ورومني أثناء مناظرتهما، جلس بايدن وريان جنبا إلى جنب، وقدم ذلك صورة جعلت بايدن الأكبر سنا يتفوق على ريان وكأنه والده ينصحه، ويكاد يمسك بيده. وبالإضافة إلى مناقشات بايدن وريان حول الوضع الاقتصادي، حيث كرر كل جانب مواقف حزبه، سيطرت السياسة الخارجية على المناظرة، وخاصة موضوعي إيران وليبيا.

وأمام انتقادات عنيفة من ريان حول الطريقة التي عالجت بها إدارة الرئيس أوباما الهجوم على بنغازي والذي تسبب في قتل كريستوفر ستيفنز، السفير الأميركي في ليبيا، وثلاثة من مرافقيه، كان بايدن في موقف المدافع. وقال: «أقدم تعهدين لك ولجميع الشعب الأميركي الليلة، سوف نجد ونقدم إلى العدالة الرجال الذين فعلوا هذا. وسوف تصل تحقيقاتنا إلى أعماق الموضوع، حتى يكون واضحا للرأي العام الأميركي أنه مهما كانت هناك أخطاء، فلن تتكرر مرة أخرى».

وبالإضافة إلى دفاع بايدن عن أوباما في موضوع ليبيا، دافع عنه في مواضيع أخرى، أمام اتهامات ريان. فحول العراق، قال بايدن: «قال الرئيس إنه سوف ينهي الحرب. وقال رومني هذا خطأ مأساوي، وينبغي ترك 30 ألف جندي هناك. لكن الرئيس أنهى الحرب». كما أشار بايدن إلى حسم أوباما موضوع وضع تاريخ لإنهاء الحرب في أفغانستان، وقال: «قال الرئيس إنه سينهي الحرب في عام 2014، بينما قال رومني إنه لا ينبغي وضع تاريخ لذلك».

غير أن ريان ركز على تقصير أوباما في ليبيا. وقال: «قضى الرئيس أسبوعين، ثم أعلن الاعتراف بأن هذا هجوم إرهابي. سفيرنا في باريس تحرسه فرقة تابعة للبحرية. ألا ينبغي أن تكون لدينا فرقة تابعة للبحرية لتحرس سفيرنا في بنغازي، حيث نعلم كلنا أن هناك خلية تابعة لتنظيم القاعدة، ومسلحة؟».

وعن العراق، لم يعارض ريان الانسحاب، لكنه انتقد ترتيبات ما بعد الانسحاب. وقال: «كان لدينا نفس الموقف قبل الانسحاب، واتفقنا عليه مع إدارة أوباما. ودعونا إلى اتفاقية للتأكد من تأمين المكاسب التي حققناها. نائب الرئيس هو المسؤول عن تلك المفاوضات، لكنهم فشلوا في الحصول على اتفاق (مع الحكومة العراقية)».

وعن أفغانستان، أيضا، لم يعارض ريان الانسحاب، لكنه خاف مما بعد الانسحاب. وقال: «الموعد النهائي هو عام 2014، ونحن نتفق على مرحلة انتقالية حتى عام 2014. لكن، نريد التأكد من عدم إبراز ضعف في الخارج. لكن، هذا ما يحدث هنا».

كما انتقد ريان سياسة إدارة الرئيس أوباما نحو إيران وسوريا، وقال: «عندما بدأت الثورة الخضراء، وعندما كان الملالي يهاجمون شعبهم، كان يجب على الرئيس أن يواجههم. وما كان يجب أن نصف (الرئيس السوري) بشار الأسد بأنه مصلح عندما كان يوجه المدافع الروسية نحو شعبه. ينبغي دائما أن نقف إلى جانب السلام، والديمقراطية، والحقوق الفردية».

ثم تباينت ردود الرجلين حول الخيار العسكري تجاه إيران، وتعليقا على تصريحات أدلى مؤخرا وزير الدفاع السابق روبرت غيتس، قال فيها: «لن يكون الحل هو ضرب المنشآت الإيرانية. يمكن أن تكون الضربة كارثية، وتطاردنا لأجيال». فقد رد ريان على السؤال بقوله: «لا يمكن أن نسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية. عندما انتخب باراك أوباما رئيسا، كان لدى الإيرانيين ما يكفي من المواد الانشطارية النووية لصنع قنبلة واحدة. الآن لديهم ما يكفي لخمس. إنهم يسرعون نحو سلاح نووي. إنهم كسبوا أربع سنوات نحو القدرة على إنتاج أسلحة النووية».

واتهم ريان إدارة الرئيس أوباما بالتقصير في مواجهة إيران. وقال إن رومني هو الذي اقترح عقوبات متشددة، مثلا على البنك الإيراني المركزي، في عام 2007، وإنه هو نفسه كان في الكونغرس، يدعو لهذه العقوبات المتشددة منذ 2009. واتهم إدارة أوباما بأنها «عرقلت كل خطوة منا على الطريق»، وإن الكونغرس ما كان سيجيز العقوبات المتشددة الأخيرة إلا بعد اتفاق بين قادة الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين.

وقال ريان إن إيران تزيد نشاطاتها «الإرهابية»، وإنها «حاولت شن هجوم إرهابي في الولايات المتحدة في العام الماضي عندما حاولت اغتيال السفير السعودي في أحد مطاعم العاصمة واشنطن». وانتقد ريان مصداقية سياسة أوباما نحو إيران، مشيرا إلى أنه الرئيس يقول إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، لكنه يرسل مسؤولين كبارا لإصدار تصريحات فيها إشارات مختلطة. وقال ريان أيضا إن الجمهوريين ليسوا ضد الحل السلمي، لكن «لا بد من تغيير عقول الملالي». وقال: «إنهم يتحركون سريعا نحو سلاح نووي. وسبب هذا هو أن هذه الإدارة لا مصداقية لها في هذه القضية. وأن هذه الإدارة تخفف العقوبات، أو تؤخرها، أو تمنع وضع عقوبات صارمة».

لكن في الجانب الآخر، دافع بايدن عن سياسة أوباما نحو إيران، وقال: «تصورا لو تركنا للكونغرس الجمهوري وضع العقوبات على إيران. لن تكن هناك إمكانية أن تنضم إلينا روسيا والصين (بسبب تشدد الجمهوريين نحو الدولتين)، وكل حلفائنا. لكن الرئيس قاد حملة لوضع أقسى العقوبات في التاريخ».

وتحدث بايدن عن «قدرة الولايات المتحدة في القيام بعمل عسكري»، وقال: «ليس في نطاق اختصاصي الحديث عن معلومات سرية. لكن، نشعر نحن، في ثقة تامة، بأننا يمكن أن نوجه ضربة خطيرة للإيرانيين». غير أن بايدن اختلف مع ريان في أن الإيرانيين قريبون جدا من صنع قنبلة نووية. وقال بايدن: «الإيرانيون وإسرائيل والولايات المتحدة وأجهزتنا العسكرية والاستخباراتية تقول تماما نفس الشيء حول قدرة الإيرانيين الحالية للحصول على سلاح نووي. إنهم (الإيرانيين) بعيدون جدا. لا يوجد فرق بين وجهة نظرنا ووجهة نظرهم».

واختلف بايدن مع ريان حول نسبة وأهمية المواد النووية الانشطارية في إيران. وقال بايدن: «على الإيرانيين رفع نسبة التخصيب إلى أكثر من 20 في المائة. ثم إنهم يجب أن يكونوا قادرين على الحصول على شيء (صواريخ) لوضعها فيها. لا يوجد أي سلاح (نووي) عند الإيرانيين في هذه المرحلة. سنعرف، الإسرائيليون ونحن، متى يبدأون عملية بناء سلاح (نووي)». وتساءل بايدن: «ماذا يمكن للرئيس أن يفعل أكثر من ذلك؟ وقف أمام الأمم المتحدة، وخاطب العالم كله، واتصل بآية الله (خامنئي مرشد الثورة) مباشرة، وقال إننا لن نسمح لهم بالحصول على سلاح نووي. ماذا يمكن للرئيس أن يفعل غير أن يعلن الحرب؟».

ورد ريان «دعونا ننظر في هذا الموضوع من وجهة نظر الملالي. ماذا يرون؟ يرون هذه الإدارة تحاول تخفيف العقوبات التي أعلنها الكونغرس، تحاول لأكثر من عامين، ويرون أنفسهم يتحركون سريعا نحو سلاح نووي. إنهم يرون أنفسهم يسرعون التخصيب الإشعاعي، ويرون الرئيس وهو يعلن أهمية خلق مساحة بيننا وبين حليفتنا إسرائيل. ويرون الرئيس في نيويورك يرفض الاجتماع مع نتنياهو (رئيس وزراء إسرائيل). ويرون الرئيس، بدلا عن ذلك، يظهر في برنامج مقابلات تلفزيونية (في برنامج نسائي في نيويورك)». وأضاف ريان: «إنهم (الإيرانيين) لا يغيرون رأيهم. لهذا، علينا تغيير أذهانهم حتى يتوقفوا عن السعي لامتلاك أسلحة نووية».

وفي إجابة عن سؤال حول رسم اقتراب إيران من إنتاج قنبلة نووية الذي عرضه نتنياهو أمام الأمم المتحدة، قبل أسبوعين، وإذا كان رومني، إذا فاز، سيقدر على وقف إنتاج القنبلة خلال شهرين، كما كان قال نتنياهو، قلل ريان من توقيت نتنياهو، وقال: «يمكننا أن نناقش جدولا زمنيا. يمكننا أن نناقش وضع خط وقتي: وقت قصير، أو لفترة أطول. أنا أوافق على أنه من الأرجح أن يكون الوقت أطول». واتفق بايدن مع قول غيتس، وزير الدفاع السابق، الذي حذر من هجمة على إيران، وقال: «يمكن أن تكون كارثية، وتطاردننا لأجيال»، بينما رد ريان: «هذا مثال آخر عن افتقارنا إلى المصداقية. يسمع آية الله هذا، ويقول: أسرعوا بإنتاج القنبلة».