بايدن سعى لإصلاح أضرار أوباما وأبدى تفوقه بفعل الخبرة والسن

ريان أراد إبراز الجانب الإنساني في المرشح الجمهوري وتفنيد مقولة ابتعاده عن المواطنين البسطاء

TT

كان هجوما عنيفا بقدر ما كان مناظرة. اعتلى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن المنصة الليلة قبل الماضية للدخول في معركة مع الرجل الذي يسعى ليحل محله، النائب بول ريان (الجمهوري عن ولاية ويكسنسون). ولكن منذ اللحظة التي بدأت فيها المناظرة في دانفيل بولاية كنتاكي، بدا واضحا للعيان أن مهمة بايدن الحقيقية هي القيام بما فشل الرئيس باراك أوباما في القيام به في أدائه الباهت الذي تعوزه الحيوية في مواجهة المرشح الجمهوري ميت رومني في الأسبوع الماضي.

وفي إطار قيامه بهذا، كان بايدن يسعى لإصلاح الخلل الناجم عن زلة أوباما، والتي حركت أعداد المقترعين عبر الولايات باتجاه الحزب الجمهوري. وفي قضية تلو الأخرى، دافع بايدن عن فكرة أن إدارة أوباما قد صورت برنامج الحزب الجمهوري بوصفه لا يتماشى مع اهتمامات الأميركيين العاديين.

«كم من الهراء»، هكذا تحدث بايدن حينما حذر ريان من أن خفض نفقات «الدفاع» من شأنه أن يجعل الدولة ضعيفة. وأضاف نائب الرئيس حينما تحول الموضوع إلى الاقتصاد: «لم ألتق مطلقا بأشخاص يتناولون قضايا أميركا التي تهم المواطنين من جميع الفئات أكثر منهما».

وعلى الجانب الآخر، آثر ريان توخي الحذر، ساعيا لتجنب الزلات ولإبراز غموض السياسة المالية التي قد اكتسبها بوصفه رئيسا للجنة الميزانية بمجلس النواب ولطمأنة الناخبين المتأرجحين إلى أن سياسات رئاسة رومني المفترضة لن تقوض البرامج الاجتماعية.

ما زالت هناك عدة أيام قبل أن يتضح ما إذا كان أي من المرشحين قد فعل الكثير من أجل تغيير ديناميكية السباق؛ وتشير الاقتراعات الفورية إلى أن المشاهدين اعتبروا أن المنافسة تشكل عنصر جذب كبيرا.

حينما كان يتحدث، هيمن بايدن على المناظرة وعلى منافس يصغره بسبعة وعشرين عاما. وعلى الرغم من أن بايدن رجل يشتهر بارتكاب أخطاء هائلة، فإن أسوأ لحظاته جاءت عندما لم يكن يتحدث، ولكنه ظل تحت أضواء الكاميرا.

حينما تحدث ريان، التقطت الشاشة المنقسمة ابتسامات بايدن العريضة وضحكاته، التي تعبر عن تجاهله واحتقاره لآراء خصم اعتاد وصفه بكلمة «صديقي»، وبدا لا يقوم بأي محاولة لكبت تلك الآراء.

وعلى الرغم من أن مقاطعات بايدن المتكررة ربما أسهمت في زيادة حماس الديمقراطيين المخلصين، فإنها ربما بدت مبالغا فيها بالنسبة للمشاهدين الأقل تحيزا.

«سيدي نائب الرئيس، أعلم أنك واقع تحت وطأة قدر كبير من الإكراه لتعويض الخسارة، لكنني أعتقد أن الناس سيخدمون بشكل أفضل إذا لم نستمر في اعتراض مسار حديث بعضنا البعض»، هكذا تحدث ريان في أحد المواضع.

قدم بايدن الكثير من الحجج التي عجز أوباما، لأي سبب كان، عن تقديمها في مناظرته أمام رومني. فعلى سبيل المثال، أثار بايدن تعليقا مثيرا للجدل لرومني تم تسجيله على شريط فيديو، والذي أشار فيه المرشح الرئاسي الجمهوري إلى أن نسبة السبعة والأربعين في المائة من الأميركيين الذين لا يدفعون ضرائب الدخل هم عالة يركنون إلى الحكومة ويعتبرون أنفسهم ضحايا. وقال بايدن: «هؤلاء هم أمي وأبي والأشخاص الذين تربيت معهم وجيراني». وأضاف: «إنهم يدفعون قدرا أكبر من الضرائب الفعلية (عبر الرواتب وضرائب أخرى) مما يدفعه رومني في ضريبة دخله الفيدرالي. إنهم أشخاص متقدمون في العمر يعيشون في واقع الأمر على الأمن الاجتماعي. إنهم محاربون قدامى وأشخاص يقاتلون في أفغانستان الآن».

ودافع ريان عن رومني، منتزعا ضحكات الجمهور حينما أشار قائلا «نائب الرئيس يعلم جيدا جدا أنه في بعض الأحيان لا يمكنك أن تخرج الكلمات من فمك بالصورة المناسبة». لكن بايدن سارع بالرد قائلا «لكنني دائما أقول ما أعنيه. وهذا ما يفعله رومني بالمثل».

تمثلت إحدى مهام ريان في إظهار جانب أكثر وداعة من جوانب شخصية رومني، صاحب الامتيازات الذي يعتبره كثيرون بمعزل عن الأميركيين البسطاء.

حكى ريان قصة عن مساهمة رومني في مد يد العون لأسرة أصيب أطفالها في حادث سيارة، وأثنى على المرشح الرئاسي الجمهوري لتبرعه بنسبة 30 في المائة من دخله للأعمال الخيرية. ورد بايدن قائلا «توقف عن الحديث عن اهتمامك بالناس. أظهر لي شيئا. قدم لي سياسة».

قدم بايدن إلى ساحة المناظرة بخبرات أكثر بكثير من خبرات ريان في ذلك النوع من السياقات. تم انتخاب بايدن لعضوية مجلس الشيوخ حينما كان عمر ريان عامين فقط، وخاض سباق الترشح للرئاسة مرتين وكان ينافس سارة بالين حاكمة ولاية ألاسكا في ذلك الوقت في مناظرة بين مرشحين لمنصب نائب الرئيس قبل أربعة أعوام.

ويضاف إلى التحدي الذي واجهه ريان حقيقة أنه قبيل انضمامه إلى برنامج رومني، كان قد بنى سمعة كقوة ثقافية داخل حزبه، بوصفه واضع خطة مالية تبناها الجمهوريون في مجلس النواب.

من ثم، فإضافة إلى دعم سياسات رومني، تعين عليه الدفاع عن سياساته ومن بينها اقتراح مثير للجدل بتحويل «ميديكير» إلى نظام يتمتع بموجبه المسنون بخيار التسوق الذي تغطي نفقاته الحكومة.

ثبت أن المناظرة التي تسبق موسم الانتخابات الرئاسية الحالي مواجهة جريئة، تثير ردود فعل تفوق تلك التي أثارها المتنافسان على منصب الرئاسة في مناظرتهما الأولى. غير أن التاريخ يشير إلى أن مناظرات المرشحين لمنصب نائب الرئيس قلما تؤثر بدرجة كبيرة في تغيير مسار حملة انتخابية. وأي تأثير ربما تحمله هذه المناظرة سوف يختفي بالتأكيد حينما يلتقي أوباما ورومني يوم الخميس في ثاني مناظرة لهما، في جامعة هوفسترا في لونغ آيلاند. حينها، سيتمثل الموقع في مبنى بلدية، والذي سوف يطرح فيه أعضاء من الجمهور معظم الأسئلة. وبدلا من الاعتماد على نائبه كوكيل، سوف يستعرض أوباما عضلاته في مناظرة هجومية.

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»