«مليونيات التحرير» فرصة لأطفال الشوارع للحصول على وجبة طعام «مجانية»

أحدهم قال لـ«الشرق الأوسط»: أيام الثورة كان الطعام جيدا والآن أصبح «فول وطعمية»

TT

«الطعام لكل فم».. مشهد مسرحي مليء بالشجن جسده الكاتب المصري توفيق الحكيم على خشبة المسرح في ستينات القرن الماضي، لكنه يستنسخ نفسه بقوة وبأبطال جدد على مسرح أكثر اتساعا وتوترا هو مسرح ميدان التحرير أيقونة الثورة بالقاهرة. فعلى الرغم من المخاطر الجمة التي يتعرضون لها جراء الوجود وسط المظاهرات خاصة في الأحداث الساخنة التي تشهد اشتباكات، وزيادة احتمالات تعرضهم للاعتقال من قبل الشرطة مثلما حدث في كثير من الأحداث، فإن أطفال الشوارع والمشردين، يبدون الأسعد حظا بمليونيات ميدان التحرير، فبغض النظر عن موضوعها ومطالبها السياسية التي لا تعنيهم في شيء، فإنها تشكل فرصة كبيرة لهم في الحصول على وجبة طعام جيدة و«مجانية» قلما يستطيعون الحصول عليها في الأيام العادية. ولا يكترثون من أجلها بمخاطر التعرض للإصابة وسط الاشتباكات، أو خطر الاعتقال من الشرطة وتقديمهم للمحاكمة على خلفية قضايا سياسية لا يعرفون عنها شيئا مثلما حدث في أحداث السفارة الأميركية، حيث كان من بين من تم اعتقالهم خلال الأحداث عدد من هؤلاء الأطفال، ربما لأن الطبيعي أن الشرطة تلاحقهم في الأوقات العادية بتهم تتنوع بين التسول والتشرد.

كما أن تعبير «أطفال الشوارع» يعد اتهاما مستقلا بذاته حسب وصف أحد هؤلاء الأطفال ويدعى محمد عنتر (12 عاما) الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خلال وجوده في مليونية أمس بميدان التحرير قائلا: «لا أعرف سبب المظاهرات لكني أحضر دائما لأن بعض الأشخاص يعطوننا طعاما دائما، وأحيانا كلما شعرت بالجوع ولم أجد طعاما أتمنى أن توجد مظاهرات في ميدان التحرير حتى يمكنني الحصول على طعام حتى لو كان فول وطعمية». وأضاف: «أنزل إلى الميدان منذ بداية الثورة، وفي الأيام الأولى كان الطعام جيدا جدا وكثيرا، حيث كان يتم توزيع وجبات فراخ ولحوم وساندويتشات هامبورغر، وكنت آكل كميات كبيرة، أما هذه الأيام فغالبا ما يكون الطعام فول وطعمية أو كشري».

ويأتي أطفال الشوارع والمشردون إلى ميدان التحرير بحثا عن وجبة طعام مجانية، قد يحصلون عليها من الوجبات التي يقوم بعض النشطاء بشرائها على نفقتهم الخاصة لتوزيعها على زملائهم المتظاهرين، أو من الوجبات التي تقوم مجموعات سياسية عن طريق جمع النقود من بعضهم البعض كل على قدر استطاعته، كما يقوم في بعض الأحيان باعة الطعام الذين ينتشرون في الميدان وقت المليونيات بالإشفاق على هؤلاء الأطفال وإعطائهم وجبة مجانية من الفول أو الطعمية أو ساندوتشات الجبنة والبيض.

وقال فرج (10 سنوات) وهو طفل اكتفى بذكر اسمه الأول، واشترط الحصول على سيجارة ليتحدث إلى «الشرق الأوسط» قائلا: «أنام في أي مكان على الكورنيش، والمظاهرات فرصة كبيرة للحصول على الطعام والسجائر، فمعظم الناس يعطوننا من الطعام الذي معهم، حتى الباعة أحيانا يعطوننا طعاما مجانيا، وفي بعض الأحيان نقوم بمساعدتهم في غسل الأشياء دون أن يطلبوا منا، لكن المشكلة أن معظم الناس يرفضون إعطاءنا السجائر بحجة أننا صغار السن ولا يجب أن ندخن».

وقال عبده حسين وهو بائع على عربة فول بميدان التحرير لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء الأطفال غلابة ومظلومون، أقوم كثيرا بإعطائهم ساندويتشات لأنهم يبدو عليهم أنهم لم يأكلوا منذ فترة، وليس ذنبهم أنهم أصبحوا على هذه الحال».

ولم تحظ قضية أطفال الشوارع باهتمام الرئيس المصري محمد مرسي، رغم تحذيرات عديدة أطلقها خبراء ومنظمات حقوقية تعمل على القضية، إذ تقول المنظمات إنه أساسا لا توجد إحصائيات رسمية بعدد أطفال الشوارع، الذين تقدرهم المنظمات بمئات الآلاف، لكن توجد جهود لبعض المؤسسات الرسمية التي بدأت الاهتمام بالقضية حيث يعقد مجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان) جلسة غدا لمناقشة قضية أطفال الشوارع، فيما تعقد لجنة التنمية البشرية والإدارة المحلية بالمجلس بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة ورشة عمل الثلاثاء المقبل 16 أكتوبر (تشرين الأول) بعنوان «أطفال الشوارع.. القوة والتهديدات».