الجيش النظامي يتكبد أكبر الخسائر منذ اندلاع الثورة

مقتل 106 جنود خلال يومين.. والجيش الحر يعلن السيطرة على كتيبة صواريخ وبلدات حدودية

أحد عناصر الجيش الحر يحاول تهدئة طفل يبكي في مستشفى دار الشفاء بحلب الأربعاء (أ.ب)
TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تكبد قوات الأمن السورية في اليومين الماضيين أكبر الخسائر منذ اندلاع الثورة في مارس (آذار) 2011، إذا أفيد بمقتل 92 جنديا نظاميا يوم الخميس جراء هجمات عدة لا سيما في إدلب، حيث قتل 39 عسكريا، بجانب 14 عنصرا آخر صباح يوم أمس الجمعة، في هجوم للمقاتلين المعارضين على حاجز في قرية خربا قرب بلدة معربة في محافظة درعا، لتصبح الحصيلة مقتل نحو 106 جنود نظاميين خلال يومين.

وقد تزامن تصاعد وتيرة العنف مع تحقيق قوات المعارضة في جمعة «أحرار الساحل يصنعون النصر» مكاسب استراتيجية خاصة في إدلب وحلب، إذ أفاد ناشطون سوريون بسيطرة كتائب تابعة للجيش الحر على قرية كفرحوم على الحدود مع تركيا، وقرية دركوش في جسر الشغور بإدلب، كما أعلنت جبهة النصرة الاستيلاء على كتيبة للصواريخ على طريق الباب - حلب.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلين من الكتائب الثائرة تمكنوا من السيطرة على حاجز معمل الزيت الذي يعد نقطة تمركز للقوات النظامية غرب مدينة سراقب التي تسيطر عليها المعارضة والواقعة جنوب حلب.

وتستمر المعارك الضارية في محيط مدينة معرة النعمان في إدلب التي سيطر عليها المقاتلون المعارضون. وأشار المرصد إلى أن القوات النظامية لجأت إلى الطيران الحربي في استهداف مبنيين في معرة النعمان، تزامنا مع محاولتها استعادة هذه المدينة الاستراتيجية التي تمر بها حكما كل تعزيزات القوات النظامية المتجهة إلى حلب.

كما تدور اشتباكات عنيفة «بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في محيط معسكر وادي الضيف الذي يحاصره المعارضون منذ ثلاثة أيام»، بحسب المرصد. وتم اعتراض اتصال لاسلكي سمع فيه قائد المعسكر وهو يوجه نداء استغاثة ويقول، بحسب المرصد الذي حصل على تسجيل للاتصال «إن لم تقم الطائرات بتنظيف محيط المعسكر، فسوف أسلم بنهاية النهار». وأفاد المرصد بتعرض أحياء الحيدرية والسكري والفردوس لقصف من القوات النظامية، بعد اشتباكات ليلية على أطراف أحياء الصاخور وسليمان الحلبي والشيخ خضر.

وفي إدلب، ذكرت شبكة «شام» أن الطيران الحربي قصف بعنف مدينة معرة النعمان، كما قصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ بلدة كورين بريف إدلب. وفي غضون ذلك، تجدد القصف على خان شيخون بالمدفعية الثقيلة والطيران المروحي. وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى العثور على خمس جثث مجهولة لأشخاص أعدموا ميدانيا في حي برزة بدمشق، بالتزامن مع قصف عنيف من الطيران المروحي على بلدة معربة بريف درعا وحملة دهم للمنازل واعتقالات تشنها قوات أمن النظام في حي التضامن وحي نهر عيشة بالعاصمة.

واستهدف القصف المدفعي مدينة داريا بريف دمشق، وتركز على الجهة الغربية من المدينة. وقد سقطت عشرات القذائف على بلدة مسرابا في ريف دمشق، وفق الهيئة العامة للثورة التي أشارت إلى عدد غير معروف من الإصابات. ووثقت الهيئة سقوط ستة قتلى في بلدة معربة بريف درعا أثناء الاشتباكات بين قوات جيش النظام والجيش الحر أثناء الهجوم على حاجز خربة وكتيبة السهوة بعد قصف المدينة ببراميل «TNT» المتفجرة من قبل الطيران المروحي والمدفعية الثقيلة.

كما تحدث ناشطون عن نجاحات للجيش الحر بالساحل السوري قالوا إنها قد تسفر عن إكمال سيطرة الجيش الحر على حدود سوريا الشمالية مع تركيا بعد أن بدأت المعارك تزحف من إدلب وجسر الشغور باتجاه شمال اللاذقية.

أما في حمص، فتحدث ناشطون عن سقوط جرحى في قصف بالطيران الحربي على مدينة الرستن بريف حمص، فيما يستمر قصف الجيش النظامي على الأحياء المحاصرة بحمص المدينة. وفي تلبيسة، نشر ناشطون صورا على الإنترنت تظهر تشكيل كتيبة مقاتلة جديدة تابعة للواء تلبيسة وسط أنباء عن تجدد القصف على المدينة.

وبالتزامن، تحدث قيادي بارز للجيش الحر في حمص لـ«الشرق الأوسط» عن قصف عنيف لا يزال يتعرض له حي الخالدية في مسعى للجيش النظامي لاقتحامه. وأضاف «لقد حاولت قوات الأمن اقتحام الحي أكثر من مرة، وعبر أكثر من محور، لكن الثوار تصدوا لها وبقوة موقعين عددا من القتلى والجرحى في صفوفها».

وأوضح المصدر القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «أهالي حمص يعانون الأمرين جراء الحصار الخانق الذي يفرضه النظام وتصاعد الحملة العسكرية مؤخرا وبشكل عنيف جدا في محاولة لدخول الأحياء التي يتخوف سكانها من أن يكونوا ضحايا مجازر يرتكبها النظام بحقهم كونهم يناصرون الثورة».

وبالتزامن، تحدثت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن العثور على جثة مدير المشفى الجامعي في حلب مصابة بطلقات نارية بعد أسابيع من خطفه. وأشارت الوكالة إلى أن «مجموعة إرهابية مسلحة» كانت خطفت تسابحجي منذ ستة أسابيع من أمام منزله في حي السبيل في المدينة. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المدينة نقلا عن طبيب مقرب من تسابحجي رفض كشف اسمه أن «مجموعة ادعت أنها من الجيش الحر» فاوضت عائلة تسابحجي بعد خطفه في 26 يوليو (تموز) «لإطلاق سراحه مقابل مبلغ أربعة ملايين ليرة سورية (55 ألف دولار أميركي) شرط الاستقالة من مهامه ومغادرة البلد». وبحسب الطبيب، وافقت العائلة على العرض «وقامت بكل التجهيزات لمغادرة البلد فور الإفراج عنه»، كاشفا عن أنه سبق لتسابحجي أن تلقى تهديدات «بالخطف والتصفية من الجيش الحر». كما تعرض الطبيب القتيل لحملة على مواقع التواصل الاجتماعي «بوصفه شبيحا ومن مرتزقة النظام»، اتهم فيها بأنه «يستقبل جرحى الجيش السوري دون جرحى المسلحين، ويسلم جرحى المعارضة» إلى النظام. وتم العثور على الجثة بعد تلقي نجل الطبيب الأكبر اتصالا من مجهول أبلغه فيه «بوجوب تسلم والده على طريق حلب - حريتان الدولي». وبحسب تقرير الطبيب الشرعي، فارق تسابحجي الحياة نتيجة رصاصة أطلقت من مسافة قريبة واخترقت الرأس «من دون وجود آثار تعذيب على جسمه».

إلى ذلك، أبلغت مصادر طبية وكالة الصحافة الفرنسية، بأن ما يقارب عشرة آلاف عنصر من القوات النظامية قتلوا وجرح عدد مماثل منذ منتصف مارس 2011، مع ارتفاع المعدل اليومي لقتلى القوات النظامية إلى عشرين. ولم تمنع موجة العنف الضاربة بالبلاد الآلاف من الخروج في مظاهرات جمعة «أحرار الساحل يصنعون النصر»، إذ أفاد ناشطون بخروج مظاهرات في مناطق مختلفة من سوريا خاصة في الحسكة وحماه ودرعا وإدلب ودمشق وريفها.

وقد بث الناشطون مظاهرة خرجت في حي السكري بحلب. وقال الناشطون إن المظاهرة خرجت رغم القصف الذي تتعرض له المدينة، وهتف المتظاهرون بشعارات الحرية ونددوا بما سموه التخاذل الدولي عن نصرة الشعب السوري، كما طالبوا بدعم الجيش الحر وبإسقاط النظام.

وفي العاصمة دمشق خرجت مظاهرة مناوئة لنظام الأسد في حي جوبر. كما خرج متظاهرون في شوارع مدينة داريا بريف دمشق، وهتف المتظاهرون للجيش الحر، وطالبوا المجتمع الدولي بوقف الحملة العسكرية التي يشنها النظام على المدن والبلدات السورية.

وجنوبا، خرجت مظاهرة في بلدة خربة الغزالة بدرعا ردد المتظاهرون فيها شعارات مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد كما حملوا لافتات تشيد بالجيش الحر. وفي مدينة درعا البلد وبلدة اليادودة، هتف المتظاهرون للحرية وطالبوا بوقف الحملة الأمنية التي يشنها النظام في مختلف المدن السورية. بينما قصف الجيش مدينة بصرى الشام والقرى المحيطة منذ الصباح الباكر.