الملف السوري على طاولة المباحثات بين لافروف ونظرائه الأوروبيين غدا في لوكسمبورغ

الأوروبيون يفرضون عقوبات إضافية على سوريا الاثنين وفرنسا تستضيف الأربعاء مؤتمرا لدعم المجالس الثورية المدنية

مقاتل في حلب القديمة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

يعود الملف السوري مجددا إلى طاولة مباحثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ليل الأحد ويوم الاثنين المقبلين في لوكسمبورغ، بمناسبة عشاء العمل الذي سيجمعهم مع نظيرهم الروسي سيرغي لافروف مساء الأحد، ثم خلال اجتماعهم الدوري في اليوم التالي.

ومن المنتظر أن يسفر اجتماع الاثنين عن إقرار سلة عقوبات جديدة هي الثامنة عشرة ضد النظام السوري والشركات والأفراد الذين يدعمونه، من خلال توسيع لوائح السلع والأشخاص والهيئات الذين تطالهم العقوبات. وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن الشق الأول من العقوبات الجديدة سيشمل ضم 28 شخصية سورية إلى لائحة السوريين الممنوع عليهم التوجه إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، مع تجميد أموالهم وممتلكاتهم فيها. أما الشق الثاني، فإنه يستهدف قطاعي الطيران التجاري والسلاح، فضلا عن استهداف الحكومة السورية نفسها.

وكان مبدأ العقوبات الجديدة قد أقر خلال «اجتماعات غيمنيش» غير الرسمية التي جرت في قبرص في 8 و9 سبتمبر (أيلول) الماضي. وسيعمل الوزراء الأوروبيون على إقرار ما حضره الخبراء، على أن تنشر العقوبات الجديدة في الجريدة الرسمية الأوروبية يوم الثلاثاء.

وبالنظر إلى غياب أي استراتيجية أوروبية أو غربية فاعلة، فإن العقوبات المالية والاقتصادية تبقى «السلاح الفعال» بيد الأوروبيين والغربيين بشكل عام.

غير أن أهمية اجتماعات لوكسمبورغ أنها ستوفر الفرصة للأوروبيين للاطلاع على آخر المواقف الروسية من الأزمة السورية، حيث يستمر مجلس الأمن معطلا بسبب الدعم الذي ما زالت توفره موسكو للنظام السوري.

وتعترف المصادر الفرنسية بأن باريس ومعها العواصم الغربية لم تنجح (حتى الآن) في زحزحة موسكو عن مواقفها، على الرغم من تكرار الأخيرة أنها «غير متمسكة بنظام الأسد». وبحسب الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، فإن الخلاف الروسي - الغربي يقوم حول «تشخيص الأزمة السورية وتعيين سبل الحل»، حيث تميل روسيا إلى اعتبار النزاع داخليا وترفض أي تدخل خارجي فيه، تاركة الحل للسوريين أنفسهم. وبالمقابل، يؤكد الأوروبيون أن بداية الحل السياسي تكمن في رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة. وتلتزم باريس موقفا متقدما بإعلان استعدادها للاعتراف بحكومة انتقالية تشكلها المعارضة وتتمتع بالشرعية التمثيلية وبتوفيرها الدعم لـ«المناطق المحررة»، فضلا عن تقديم العتاد «غير القاتل» للمعارضة المسلحة، ومنها مناظير الرؤية الليلية ووسائل الاتصال المتطورة، التي تتيح لها الإفلات من رقابة أجهزة النظام.

وعلى الرغم من إشارات التحول التي يرصدها الجانب الفرنسي في المواقف الروسية، فإن باريس «لا تنتظر تغيرا جوهريا» في السياسة الروسية. والقناعة التي توصلت إليها باريس من خلال التواصل المستمر مع موسكو أن الأخيرة «لا تعتبر أن زمن التفاوض حول حل في سوريا قد جاء أوانه»، وأنها بلا شك «تنتظر ما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية» لترى مع أي إدارة ستتفاوض، والضمانات التي تستطيع تقديمها للمحافظة على المصالح الروسية في سوريا والمنطقة. وتنظم باريس يوم الأربعاء المقبل، في مقر وزارة الخارجية، اجتماعا لدعم «المجالس الثورية المدنية» في سوريا، بحضور دول عربية وأوروبية وأميركية، ومنظمات غير حكومية، وخصوصا ممثلين عن عدد من هذه المجالس الذي سيجيئون من الداخل السوري. وبحسب الخارجية، فإن الغرض من الاجتماع هو دراسة حاجات هذه المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة السورية، والتي تجري مساع لمساعدتها وتمكينها من الاستمرار في توفير الخدمات والحاجيات الأساسية، فضلا عن تأهيلها لتكون البيئة التي ستحتضن الحكومة الانتقالية. ولم تكشف باريس أمس عن لائحة الحضور التفصيلية ولا عن مستواه، غير أن مصادرها تفيد بأن «التجربة» الفرنسية في دعم المناطق المحررة أخذت تلقى دعما من عدد من الجهات بعد أن قوبلت في مرحلة أولى بالتحفظ.

ويفتتح المؤتمر صباح الأربعاء وزير الخارجية، إلا أن مشكلة المناطق المحررة الأولى تتمثل في الدفاع عنها بوجه طيران النظام ومروحياته. وحتى الآن، دأبت باريس على المطالبة بتوفير الحماية لها، إلا أن أيا من المسؤولين لم يقدم تصورا قابلا للتطبيق طالما أن مجلس الأمن الدولي غير قادر على استصدار قرار بهذا الشأن.

أما الورقة الأخرى التي تراهن عليها باريس، فتتمثل في الدفع نحو توحيد المعارضة السورية لعلها تنجح في رص صفوفها والخروج بصيغة حكومة انتقالية تتوفر لها الشرعية في الداخل من حيث قدرتها على أن تكون بديلا لحكومة النظام الراهن. غير أن المصادر الفرنسية نفسها ترى أن انقسامات المعارضة على نفسها لن يتم التغلب عليها غدا، ما يعني أن تحقيق هدف تشكيل الحكومة الانتقالية سيتأخر إلى أمد غير معلوم. ويوم الأربعاء الماضي، استدعي رئيس المجلس الوطني السوري للإدلاء بشهادته أمام البرلمان الفرنسي، لكن باريس بعد أن كانت أحد أهم المروجين للمجلس والدافعين للاعتراف به ممثلا شرعيا للمعارضة السورية، عدلت من موقفها باتجاه الانفتاح على اللجان المحلية الفاعلة، والمجالس الثورية المدنية، ومنظمات المجتمع المدني التي تشدد على الحاجة إلى ضمها إلى الهيئة التي ستكون ممثلة للمعارضة.

ويعكس تأجيل مؤتمر الدوحة للمجلس الوطني والمعارضة بشكل عام، الصعوبات التي يعاني منها خصوم الرئيس الأسد في تجميع صفوفهم والاتفاق على إنتاج هيئة موحدة تمثل كل المعارضة أو أهم الأطراف الفاعلة فيها. وتواكب كوكبة من البلدان (10 إلى 12 بلدا) جهود المعارضة لمساعدتها وحثها على التحرك وتغليب المقاربة الجماعية على المصالح السياسية الآنية.

من جهة أخرى، ينظم المجلس الوطني الكردي الذي يطلق عليه اسم «البرلمان الكردي في المنفى» ومقره بروكسل، السبت المقبل، مؤتمرا في إحدى قاعات مجلس النواب الفرنسي مخصصة لما يسميه «الوضع في كردستان الغربية» أي في سوريا. ويتشكل المجلس من المنظمات الكردية في «كل الأوطان الكردية» وفي المهجر. وعمد المنظمون إلى دعوة ممثلين عن الأحزاب الكردية السورية، وسيحضره ممثلون عن المجلس الأعلى الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي والحزب التقدمي الديمقراطي، وممثلون عن الطوائف الكلدانية والآشورية والأرمنية، ونائبان كرديان من تركيا. ودعيت المعارضة السورية إلى المؤتمر، لكن حضورها لم يتأكد بعد.