«يديعوت» تؤكد.. ونتنياهو ينفي القبول بالانسحاب من الجولان مقابل سلام مع دمشق

في إطار مفاوضات سرية استمرت بمعرفة أميركية حتى اندلاع الأحداث في سوريا

عاملة إسرائيلية تقطف التفاح من أحد البساتين التفاح في هضبة الجولان، أمس (رويترز)
TT

نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يكون قد وافق في أي يوم على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان السوري المحتل، أو أبدى استعدادا مشروطا لذلك. وقالت مصادر في المكتب إنه يعتبر الجولان ذخرا استراتيجيا لا يجوز التنازل عنه أبدا.

وجاء هذا التأكيد على التمسك بالجولان في غمرة التحضير لانتخابات مبكرة في إسرائيل، حدد نتنياهو موعدا لها في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل، وردا على ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، من أن نتنياهو أجرى مفاوضات سلام سرية مع سوريا قبل اندلاع الاضطرابات الأخيرة، وكان على وشك اتفاق ينسحب بموجبه من الجولان مقابل سلام كامل وإقامة علاقات دبلوماسية. وقال متحدث باسم ديوان نتنياهو «إن الحديث يدور حول مبادرة أميركية قديمة، وواحدة من بين عدة مبادرات أخرى، وإن إسرائيل لم تقبلها في أي مرحلة من المراحل»، مشككا في وقت نشر هذه التفاصيل، بقوله «إنه في هذا الوقت بالذات نابع من دوافع سياسية واضحة».

وكانت «يديعوت أحرونوت» قد نشرت خبرا رئيسيا أمس على صفحتها الأولى، يستند إلى مصادر أميركية، قالت فيه إن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك وافقا خلال مفاوضات سرية على انسحاب إسرائيل الكامل من هضبة الجولان حتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، مقابل توقيع معاهدة سلام شامل بين البلدين وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما. وبدأت المباحثات بحسب المصادر في 2010، وكانت سرية للغاية، وتهدف للتوصل إلى سلام بين تل أبيب ودمشق، واستمرت حتى اندلاع الأحداث الأخيرة في سوريا.

وقالت «يديعوت أحرونوت»: «وافق نتنياهو على الانسحاب الكامل من الجولان مقابل سلام كامل مع سوريا يتضمن تبادل السفارات بين البلدين، ورهن ذلك بالتزام سوري بقطع العلاقات مع إيران». وبحسب الصحيفة فقد انتدب نتنياهو للمفاوضات السرية مع سوريا، الدبلوماسي الأميركي المعروف فريد هوف، الشهير في ترسيم الحدود في المناطق المتنازع عليها، وكان عمل مسؤولا للملف السوري واللبناني في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وحرص نتنياهو على أن تبقى هذه المباحثات سرية حتى على وزرائه، فأخفاها عنهم جميعا باستثناء باراك، كما أخفى الأمر أيضا عن جهازي الموساد والشاباك. وقالت المصادر إن جلسات إدارة المفاوضات تمت في مقره الرسمي في القدس وفي منزله في قيسارية.

وبالإضافة إلى باراك، الذي كان الوزير الوحيد المطلع على فحوى المباحثات، فإن المستشار العسكري لنتنياهو، الجنرال احتياط يوحنام لوكير، والجنرال احتياط عوزي أراد، ومستشار نتنياهو السياسي رون دورما، والمستشار العسكري لباراك مايك هرتسوغ، كانوا أيضا على علم بالمفاوضات. وهذه السرية انسحبت أيضا على الجانب السوري وفي الولايات المتحدة، إذ كان الرئيس أوباما، ونائبه جو بايدن، والوسيط فريد هوف، الوحيدين المطلعين على تفاصيل هذه المفاوضات.

ووفق «يديعوت أحرونوت»، فإن الإدارة الأميركية فوجئت بالمرونة التي أبداها نتنياهو في المفاوضات، وهي مرونة وصفت بأنها لم تكن مسبوقة، ولم يبدها أي رئيس حكومة إسرائيلي سابق بمن فيهم إسحق رابين وشيمعون بيريس وإيهود باراك وإيهود أولمرت. وأبلغ نتنياهو مندوبه الأميركي بأنه موافق على الانسحاب حتى خط المياه على شواطئ بحيرة طبرية، ووافقت سوريا، واشترطت أن تتم عملية الانسحاب في مدة لا تتعدى العامين، فيما كانت إسرائيل تطلب فترة أطول منذ ذلك. لكن مع اندلاع الأحداث في سوريا توقفت المفاوضات.

وعقب وزير تحسين الخدمات، ميخائيل ايتان، على هذه التفاصيل، قائلا «هناك دائما جهات معنية بنقل الرسائل أو بالتوسط بين بلدين متخاصمين، بعيدا عن أنظار الجمهور، عادة لا يعرف الجمهور شيئا، ولكن في معظم الأحيان تنتهي هذه الاتصالات من دون أي نتيجة». وأضاف للإذاعة الإسرائيلية «على الأقل فإنه ليست هناك حاليا أي اتصالات بين إسرائيل ونظام بشار الأسد».

ورغم النفي الإسرائيلي الرسمي، فقد طالب رئيس المعارضة عضو الكنيست شاؤول موفاز، من نتنياهو توضيحات أكبر. وقال «إنه يتوجب على رئيس الوزراء أن يطلع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والأمن البرلمانية فورا على تفاصيل التنازلات التي وافق على تقديمها لسوريا». وتابع بالقول إن «ما فعله رئيس الوزراء يشكل مخادعة للجمهور».