مسؤول بحريني: الفكر المتطرف القائم على «مبدأ ولاية الفقيه» تهديد للأمن القومي الخليجي

اتهم رجل دين وجمعية سياسية بأنهما يقفان وراء العنف الذي تشهده البحرين

الشيخ خالد بن علي آل خليفة
TT

هاجم مسؤول بحريني رفيع المستوى، أمس، ما سماه الفكر المتطرف الذي يقوم على مبدأ ولاية الفقيه، وقال إنه المهدد لدعائم الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي، كما اتهم بعض الجمعيات السياسية - لم يسمها - بأنها تتمترس وراء أعمال العنف.

وفي السياق ذاته، اتهم رجل دين بحرينيا، أشار إلى أنه «مجنس»، بأن له دورا في التصعيد الذي يشهده الشارع البحريني منذ نحو ثلاثة أسابيع بإيعاز من السفارة الإيرانية لدى البحرين.

وأكد الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، أن «المساعي متواصلة، ومنذ عدة أشهر حتى الآن، للتواصل بين جميع الجمعيات السياسية من أجل خلق تفاهمات في مجال العمل السياسي».

ولفت وزير العدل البحريني إلى إصرار بعض الجمعيات السياسية، «لم يسمها»، على البقاء في المربع الأول والتمترس وراء العنف، واعتبر أن هذه الجمعيات لم تحدد موقفها بشكل واضح، حيث قال: «إنها لم تدنِ العنف بصورة واضحة ولا امتنعت عن تبريره، وفي ذات الوقت تضع كثيرا من العراقيل في سبيل جلوسها مع كافة القوى السياسية الوطنية».

ويعتبر تصريح وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف هو الأول من نوعه الذي يطلقه مسؤول بحريني منذ إعلان تقرير لجنة تقصي الحقائق البحرينية المستقلة (لجنة بسيوني) الذي أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011. كما اعتبرت بعض الأطراف المحسوبة على الحكومة حديث الشيخ خالد بن علي آل خليفة كشفا للحقائق وإطلاعا للرأي العام على مسببات العنف التي يشهدها الشارع البحريني والتي تصاعدت منذ الـ21 من سبتمبر (أيلول) الماضي.

أمام ذلك، قال خليل مرزوق، نائب الأمين العام لـ«جمعية الوفاق» - إحدى الجمعيات السياسية، إن حديث وزير العدل هروب من الاستحقاق الذي يجب على الحكومة البحرينية، وقال: «إن الشعب البحريني الآن يطالب بحكومة منتخبة وبرلمان كامل الصلاحيات، وجهاز أمني يشترك فيه جميع أطياف الشعب البحريني».

ولفت مرزوق إلى أن اتهام «جمعية الوفاق» وحزب الله والتيار الصدري والتيار الشيرازي، هروب من القضايا الحقيقية التي تعانيها البحرين على حد تعبيره، مثل الفساد المالي الذي يستنزف الأمن القومي البحريني، كما أشار إلى أن الحكومة كانت مدانة في ممارسة العنف في «تقرير بسيوني» وتقرير جنيف الخاص بحقوق الإنسان. وبالعودة إلى تصريح وزير العدل الذي أكد أن «المصدر الرئيسي لتهديد دعائم الأمن القومي لدول المنطقة هو الفكر المتطرف الذي يتبناه حزب الله والتيار الشيرازي والتيار الصدري ومن ينتمي إليهم من جمعيات وشخصيات ورجال دين». وقال: «إن هذا الفكر بكافة اتجاهاته وأطيافه يستغل سياسيا مبدأ ولاية الفقيه، الذي حول المرجعية الدينية في صورتها التقليدية إلى مرجعية سياسية إقليمية، وهو ما يمثل خطورة تتمثل في ما يتسم به هذا الفكر من انغلاق تام، وعدم الإيمان بالمواطنة والتعايش السلمي في المجتمعات، ويعتمد على تعميق مفاهيم الطائفية السياسية، وعدم الاعتراف بمكونات المجتمع من أجل خلق واقع سياسي ذي أبعاد طائفية، والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية»، بحسب تعبير وزير العدل البحريني.

وأضاف أن «مروجي هذا الفكر المتطرف يمثلون مشروعا واحدا يقوم على آليات وأطر موحدة، يتم توجيهها من خلال بعض المرجعيات الدينية المسيسة، ويتم تنفيذه من خلال تلك المرجعيات وأذرعها المتمثلة بالجمعيات والتنظيمات التي تستغل سياسيا مبدأ ولاية الفقيه لتصدير الثورة وتوفير كافة أشكال الدعم لزعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين ودول الخليج العربي».

وقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة: «إن الدعم يتمثل في أوجه كثيرة، منها ربط المرجعية الدينية في دول الخليج بمرجعيات إقليمية، وتأمين الغطاء الشرعي للأعمال المرتبطة بالتطرف والإرهاب، والعمل على إنشاء جيل جديد يحمل روح الكراهية لأنظمة الحكم والطوائف الأخرى، وربط التنظيمات السياسية المعارضة بدول المنطقة بأحزاب سياسية متطرفة تتبنى الإرهاب كوسيلة، وكذلك تقديم الدعم المعنوي والإعلامي واللوجيستي للحركات والجمعيات والتنظيمات المعارضة».

كما نبه وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف البحريني إلى أن السياسات التي اتبعها الفكر المتطرف، القائم على مبدأ ولاية الفقيه، أدت إلى إضعاف مفهوم التقارب بين المذاهب، والاصطدام بمحاولات المصالحة الوطنية انطلاقا من ثقافة الإقصاء والتعصب، الأمر الذي أدى إلى تعميق حالة عدم الثقة بين المذاهب الدينية، كما تضررت العلاقة بين مكونات المجتمع نتيجة لتعاظم الدور السياسي لرجال الدين في ترسيخ قناعات وآيديولوجيات طائفية تصل إلى حد التطرف والمغالاة والعنف والإرهاب.

وأشار الشيخ خالد بن علي آل خليفة إلى أن بعض البعثات الدبلوماسية ما زالت تتواصل مع رجال دين وخطباء، وتملي إليهم توجيهات المرجعيات الإقليمية، وتضع أمامهم خطط التحرك على الساحة المحلية، وقال: «إنه من المؤسف استجابة بعض رجال الدين لتلك التوجيهات دون أدنى احترام للدولة التي منحتهم جنسيتها، وقدمت لهم خدماتها وأسكنتهم أرضها»، في إشارة منه إلى آية الله الشيخ عيسى قاسم.

وكشف وزير العدل عن معلومات حول لقاء تم في الفترة الماضية بين مبعوث دبلوماسي إيراني ورجل دين، وقال: «إن رجل الدين ما إن خرج من اللقاء حتى أعطى في خطبه (صك الرضا الإلهي) عن أعمال التخريب وتوعد بمفاجآت، وازدادت على أثر ذلك أعمال الإرهاب والحرق والتخريب»، وأضاف: «إن ذات رجل الدين أتى في خطبة الجمعة الماضية في محاولة يائسة منه للتنصل من شراك التحريض على العنف وتبريره، واستخدام الطائفية التي دأب على الترويج لها منذ أكثر من عشر سنوات فعجز عن إدانة العنف، بل وانتهى إلى تبريره».

وامتدح وزير العدل البحريني أبناء دول الخليج العربي، حيث قال: «إنهم بمختلف مذاهبهم وقفوا، بصدق، في وجه تلك التنظيمات المتطرفة والمشاريع الإقصائية على مر التاريخ وفي مختلف المواقع، ومارسوا دورهم الوطني في البناء والتطوير وخدمة مجتمعهم بلا تمييز». كما أكد أن «مملكة البحرين، ومعها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تعي مخاطر ذلك الفكر المتطرف، وأن العزيمة ماضية نحو حماية المجتمع منه بقوة القانون، وأن دول الخليج ستظل واحة الأمن والأمان وموطنا كريما لكل مخلص من أبنائها أيا كان اتجاهه ومذهبه ممن أثبتوا الولاء لها قولا وعملا».