خبراء اتصالات: طائرة حزب الله مزودة بتقنيات تخف.. واستطلعت قدرة إسرائيل على كشفها

قالوا لـ«الشرق الأوسط» إنها انطلقت من شمال الليطاني وتغير قواعد الاشتباك

TT

لا تزال ارتدادات طائرة الاستطلاع «أيوب» التي تمكن حزب الله بواسطتها من خرق الأجواء الإسرائيلية والوصول إلى مشارف مفاعل ديمونة النووي قبل اكتشافها، تهز الساحة الإسرائيلية وتربك المحللين والمسؤولين في التعاطي معها وتفسير الثغرات الجوية التي نفذت منها لتحلق نحو 55 كيلومترا داخل إسرائيل قبل إسقاطها من سلاح الجو الإسرائيلي.

وفي حين وصف الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في إطلالته الأخيرة العملية بأنها «نوعية ومهمة جدا في تاريخ المقاومة في لبنان بل في تاريخ المقاومة في المنطقة»، يتوقف خبراء لبنانيون عسكريون وفي مجال الاتصالات عند أهمية نجاح الطائرة في أداء مهمتها، خصوصا أنها أثبتت تفوق حزب الله على أكثر من مستوى، تكنولوجيا وعسكريا، بعدما تمكنت من اختراق شبكة الرادارات وكل أجهزة الإنذارات المسبقة، الإسرائيلية تحديدا.

في هذا السياق، يشرح خبير الاتصالات اللبناني العميد المتقاعد الدكتور محمد عطوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطائرة تعمل لا سلكيا وبإمكانها أن تطير من أي نقطة من دون الحاجة إلى مطار أو مدرجات للإقلاع أو الهبوط، وهي تدار وتوجه لا سلكيا من قبل الطيار الذي يوجد في المنطقة التي أقلعت منها»، موضحا أنها «ليست المرة الأولى التي يتغلب فيها عقل المقاومة على العقل الإسرائيلي».

ويسهب عطوي في الحديث عن تقنيات قد تكون مكنت طائرة الاستطلاع من التخفي طوال فترة تحليقها، ملخصا إياها بأربع تقنيات: «تطوير مواد من شأنها أن تمتص الأشعة الكهرومغناطيسية من خلال طلي الطائرة مثلا بمواد معينة قد تمتص هذه الأشعة. خفض البصمة الرادارية من خلال تخفيض الزوايا والنتوءات التي تلتقطها الأشعة الكهرومغناطيسية. إضعاف مصادر الأشعة ما تحت الحمراء التي تصدر عادة من عوادم محركات الطائرة، والتي تبث إشعاعات يلتقطها الرادار، إضافة إلى تزويد الطائرات بأجهزة تشويش إلكترونية متطورة». أما الخبير العسكري العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «عوامل عدة حالت دون اكتشاف الرادارات الإسرائيلية وكذلك الأميركية الموجودة في الأسطول السادس التابع للبحرية الأميركية لطائرة حزب الله، من بينها أن المعادن المصنوعة منها الطائرة وتبث حرارة وموجات يلتقطها الرادار، قد تكون مغطاة بمواد تخفف من الحرارة ومن الموجات التي قد تصدر عنها، كما أن حجم الطائرة صغير جدا وهي حلقت على علو منخفض مما يصعب عملية رصدها من قبل الرادارات».

ويعرب جابر عن اعتقاده بأن الطائرة «انطلقت من منطقة شمال الليطاني (غير الخاضعة لنطاق عمل قوات اليونيفيل) في جنوب لبنان، باعتبارها منطقة موازية للبحر المتوسط، وبالتالي انطلقت الطائرة من مكان ما على الساحل بين صيدا وعدلون فوق البحر من دون أن تكشفها الرادارات الأميركية في البحر الأبيض المتوسط».

ويخالف جابر قراءة عطوي لناحية اعتبار الأخير أن «الطائرة نجحت في مهمتها في جمع المعلومات وتحديد الأهداف التي يمكن للمقاومة الاستفادة منها واستخدامها لاحقا، لا سيما تحديد إحداثيات المنشآت والقواعد والمراكز الإسرائيلية المهمة». ويقول جابر في هذا السياق: «مهمة الطائرة الأساسية ليست استطلاع المواقع الإسرائيلية بل استطلاع قدرة إسرائيل على كشفها»، معتبرا أن «الطائرة أدت مهمتها في هذا السياق وتمكنت من خرق الأمن الجوي الإسرائيلي فضلا عن تبديلها وتغييرها لقواعد اللعبة العسكرية والاشتباك وتوازن الرعب». ويضيف أن «هذه العملية أربكت إسرائيل خصوصا دفاعها الجوي ووضعته أمام تحديات كبرى»، مذكرا بأن «إسرائيل رغم تفوقها العسكري كانت مكشوفة بالدفاع المدني، وبعد كشف حزب الله عن 40-45 ألف صاروخ شكلوا رادعا لإسرائيل، ها هو الحزب يكشف اليوم عن سلاح جديد يتمثل بطائرات من دون طيار». ويشير جابر إلى أن «حزب الله يقول لإسرائيل اليوم لدينا مفاجآت كبيرة عند أي عدوان على لبنان وكذلك عند أي عدوان على إيران»، مشددا على أن «أحد أبرز أسباب امتناع إسرائيل عن توجيه ضربة لإيران ليس (الفيتو) الأميركي بل خشيتها مما سيكون عليه رد فعل المقاومة في لبنان».

من ناحيته، يتوقف عطوي عند أهمية «نجاح هذه الطائرة في تنفيذ مهمتها خصوصا أنها إنتاج محلي، وإن كانت معداتها إيرانية، بمعنى أنها صناعة لبنانية بامتياز وتؤكد قدرة حزب الله على استخدام وسائل الحرب الإلكترونية وكذلك تفوقه في إدارة معركة إلكترونية».