مرسي يتراجع عن قرار إقصاء النائب العام تحت ضغوط القضاة

عبد المجيد محمود احتفل بانتصاره في دار القضاء العالي

الرئيس المصري محمد مرسي وعلى يمينه نائبه محمود مكي والنائب العام عبد المجيد محمود ( الثالث من اليمين ) وعدد من كبار القضاء المصريين في القصر الجمهوري عقب انتهاء أزمة النائب العام ببقائه في منصبه، أمس (أ.ف.ب)
TT

عقب سلسلة من مداولات الغرف المغلقة، وضع نائب الرئيس المصري المستشار محمود مكي نهاية للأزمة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة القضاء ممثلة بالنائب العام المستشار عبد المجيد محمود، معلنا في مؤتمر صحافي عقده أمس استمرار محمود في منصبه كنائب عموم البلاد بطلب من مجلس القضاء الأعلى، ليخسر الرئيس مرسي جولة جديدة أمام المؤسسة القضائية في البلاد، التي أبطلت في وقت سابق من العام الحالي قرار دعوته البرلمان للانعقاد بعد صدور حكم ببطلانه من المحكمة الدستورية العليا.

وكانت الأزمة بين الرئاسة والنائب العام قد تفجرت يوم الخميس الماضي على خلفية إعلان المستشار الإعلامي للرئيس مرسي في مؤتمر صحافي تعيين النائب العام سفيرا لبلاده لدى الفاتيكان، وهو ما يعني عمليا إقصاءه من منصبه، بعد صدور أحكام بالبراءة بحق رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك في قضية الاعتداء على المتظاهرين إبان الثورة العام الماضي والمعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل».

وقال نائب الرئيس خلال مؤتمر صحافي عقده بمقر رئاسة الجمهورية بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) عقب لقاء الرئيس مرسي بالنائب العام، إن سوء التفاهم كان سببا في الأزمة، وإن الرئاسة كانت قد قررت تعيين محمود سفيرا، بعد أن تنامى لعلمها قبول النائب العام المنصب، مشيرا إلى أن هذا الإجراء كان سليما من الناحية القانونية.

وطبقا لقانون السلطة القضائية، فإن النائب العام يتم تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية، غير أنه لا يجوز للرئيس أو أي جهة أن تصدر قرارا بعزل أو إقصاء أو إقالة أو إبعاد النائب العام من منصبه بأي صورة من الصور، ويشترط لحدوث ذلك موافقة النائب العام بنفسه على أي من هذه الأمور، إلى أن يبلغ سن التقاعد الرسمي في سلك القضاء وهو 70 عاما.

وأوضح مكي أن النائب العام باق في منصبه بعد أن تمسك به مجلس القضاء الأعلى، مضيفا أنه كان قد أبدى رغبته في ترك المنصب من قبل، مما جعل الرئيس يقبل وساطة بعض أصدقاء النائب العام، في أخذ موافقته وعلى هذا الأساس تم البدء في اتخاذ إجراءات تعيينه (النائب العام) سفيرا.

وشدد مكي على أن الملابسات الخاصة بتعيين النائب العام ليس هدفها أي مساس بالقضاء، بل إن الرئيس من باب حرصه على منع تصاعد الأحداث بعد هذا القرار بادر بدعوة مجلس القضاء الأعلى للحضور إلى مقر الرئاسة، وحضر المجلس بكل تشكيله وبينهم النائب العام وشرح ما حدث وبرره بأن هناك سوء فهم بأنه وافق على ترك منصبه ولكن لم يكن قد وافق بشكل نهائي.

وتابع أن النائب العام بناء على هذا تقدم بطلب لمجلس القضاء الأعلى لتقديمه للرئيس يطلب فيه وقف إجراءات تعيينه سفيرا ومن ثم قدم المجلس طلبا مكتوبا موقعا من جميع أعضائه، وطلب من الرئيس أن يستجيب لرغبة المستشار عبد المجيد محمود للاحتفاظ بموقعه، فوعد الرئيس بوقف الإجراءات التي اتخذت بشأن تعيين النائب العام سفيرا، وذلك احتراما منه لمجلس القضاء الأعلى وحتى لا يفهم أنه يتدخل في القضاء.

وبينما كان مكي يعقد مؤتمره محتفظا بهدوئه، استقبلت جموع القضاة النائب العام في مقر دار القضاء العالي بوسط القاهرة بالتهليل، وظهر عبد المجيد محمود إلى جوار رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند، وسامح عاشور نقيب المحامين. وشهدت البلاد حالة من الاحتقان على خلفية أزمة إقصاء النائب العام، خاصة بعد أن أعلن عبد المجيد محمود تعرضه للتهديد من قبل وزير العدل المستشار أحمد مكي، والمستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور.

وكانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المصري قد دفعت بكوادرها إلى الميادين لتأييد قراره بإقصاء النائب العام، وحاصروا مكتبه بدار القضاء العالي، لكنهم تراجعوا وسحبوا أنصارهم من الشوارع بعد مصادمات مع قوى مدنية خرجت في مظاهرة مناهضة لمرسي الليلة قبل الماضية.

وقال النائب العام في تصريحات للصحافيين بعد ظهر أمس عقب لقاء مع الرئيس المصري إن أعضاء «مجلس القضاء الأعلى تلقوا دعوة كريمة من رئيس الجمهورية وقابلوا الرئيس ونائبه (محمود مكي) وانتهينا إلى أنه ما دامت رغبتي أن أبقى فسأظل كما أنا» في موقعي.

وكان عبد المجيد محمود قد قال في بيان سابق إن وزير العدل أحمد مكي ورئيس اللجنة التأسيسية حسام الغرياني حذراه من احتمال تعرضه لاعتداء إذا ما رفض الامتثال للمرسوم الرئاسي بتعيينه سفيرا في الفاتيكان.

وقال النائب العام إنه تم الاتصال به تليفونيا ظهر الخميس، من جانب المستشارين أحمد مكي وزير العدل، وحسام الغرياني رئيس محكمة النقض السابق، حيث أبلغاه أنهما يتصلان به من مقر رئاسة الجمهورية.

وأضاف أن وزير العدل، أبلغه صراحة أن المظاهرات التي ستخرج في كافة محافظات مصر الجمعة سوف تطالب بإقالته من منصبه كنائب عام، وأنه تلقى اتصالا آخر من الغرياني «الذي أبلغني صراحة أنه يعرض علي ضرورة الرحيل من منصبي كنائب عام تحت ذريعة خطورة الموقف فطالبته بإيضاح الأسباب على وجه الدقة، فأجابني الغرياني بالنص أنا في حل من إبلاغك بالأسباب، وأقترح عليك أن تنتقل للعمل سفيرا لمصر في دولة الفاتيكان».

وأكد أن الغرياني قال له إن «المتظاهرين يمكن أن يتوافدوا على مكتبك وأن يقوموا بالاعتداء عليك».