صورة «جهاديين» فرنسيين بشمال مالي تثير جدلا وسط التحضير لضربة عسكرية ضد «القاعدة»

شكوك حول انتماء الفرنسيين لأجهزة مخابرات

TT

تثير صورة فرنسيين مسلحين على مواقع الإنترنت، ظهرا مع مسلحين إسلاميين في شمال مالي، جدلا كبيرا في الأوساط المهتمة بالوضع المتفجر في الساحل، على خلفية التحضير لحملة عسكرية ضد معاقل «القاعدة» بالمنطقة.

وذكرت «إذاعة فرنسا الدولية» أن الفرنسيين يحتمل أن يكونا عضوين بالمجموعات الجهادية التي تنشط بمنطقة غاوو بشمال مالي، التي يعرف عنها أنها تحت سيطرة التنظيم المسمى «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، وهي مجموعة إرهابية خرجت من عباءة «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».

ويظهر الفرنسيان في صورة منشورة بـ«يوتيوب» يحملان سلاح كلاشنيكوف، جالسين في مؤخرة سيارة مكشوفة رباعية الدفع، وكان على ظهر السيارة مسلح إسلامي. وقالت الإذاعة الفرنسية إن الرعيتين الفرنسيين «ارتديا عباءة الجهاديين»، وأنهما «ينتميان في الحقيقة إلى مصالح الاستعلامات الخارجية وقد أرسلا في مهمة إلى مالي من ثكنة عسكرية بالمنطقة».

وأشارت إلى أن «مهمة الرجلين هي تقديم الدعم للعناصر الجهادية في مالي للوصول إلى تبرير كاف من أجل التدخل العسكري في البلد»، واعتبرت هذا الاحتمال «الأكثر قبولا» على أساس أن فرنسا تدفع بقوة إلى شن حملة عسكرية ضد التنظيمات المسلحة في شمال مالي، وأنها بحاجة إلى عناصر استخباراتية مزروعة بالمنطقة. وتفضل فرنسا أن تقوم «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» المعروفة بـ«إكواس» بشن الحرب على الإرهاب.

واستبعدت مصادر أمنية بالساحل أن يكون الرجلان اللذان ظهرا في الصورة يتحدران من أي منطقة بالمغرب العربي أو الساحل. وأعطت مصداقية لمعلومات تداولتها صحف جزائرية مفادها أن أجهزة الأمن الفرنسية زرعت عناصر منها بشمال مالي لدواع استخبارية، وتحسبا لضربة ضد الجماعات التي تنتمي لشبكة «القاعدة». وتم تصوير الفرنسيين خلسة، بالمنطقة التي اختطف منها قنصل الجزائر في غاوو، بوعلام سياسي وخمسة من مساعديه في أبريل (نيسان) الماضي.

وتأتي صورة «الجهاديين» الفرنسيين بعد أربعة أيام من شريط فيديو بثته «القاعدة» على الإنترنت، يظهر فيه فرنسي يتحدث بلغة موليير يسمى «عبد الجليل»، الذي ندد بـ«سعي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى تدخل في مالي»، وحذر من أن «يقود ذلك إلى كارثة إنسانية». وذكر الجهادي الفرنسي الذي يظهر في تسجيل مصور للمرة الأولى، وكان يرتدي لباس عناصر التنظيم المسلح، من أن الرئيس هولاند «يطبق قرارات حلف شمال الأطلسي التي لا تمثل سوى المصالح السياسية والاقتصادية الأميركية والإسرائيلية».

ودعا عبد الجليل الشعب الفرنسي إلى «الوقوف بشدة في وجه أي اعتداء على مالي، لأن ذلك لن يكون في مصلحة فرنسا». وقال «عبد الجليل» إنه يعيش بتومبوكتو (شمال مالي) مع زوجته وأبنائه منذ خمس سنوات، وإنه اشتغل في البحرية التجارية الفرنسية مدة 30 عاما. وأبدى استغرابه لـ«تحفز السلطات الفرنسية والأميركية والأمم المتحدة لمحاربة المجاهدين في الساحل بسبب تطبيق الشريعة الإسلامية، أكثر من محاربة الرئيس السوري بشار الأسد» الذي وصفه بأنه «قاتل ومجرم». وقال إن العالم وقادته «يتبعون للإدارة الأميركية والإسرائيلية» التي وصفها بأنها «ثعبان برأسين»، موجها التحية لأسامة بن لادن الذي قال إنه «ضرب رأس الثعبان» يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وتتزامن هذه التطورات مع تبني مجلس الأمن الدولي، الجمعة، قرارا بالإجماع يحث فيه دول غرب أفريقيا على توضيح خططهم الخاصة بتدخل عسكري في شمال مالي، وذلك في غضون 45 يوما، وسط تأكيد على أن أي تدخل عسكري يتطلب أولا مفاوضات سياسية. كما دعا القرار الذي صاغته فرنسا، الحكومة المالية والانفصاليين الطوارق إلى «البدء بأسرع ما يمكن في مسار تفاوض ذا مصداقية».

واعتبرت الجزائر أمس أن قرار مجلس الأمن حول التدخل العسكري لاستعادة شمال مالي من الإسلاميين المسلحين «إيجابي»، وأنه أخذ بعين الاعتبار «العديد من العناصر» الواردة في الخطة الجزائرية لحل أزمة مالي، بحسب المتحدث باسم الخارجية الجزائرية «الأمر يتعلق بقرار يبلور التقارب بين مختلف المقاربات التي كانت على الطاولة».