خامنئي يتعهد بـ«هزيمة الأعداء».. وطهران تقدم عرضا مرنا للغرب

أوروبا توافق على عقوبات تضرب تحويلات المصارف الإيرانية وقطاع الاتصالات

TT

في ثالث خطاب يلقيه أمام مؤيديه في غضون أسبوع، حاول المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي تهدئة القلق المتصاعد داخل البلاد جراء انهيار الريال وتداعي الأوضاع الاقتصادية عموما، عبر التأكيد بأن طهران قادرة على هزيمة جميع المحاولات التي ترمي إلى إضعاف الجمهورية الإسلامية سواء العقوبات الاقتصادية أو التهديدات العسكرية أو الحرب الناعمة التي يشنها «الأعداء». وجاء ذلك في وقت حاول فيه مسؤولون إيرانيون إظهار المرونة مع الغرب عبر تجديد الإعلان عن قبول وقف تخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى إذا حصلت على وقود نووي لمفاعلات أبحاثها.

وفي وقت يعاني فيه الإيرانيون من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار جراء فقد الريال الإيراني ثلثي قيمته مقابل الدولار، شد خامنئي رحاله إلى مدينة أسفران ف محافظة خراسان الشمالة، شمال شرقي إران، ساعيا إلى رفع المعنويات عبر خطاب ألقاه أمام الحشود التي تجمعت للقائه. وقال المرشد في الخطاب إن «الشعب الإراني قف ف مواجهة مستمرة مع العراقل والتحدات وإنه لم شعر وما بالوهن، بل تحل بإرادة وعزمة ف مواجهة كافة التحدات وعمل بقوة عل إزالة كافة العراقل».

وحذر خامنئي من «مخططات ومؤامرات الأعداء وجهودهم للحلولة دون تطور وتقدم الشعب الإيراني». وأضاف أن «الأعداء سذوقون طعم الهزمة كما ذاقوها منذ الوم الأول لانتصار الثورة الإسلامة الإرانة»، ودعا المسؤولن إل التحلي بالقظة تجاه مؤامرات الأعداء وعدم الاستهانة بمخططاتهم، مضيفا أن «العدو سع للتغلغل بكافة السبل، فتارة عبر الحظر الاقتصادي وتارة أخر عبر الاعتداء العسكري ومرة عبر الحرب الناعمة وأخر عبر الغزو الثقاف».

وفي غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست في منتدى أوروبي آسيوي في كازاخستان. إن «إيران ستتفاوض على وقف تخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى إذا حصلت على وقود لمفاعل أبحاث مجددا عرضا سابقا، في محاولة لإظهار المرونة في المحادثات النووية المتعثرة مع القوى العالمية».

ولم تحرز المحادثات سوى تقدم طفيف منذ استئنافها في أبريل (نيسان) الأمر الذي دفع الغرب إلى فرض عقوبات أشد ضد إيران وإلى زيادة حديث إسرائيل عن توجيه ضربات جوية إلى خصمها اللدود بشأن مخاوف من أن طهران تسعى سرا للتوصل إلى سبل صنع أسلحة نووية.

وأفاد مهمان باراست في منتدى أوروبي آسيوي في كازاخستان مساء أول من أمس وفقا لتلفزيون «برس تي في» الإيراني أنه «إذا قدم ضمان لتوفير الوقود، المخصب حتى 20 في المائة لمفاعل أبحاث طهران فإن مسؤولينا مستعدون للدخول في محادثات بشأن تخصيب اليورانيوم لمستوى 20 في المائة».

وكان وزير الخارجية علي أكبر صالحي صرح لمجلة «دير شبيغل» الإخبارية الألمانية الأسبوع الماضي بأنه «إذا تم الاعتراف بحقنا في التخصيب فإننا مستعدون لتقديم عرض مقابل. سنحد طوعا من حجم برنامجنا للتخصيب لكن في المقابل سنحتاج لإمداد مضمون للوقود المناسب من الخارج».

ومحور النزاع الإيراني مع القوى العالمية هو إصرارها على حق تخصيب اليورانيوم ووجوب رفع العقوبات الاقتصادية قبل وقف الأنشطة، التي يمكن أن تؤدي إلى حصولها على قدرة إنتاج أسلحة نووية، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين يرفضون مثل هذه الشروط.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية وفقا لتقرير «برس تي.في» أمس أن أي مرونة تبديها إيران يجب أن تقابلها إجراءات متبادلة من القوى العالمية بما في ذلك اعتراف كامل بحق إيران في تخصيب اليورانيوم.

وجاءت تصريحات مهمان باراست في نفس اليوم الذي وافق فيه الاتحاد الأوروبي بشكل مؤقت على عقوبات اقتصادية أوسع مكملا خططا أميركية بفرض المزيد من العقوبات المالية.

فقد اتفق سفراء دول الاتحاد الأوروبي الجمعة على تشديد العقوبات المفروضة على إيران ولا سيما على التحويلات المالية للمصارف الإيرانية وحظر واردات الغاز والتجارة، كما أفادت مصادر دبلوماسية.

وأوضحت المصادر أن هذه الدفعة الجديدة من العقوبات سيقرها وزراء خارجية دول الاتحاد خلال اجتماعهم المقرر غدا (الاثنين) في لوكسمبورغ.

وقال دبلوماسي إن الاتحاد الأوروبي «سيقرر خصوصا للمرة الأولى ضرب قطاع الاتصالات»، ولا سيما مؤسسات هذا القطاع المشتبه في دعمها النظام ماليا. وسيتم تحديد هذه المؤسسات في وقت لاحق.

وأضاف أن كل التحويلات المالية بين المصارف الأوروبية والمصارف الإيرانية ستخضع لحظر مبدئي عندما تتخطى حدا أدنى «متدنيا نسبيا».

لكن سيكون ممكنا التماس ترخيص في بعض الحالات وخصوصا لدفع قيمة تحويلات تجارية قانونية كشراء المواد الغذائية والمعدات الطبية أو لغايات إنسانية.

وستمنع من جهة أخرى التأمينات المالية على التصدير قصير الأجل، على غرار ما هو حاصل حاليا مع التأمينات المالية على التصدير المتوسط وطويل الأجل.

وسيمنع أيضا استيراد الغاز الإيراني، ويؤثر هذا التدبير على حجم قليل الأهمية لكنه يضاف إلى حظر استيراد النفط الإيراني المطبق منذ يوليو (تموز).

وسيحظر أيضا تصدير أي مواد إلى إيران يمكن أن تستخدم في البرامج النووية والبالستية الإيرانية، كالغرافيت والألمنيوم.

ومن المقرر اتخاذ تدابير أخرى، كحظر تسجيل السفن الإيرانية أو تزويد إيران بناقلات نفط جديدة وتجميد أرصدة 30 شركة جديدة تنشط خصوصا في المجال المصرفي والقطاع النفطي.

وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات طويلة خصوصا بسبب «التحديات القانونية» التي تطرحها التدابير المقترحة، لكن أيضا بسبب تردد بعض العواصم مثل استوكهولم، بحسب مصادر دبلوماسية.