الصين تجتاح عالم الفن بخطة استراتيجية

بـ 146 مليارديرا وما يزيد على 329 ألف مليونير

TT

لا يشك أحد اليوم، في صحة نبوءة نابليون بونابرت التي تقول: «عندما تستيقظ الصين سيهتز العالم». فالصين استيقظت فعلا ودخلت عالم الحداثة من بابه الواسع، لكن التساؤل الجديد هو بالأحرى اليوم: «ما الخطوة المقبلة؟».

إن الصين لم تعد كابوس الدول الغربية في مجال الاقتصاد والصناعة فحسب، بل في مجال الثقافة والفنون أيضا. فسوقها الفنية تنمو وتنتعش منذ السنوات الأخيرة بصورة سريعة مذهلة، مختزلة العقود التي احتاجتها دول أخرى.

فنانو الصين التشكيليون باتوا علامة بارزة في مجال الفن التشكيلي ومزادات الفن مثل «بولي أكشون» و«شاينا جارديان»، أصبحت تنافس «سوذبيز» و«كريستيز» رغم خبرة قرنين من الزمن محققة أرباحا طائلة. أما مراكز «كونفشيوس» لتعليم اللغة الصينية فقد أصبحت في وقت وجيز منتشرة في كل ربوع العالم. الطفرة الكبيرة التي يسجلها قطاع الثقافة والفن بالصين بموازاة انتعاش اقتصادها، ليست بالظاهرة العابرة ولا هي محض صدفة. فالتنين الصيني ماض قدما منذ سنوات في خطة محكمة لبسط هيمنته الثقافية والفكرية على العالم بعد أن اجتاز بنجاح امتحان الريادة الاقتصادية.

في عدد يناير (كانون الثاني) من السنة الجارية نقلت المجلة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني «كيو شي» أو «البحث عن الحقيقة» خطابا مهما للرئيس الصيني «هو جين تاو» كان قد ألقاه أمام كوادر الحزب بمناسبة المؤتمر السابع عشر للحزب الحاكم جاء فيه ما يلي: «قطاع الثقافة أصبح اليوم عنصرا مهما في سباق القوى الكبرى نحو الريادة. وتطور المجتمع الصيني لن يتم إلا بانتعاش الحياة الثقافية». وقال في الخطاب: «علينا أن نبقى حذرين لكي لا نقع تحت تأثير الثقافة الغربية، حماية ثقافتنا الوطنية ودعم إشعاعها ونفوذها في العالم يجب أن يصبح أول أولوياتنا».

الرئيس الصيني تحدث أيضا عن خطر«غربنة الثقافة الصينية» وقال إن حضارة بلاده وتراثها الثقافي الذي يعود لخمسة قرون لم يأخذ حقه بعد على الساحة الدولية.

والملاحظ هو أن الصين بدأت فعلا في اتخاذ خطوات ملموسة للوصول لأهدافها، أهمها افتتاح مراكز تعليم اللغة الصينية أو ما يسمى معاهد «كونفشيوس» التي أصبحت تنتشر بسرعة البرق في كل بقاع العالم. فمنذ 2004 تاريخ ظهور أول معهد بسيول، ارتفع عددها اليوم إلى 350 مركزا منتشرة في أكثر من 169 بلدا بما فيها كثير من الدول العربية، إضافة لأقسام اللغة الصينية التي تفتح داخل المدارس التي وصلت إلى 400 قسم أي بمعدل قسم كل أسبوع بحسب مجلة «لوتون» السويسرية.