تضارب أنباء حول مذكرة باعتقال محافظ البنك المركزي العراقي

عضو في اللجنة المالية البرلمانية لـ «الشرق الأوسط»: وثائق تدين الشبيبي

TT

على الرغم من أن محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور سنان الشبيبي (تكنوقراط شيعي مستقل) لا ينتمي إلى القائمة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي، وليس مرشحا من قبلها لتولي هذا المنصب، فإن قضية استقلالية البنك المركزي والجدل حول عائديته بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تحولت إلى جدل سياسي بين كل من «العراقية» وائتلاف دولة القانون. وبينما شكل البرلمان العراقي لجنة بإشراف رئيسه أسامة النجيفي بشأن تهم فساد طالت شخصيات نافذة داخل البنك المركزي، فقد اتهمت القائمة العراقية بعض القوى السياسية بـ«محاولة النيل» من استقلالية البنك المركزي العراقي.

وقالت المتحدثة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي، في بيان صدر أمس، إن «ائتلاف العراقية يستنكر استهداف البنك المركزي العراقي ومحاولات بعض القوى السياسية النيل من استقلاليته التي كفلها الدستور والقوانين العراقية والدولية»، معتبرة أن «استقلالية البنك ضرورية للحفاظ على سعر صرف الدينار وحماية العملة ومنع التضخم». وأضافت الدملوجي أن «العراق مر بتجربة مريرة في تسعينات القرن الماضي حينما انهارت العملة بين ليلة وضحاها بسبب السياسات الهوجاء للنظام السابق»، محملة الحكومة «مسؤولية التحقيق في عمليات غسل الأموال والكشف عن المستفيد منها أمام الرأي العام والإعلان عن الجهة التي تقوم بشراء الدولار وسحبها من أسواق العراق المالية». ودعت الدملوجي عبر البيان إلى «معاقبة كل المفسدين سواء في البنك المركزي أو أي مؤسسة أو وزارة دون المساس بسمعة البنك المركزي أو محافظه سنان الشبيبي المعروف على المستوى الدولي بمواقفه الوطنية الشجاعة وبكفاءته ونزاهته».

ويأتي بيان العراقية في وقت تضاربت فيه الأنباء بشأن صدور مذكرات اعتقال بحق عدد من الشخصيات النافذة في البنك المركزي، وفي المقدمة منهم محافظه، ففيما أكد عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون وعضو اللجنة المالية في البرلمان هيثم الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» صحة صدور «مذكرات الاعتقال بحق المحافظ وعدد من الشخصيات النافذة، والتي جاءت على أثر قناعة القضاء العراقي بصحة الاتهامات»، فإن البنك المركزي نفى صدور مثل هذه المذكرة، مشيرا إلى أن المحافظ يوجد الآن في طوكيو باليابان لحضور مؤتمر دولي.

وحاولت «الشرق الأوسط» التأكد من صحة ما يثار بشأن ذلك من نائب محافظ البنك المركزي الدكتور مظهر محمد صالح، إلا أن هاتفه كان مغلقا حتى انتهاء إعداد التقرير. وبشأن تهم الفساد التي يجري الحديث عنها، قال عضو اللجنة المالية البرلمانية هيثم الجبوري إن «تهم الفساد موثقة ومؤكدة من قبل أهم الجهات الرقابية في البلد وهي البرلمان وديوان الرقابة المالية واللجنة المالية في البرلمان وهيئة النزاهة»، معتبرا أن «الاعتراض الذي صدر عن القائمة العراقية أمر ينطوي على تناقض وغير مقنع، لأن مسألة استقلالية البنك المركزي أمر لا نقاش حوله، وهو مسألة دستورية، غير أن محافظ البنك أو أي شخصية أخرى فيه يمكن أن تتهم بالفساد مثلما يتهم مسؤولون آخرون في وزارات ومؤسسات أخرى»، متسائلا عن «جدوى إصرار (العراقية) على هذا الأمر والتعامل معه بوصفه مسألة سياسية بينما كان من بين الموقعين على الوثائق والمعلومات الخاصة بتهم الفساد رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان وهو الدكتور أحمد العلواني، وهو قيادي معروف بالقائمة العراقية». وحول ما إذا كان الشبيبي هو نفسه ضالعا في عمليات فساد، قال الجبوري إن «الوثائق تدين الشبيبي بشكل واضح كما تدين مسؤولين آخرين، وهو ما دعا القضاء إلى إصدار مذكرات القبض بحقهم».

وردا على سؤال حول تنازع كل من البرلمان والحكومة بشأن تبعية البنك المركزي، قال الجبوري إن «المادة 103 من الدستور تشير وبشكل قاطع إلى أن البرلمان هو الجهة الرقابية المشرفة على البنك المركزي، وبالتالي فإن ما تم الإعلان عنه بشأن تهم الفساد ولجان التحقيق إنما هو تصرف دستوري لا غبار عليه»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «القانون 56 وبالذات المادة 24 منه تشير إلى وجود تنسيق بين البنك المركزي بوصفه المسؤول عن السياسة النقدية في البلاد والحكومة بوصفها مسؤولة عن السياسة المالية، وكثيرا ما يحصل خلل في التنسيق أو انتقادات متقابلة بين الطرفين». وردا على سؤال حول طبيعة تهم الفساد وأين تتركز أكثر من سواها داخل البنك المركزي، قال الجبوري إن «أبرز تهم الفساد هي التي تطال عملية بيع العملة عبر ما يعرف بسوق البنك المركزي، وما يترتب عليها من عمليات تهريب وغسل أموال».

وكان رئيس البرلمان أسامة النجيفي كشف، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عن وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي، وفي حين أشار إلى أن المجلس باشر تحقيقا «معمقا» في سياسة البنك المركزي منذ عام 2003، فإنه تعهد بمتابعة التحقيق «شخصيا» لأهمية القضية.