اغتيال هشام السعيدني قائد «السلفية الجهادية» في قطاع غزة في غارة إسرائيلية

الغصين: العملية الإسرائيلية في إطار جرائم الحرب والانتهاك المبرمج للقانون الدولي والإنساني

فلسطينيون يشيعون جثمان قائد «السلفية الجهادية» هشام السعدني في مخيم البريج أمس (أ.ف.ب)
TT

في تصعيد كبير، أقدم جيش الاحتلال الليلة قبل الماضية على اغتيال قائد جماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة هشام علي السعيدني، ومرافق له، في بلدة «جباليا»، شمال قطاع غزة، في خطوة قد تزيد من حدة التوتر.

والسعيدني وأشرف صباح اللذان قتلا في الغارة عضوان بالحركة السلفية المحافظة. وذكرت مصادر فلسطينية أن طائرة استطلاع من دون طيار أطلقت صاروخا على الدراجة النارية التي كان يستقلها السعيدني (53 عاما)، في شارع «مسعود» في جباليا.

وكانت وساطة قام بها وجهاء من الأردن قد أسفرت عن قيام حكومة غزة بإطلاق سراح السعيدني، الذي يحمل الجنسية الأردنية. وكانت الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على السعيدني، في أعقاب المواجهات التي اندلعت بين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة غزة والجماعات السلفية. وقام عناصر من «السلفية الجهادية» باختطاف ناشط السلام الإيطالي أريغوني للمطالبة بالإفراج عن السعيدني، وقاموا بقتله بعدما رفضت الحكومة الإفراج عنه. وقامت الأجهزة الأمنية بمداهمة المكان الذي كان يحتجز فيه الخاطفون أريغوني، وقامت بتصفية اثنين منهم.

ويُعد السعيدني، المعروف بـ«أبو ليد المقدسي»، من أبرز قادة الجماعات السلفية الجهادية على مستوى فلسطين والأردن، كما يُعرف عنه أنه قاتل ضد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق قبل أن يستقر في غزة مؤخرا. ورغم وجودهم الضعيف في غزة يصعد السلفيون الجهاديون من العنف ضد إسرائيل، واشتبكوا في بعض الأحيان مع حكومة حماس الفلسطينية، كما يعملون في سيناء المصرية. وذكر مصدران سلفيان أن السعيدني وصباح هما على الترتيب زعيما جماعتي التوحيد والجهاد وأنصار السنة. وتشارك الجماعتان «القاعدة» رؤيتها للجهاد العالمي، وتعارضان رؤية جماعات إسلامية أكثر اعتدالا مثل حماس و«الإخوان المسلمين» في مصر.

وقال المصدر لـ«رويترز» إن الرجلين دمجا جماعتيهما في الآونة الأخيرة ليشكلا مجلس شورى المجاهدين ويصبحا فعليا زعيمي الشبكة الجهادية في غزة. وقال مصدر لـ«رويترز»: «دماؤهما ستكون نورا يضيء طريق المجاهدين ونارا تحرق اليهود»، مضيفا أن الرد لن يقتصر على إطلاق صواريخ قصيرة المدى وهو الأسلوب الذي يفضله النشطاء لمهاجمة إسرائيل.

وقد وصل السعيدني إلى غزة عام 2008 عندما انهار الجدار بين قطاع غزة ومصر في أوج أزمة الحصار بعد رحلة طويلة تنقل فيها بين مصر التي ترعرع فيها، والأردن والعراق حيث كان عضوا ناشطا في الجماعات السلفية. وذكرت مصادر طبية فلسطينية أن إصابة السعيدني قد أدت إلى فصل رأسه عن جسده. وبعد ساعات من الحادث قام جيش الاحتلال باغتيال شخص ثالث أثناء تحركه على دراجة نارية شرق مدينة «خان يونس»، جنوب القطاع.

ومن ناحيتها، اعتبرت حكومة غزة عمليات الاغتيال تصعيدا «بالغ الخطورة، واستمرارا للعدوان على سكان القطاع وممتلكاتهم». وقال إيهاب الغصين، مدير مكتب الإعلام الحكومي، إن التصعيد الإسرائيلي «يأتي في إطار جرائم الحرب التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي والانتهاك المبرمج للقانون الدولي والإنساني». وفي تصريح صحافي صادر عنه، قال الغصين إن هذا التصعيد يؤكد أن الاحتلال «يبيت النية لدفع القطاع نحو مواجهة جديدة قبيل الانتخابات (الإسرائيلية)». واعتبر الغصين أن لهذا التصعيد «مدلولات خطيرة، فهو انعكاس للأزمة الداخلية التي يعيشها الاحتلال، كما أنه يأتي في إطار المزايدات الانتخابية، حيث حاول الاحتلال دائما أن يحقق أهدافه السياسية والانتخابية على حساب الدماء الزكية من أبناء شعبنا الفلسطيني». وأضاف «المقاومة الفلسطينية التي كانت لها كلمة واضحة في الفترة الماضية في الرد على جرائم الاحتلال قادرة على وقف هذه العربدة الصهيونية، وإن وحدة شعبنا ووحدة مقاومتنا كفيلة بصد هذه الهجمة العدوانية الصهيونية»، على حد تعبيره.

وفي تطور لاحق للعدوان الإسرائيلي، استهدفت طائرات حربية إسرائيلية نفاثة من طراز «F16» موقع بدر التابع لكتائب القسام جنوب مدينة غزة، من دون أن يبلغ عن إصابات.

ومن ناحيته، قال جيش الاحتلال إن السعيدني هو زعيم الجماعة السلفية (التوحيد والجهاد)، وإنه كان مسؤولا عن مقتل جندي من جيش الاحتلال على الحدود الدولية بين إسرائيل وقطاع غزة قبل أكثر من ثلاث سنوات. وزعم الجيش الإسرائيلي أن عناصر الجهاد العالمي في قطاع غزة أجروا الاستعدادات خلال الأيام القليلة الماضية لارتكاب «اعتداء» في إسرائيل. وهدد جيش الاحتلال بأن «سكان غزة لن ينعموا بالنوم» ما دامت فصائل المقاومة في القطاع مستمرة في إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون باتجاه البلدات والتجمعات السكنية الواقعة جنوب الدولة العبرية. وأوضح جيش الاحتلال أن حركتي حماس والجهاد حصلتا على «تحذير آخر مفاده بأن الجيش الإسرائيلي لن يرتدع، وسيجلب الثمن من المنظمات الفلسطينية المختلفة العاملة في قطاع غزة». وأضاف الجيش الإسرائيلي في بيان صادر عنه أن «قيادة حماس المسيطرة على قطاع تتحمل مسؤولية أي عملية تنطلق من قطاع غزة ضد إسرائيل، فهناك من يعتقد أن إسرائيل الآن تمر بمرحلة انتخابات، لكن عملية الاغتيال التي قام بها الجيش تدل بشكل لا يقبل التأويل على جدية الجيش للرد العسكري على إطلاق الصواريخ».