تونس: «الترويكا» الحاكمة تحدد 23 يونيو المقبل موعدا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية

تنظيم القاعدة يدعو حركة النهضة إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب

TT

بعد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات بين مختلف الأحزاب السياسية، وعقب تجاذبات كادت تؤدي إلى إلغاء الشرعية الانتخابية، أعلنت الهيئة العليا لأحزاب الائتلاف الحاكم في تونس (الترويكا)، التي تضم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بقيادة مصطفى بن جعفر، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية برئاسة محمد عبو، وحركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي، في بيان أمس، وبشكل يكاد يكون نهائيا، أنها اتفقت على يوم 23 يونيو (حزيران) المقبل، موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس، على أن تجري الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية يوم 7 يوليو (تموز) المقبل.

ويسود جدل في تونس بشأن انتهاء ما يعرف بـ«الشرعية الانتخابية» للمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) والحكومة المؤقتة مع انتهاء التاريخ الرمزي الذي حدد سلفا من قبل 12 حزبا داخل المجلس التأسيسي للانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد. بيد أنه بات من المستحيل الالتزام بالتاريخ المعلن في ظل تراكم الملفات المعلقة، الأمر الذي أصبح ينذر بأزمة سياسية خطيرة في البلاد.

ويأتي هذا الإعلان قبل يوم واحد من تاريخ إجراء مؤتمر للحوار الوطني الذي سينطلق يوم غد (الثلاثاء)، ودعا له الاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد عمالي)، في إطار مبادرة قال إنها تسعى إلى تجاوز واقع التشرذم والتأزم الذي طبع العلاقات بين الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة.

وتقول قيادات سياسية إن «الترويكا» الحاكمة سحبت بهذا الإعلان البساط من تحت أقدام الاتحاد العمالي، وإن تحديد موعد الانتخابات، وإقرار النظام الرئاسي، والقانون الانتخابي، والاتفاق حول الهيئة المشرفة على الانتخابات، قد أفرغ مبادرة الاتحاد العام للشغل من محتواها.

وقال الائتلاف الحاكم إنه يرحب بكل مبادرة تدعم الشرعية، وتمثل قوة اقتراح للمجلس الوطني التأسيسي، وتبحث عن توافق حول القضايا الأساسية على أن يتم البت فيها داخل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) باعتباره السلطة الأصلية في البلاد.

وقدم الائتلاف مقترحا يتم بموجبه اعتماد نظام سياسي مزدوج ينتخب فيه رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب بما يضمن التوازن بين السلطات، ما يعني التخلي عن النظام البرلماني المفضل لدى حزب حركة النهضة.

وكانت أحزاب من المعارضة أعربت عن مخاوفها من اعتماد النظام البرلماني الذي يكرس هيمنة البرلمان والحزب الفائز بالأغلبية على صلاحيات رئاسة الجمهورية، ما يشرع الباب في النهاية للعودة إلى هيمنة الحزب الواحد على الحياة السياسية.

ونص بيان الائتلاف أيضا على اختيار هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات يتمتع أعضاؤها بالحياد والنزاهة والاستقلالية. وأشارت الأحزاب الثلاثة إلى دعم مرشح لرئاستها لكن دون أن تحدد اسم الشخصية.

وتفضل أغلب الأحزاب المعارضة التمديد لمهام الهيئة التي رأسها كمال الجندوبي، والتي كانت أدارت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن هذا المقترح اصطدم برفض الائتلاف.

إلى ذلك، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري، أحد أهم الأحزاب التونسية المعارضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الائتلاف الثلاثي الحاكم اتفق مع المعارضة على التوافق خلال المرحلة المقبلة، وسيعرض مجموعة من المقترحات على المجلس التأسيسي، التي ستغير من ظروف التعاطي السياسي، وتجعل مختلف الأطراف تتجاوز أزمة الشرعية المطروحة بقوة بحلول يوم 23 أكتوبر، تاريخ مرور سنة على إجراء أول انتخابات للمجلس التأسيسي.

وقال الشابي إن أحزاب الأغلبية وقعت يوم 15 سبتمبر (أيلول) 2011 على وثيقة المسار الانتقالي الديمقراطي، التي تلزم المجلس التأسيسي بالعمل مدة سنة فقط، وعلى الأغلبية أن تلتزم بتلك الوثيقة. واعتبر الشابي أن تحديد روزنامة واضحة لمختلف المحطات السياسية المقبلة قد يغير من واقع العلاقة بين الأغلبية والأقلية بشرط الالتزام بتفاصيل الاتفاق الجديد.

على صعيد آخر، دعا «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» مساء أول من أمس، حركة النهضة إلى «إلغاء» و«تجريم» قانون مكافحة الإرهاب الموروث من عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وإلى «الابتعاد» عن «منهج بن علي في التعامل مع الشباب المسلم».

وقال التنظيم في «بيان إلى عقلاء الحركة الإسلامية في تونس» إن «هذا القانون سيئ السمعة ألهبت ظهورنا جميعا بسياطه، سلفيين ونهضة وغيرهم، يجب أن يسقط وتسقط مشتقاته كما سقط الطاغية بن علي، ويجب أن يتوقف العمل به فورا، وعلى الغيورين الشرفاء والأحرار في تونس أن يتحركوا لإلغائه وتجريمه».

ونصح التنظيم بأن «يبتعد الإخوة في حركة النهضة عن منهج بن علي في التعامل مع الشباب المسلم؛ لأن نفس السياسات تؤدي حتما إلى نفس النتائج، ونظن أن العبر المستفادة من تجربتهم الأليمة مع نظام بن علي كافية في هذا الباب، والسعيد من اتعظ بغيره».

وأضاف البيان الذي نشرته «وكالة نواكشوط للأنباء» الموريتانية المستقلة: «ارتأينا أن ندعو إخواننا عقلاء الحركة الإسلامية في تونس عامة، وحركة النهضة خاصة، إلى تدارك الوضع وتصحيح اتجاه البوصلة قبل فوات الأوان، تفويتا للفرصة على أعداء الداخل والخارج المتربصين بالصحوة (الإسلامية) المباركة في تونس».

وكان حزب «جبهة الإصلاح» السلفي التونسي حذر مؤخرا الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة من مقاضاة سلفيين بموجب قانون «مكافحة الإرهاب».