رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا: نبذ الكتائب المسلحة يحولها إلى «خطر على الجميع»

نوري العبار يكشف في حوار مع «الشرق الأوسط» عن مقترحات لتأسيس «الحرس الوطني الليبي» لاستيعاب آلاف الثوار

TT

كشف نوري العبار، رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، في حوار مع «الشرق الأوسط» عن مقترحات من جانب قيادات الثوار لتأسيس «الحرس الوطني الليبي»، على غرار تجربة «الحرس الوطني الأميركي» و«الحرس الوطني الفرنسي».

وتهدف هذه المقترحات التي يتم التحدث عنها علانية للمرة الأولى، إلى استيعاب الآلاف من عناصر الكتائب المسلحة التي انخرطت على مدى أشهر في قتال قوات العقيد الراحل معمر القذافي العام الماضي، قبل أن تتحول إلى ما يشبه المعضلة التي تواجه الحكام الجدد في طرابلس، رغم وجود وزارتين للقوات المسلحة والداخلية.

ويعتبر العبار من الوجوه الليبية المعروفة، الذي له علاقة وثيقة بأحد أهم الملفات المتداولة بين الكتائب والحكومة منذ أشهر، خاصة بعد حادث تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي ومقتل السفير الأميركي وثلاثة من رفاقه.

وقال العبار عن رد الحكومة حيال مقترح «الحرس الوطني» إن استجابة الحكومة «بطيئة» حتى الآن، مشيرا إلى أن «هذا الملف للأسف الشديد لم يتم تناوله بشكل موضوعي»، وأضاف أن «الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الثوار لن يكونوا بأي حال من الأحوال عسكريين»، و«لا يمكن أن يكونوا مدنيين بشكل تلقائي»، على الرغم من أنهم هم من يقومون في الوقت الحالي بحماية الحدود والمنشآت النفطية وحماية المدنيين.

وأوضح العبار أن المؤسسة الثالثة المقترحة (الحرس الوطني) يمكنها أن تتولى الشؤون الأمنية الداخلية سواء الشق الأمني أو الشق العسكري، وأنه «يمكن وضع جدول زمني لوجود هذا الجسم ويصاحب بناء الجيش والبناء الأمني»، في ما بعد، مشيرا إلى أن «هذه ليست تجربة جديدة»، وأن كل الدول التي مرت بثورات عالجت انتشار الثوار والسلاح بهذه الطريقة، مثل تأسيس الحرس الوطني في أميركا وفرنسا.

وتحدث العبار حول عدة قضايا منها ملابسات حادث تفجير القنصلية الأميركية، وتأثير إجراء انتخابات المؤتمر الوطني على بعض الأفكار السياسية التي كان يروج لها البعض؛ ومن بينها قضية اتباع نظام حكم فيدرالي لا مركزي. وقال العبار إن وجود «المؤتمر الوطني» لا يعني انتهاء فكرة الفيدرالية.. وفي ما يلي نص الحوار.

*البعض كان يتخوف من أن تعرقل الكتائب المسلحة العملية الانتخابية.. ما تقييمك لأداء هذه الكتائب؟

- أولا أرحب بإتاحة هذه الفرصة لتناول مثل هذا الملف الخطير، خاصة في هذه الفترة؛ حيث أصبح من الملفات المثيرة للجانبين (الحكومة والكتائب). في بداية الانتخابات، كانت وزارة الداخلية مهتمة بوضع خطة أمنية تعتمد إلى حد كبير جدا على الثوار، وكانت معظم القوى الأمنية التي أمنت الانتخابات من الثوار، بالإضافة إلى الأمن الوطني وجزء من الجيش الوطني، وكانت النسبة الأكبر من الثوار، ليس فقط من الثوار المنضوين تحت وزارة الداخلية؛ بل حتى من الثوار المنضوين تحت وزارة الدفاع، فكانوا من دون أي تردد يوجدون بشكل قوي في الشارع لحماية مراكز الاقتراع والنتائج وعملية الفرز والعد، خاصة في المناطق الشرقية في بنغازي وأجدابيا، وفي مناطق الجبل؛ حيث كانت هناك توترات أمنية شديدة. كان هناك خوف من انهيار العملية الانتخابية في تلك المناطق، لكن الثوار كانوا أكثر الفئات التي ساندت ودعمت وأمنت سير العملية الانتخابية.

*بالنسبة للمشكلة الحالية بين الكتائب المسلحة والسلطات الجديدة.. كيف تلخصها، خاصة بعد الوقائع الأخيرة من تفجير للقنصلية الأميركية في بنغازي، وبعد خروج الآلاف في بنغازي للمطالبة بحل الكتائب؟

- فلنرجع قليلا بشأن هذا الموضوع إلى ما قبل تحرير البلاد من قوات القذافي، حيث كنت شخصيا مهتما بتواصلي مع قادة الثوار في الجبهة الشرقية تحديدا، وماذا سيكون عليه الثوار بعد التحرير. وتم التواصل حتى مع المجلس الوطني الانتقالي (الذي كان يرأسه المستشار مصطفى عبد الجليل) بهذا الشأن. وكان قادة الثوار أنفسهم يدفعون باتجاه ضرورة وجود شرعية حقيقية لينضووا تحتها. لم يكن الطرح منذ ذلك الوقت أن تكون الكتائب شيئا مستقلا عن الدولة، بل كانوا حريصين على وجودهم تحت شرعية الدولة، ولكن نتيجة لظروف الحرب، لم يحظ هذا الملف بالاعتناء الكافي. وبعد التحرير، كان استقبال الثوار الفاتحين استقبالا كبيرا وضخما حتى نشعرهم بامتنان الشعب بما حققوه من نصر. وطُرح مشروع متكامل خاص باستيعاب الثوار تمثل في برامج هيئة شؤون المحاربين، لكن (الهيئة) لم تحظ بدعم كاف خلال هذه الفترة وأصبحت برامجها من دون تنفيذ بشكل دقيق، لأنها كانت تحتاج إلى تغطية مالية أو تنسيق مع باقي الوزارات الأخرى، مثل وزارة التعليم العالي ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية. كان الاتجاه فعليا، حتى من جانب قيادات الثوار أنفسهم، إلى أن لا تكون هذه الكتائب كتلا موجودة ومتناثرة.

*بالنظر إلى كل التطورات الأخيرة.. إلى أين انتهى ملف الثوار، في الوقت الراهن؟

- للأسف الشديد هذا الملف لم يتم تناوله بشكل موضوعي، من جانب الحكومة، بمعنى أنه لم يكن (يصح) أبدا أن نغض الطرف عن الموجودين فعليا على الأرض ويؤمنون الحدود ويؤمنون مناطق التوتر مثل الكفرة أو الجنوب أو مناطق أخرى، إضافة إلى التأمين داخل المدن. جُل الموجودين على الأرض هم فعليا من الثوار، والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن الثوار لن يكونوا بأي حال من الأحوال عسكريين.. طبيعة تركيبتهم لن تكون عسكرية، فهم يحتاجون إلى تأهيل طويل حتى يتمكنوا من أن يكونوا منضبطين حسب القانون العسكري، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن يكونوا مدنيين بشكل تلقائي، لأنه ما دام شخص حامل السلاح ويتولى مهمة حماية أمنية، فلن يكون مدنيا مثله مثل غيره.

*وما دور المؤسسة العسكرية حيال هذا الوضع؟

- المؤسسة العسكرية غير موجودة فعليا بصفتها مؤسسة، ولكنها موجودة أفرادا وقيادات عسكرية أو أشخاصا من القوات المسلحة في السابق شاركوا في التحرير وبعدد لا بأس به. الطرح الذي كان موجودا من الطرفين، حسب آخر لقاء بين رئيس المؤتمر الوطني (محمد المقريف) والثوار، تقريبا عقب أحداث بنغازي بيومين، هي ضرورة وجود مؤسسة عسكرية. الثوار لا يرفضون وجود مؤسسة عسكرية، ولكن، من وجهة نظر الثوار، يحتاج بناء هذه المؤسسة لوقت كاف، وبإمكان الثوار أن يرحلوا ويتركوا كل شيء، ولكن من سيقوم بحماية المواقع التي هم فعليا الآن يقومون بحمايتها، ولمن سيسلمون السلاح. إذن، هم يحتاجون إلى مؤسسة قادرة على أن تحل محل الثوار في حماية الحدود وحماية المنشآت النفطية وحماية المدنيين.

*ماذا عن المقترح الخاص بتأسيس «الحرس الوطني الليبي»، مثل «الحرس الوطني الأميركي» و«الحرس الوطني الفرنسي»؟

- السؤال أساسا هو: كيف يمكن أن تكون لدينا حماية أمنية للبلد؟ وإلى أن يقوم الجيش الوطني والأمن الوطني بالمهمة، من يتولى هذه الحماية؟ الطرح الذي ننشده هو أنه لا بد أن تذوب هذه الكتائب بشكل نهائي.. تذوب بكل تسمياتها، ولكن كنا نقترح ضرورة إيجاد جسم ثالث مؤسسي، وليس كتلا أو كتائب متفرقة.. جسم مؤسسي بإداراته وفروعه وشعبه ووحداته. هذا الجسم هو شبه عسكري، أي ليس له الضبط والربط في القانون العسكري، وكذلك ليس جسما مدنيا. وتوضع لهذا الجسم مؤسسة تكون تحت مظلة رئاسة الأركان أو وزارة الدفاع أو الداخلية، وما إلى ذلك. هذا الجسم يتولى مهامه الأمنية في هذه المرحلة إلى أن يتم تكوين جيش متكامل ومؤسسة أمنية متكاملة. هذه المؤسسة الثالثة المقترحة يمكن أن تتولى الشؤون الأمنية الداخلية سواء في الشق الأمني أو الشق العسكري الداخلي، ولكن، كما قلت، توضع لها قوانين خاصة، وهيكل إداري خاص، وجدول للمرتبات خاص بها، وبالتالي كل من ينضوي تحت هذه المظلة سيعرف تماما أين يكون موجودا، سواء على حسب إمكاناته القتالية أو مؤهلاته العلمية. ويمكن وضع جدول زمني لوجود هذا الجسم يصاحب بناء الجيش والبناء الأمني، وتوضع له اختصاصاته حتى يتم شيئا فشيئا إحلال المؤسسات الأمنية والمؤسسات العسكرية محل هذا الجسم. وهذه ليست تجربة جديدة وليست بدعة.. كل الدول التي مرت بثورات عالجت انتشار الثوار والسلاح بشكل عشوائي، بهذه الطريقة.. الحرس الوطني الأميركي نشأ بهذه الطريقة، وكذلك الأمر في فرنسا.

*وهل الكتائب ترى أن هذا الطرح وهذا المقترح هو الحل؟

- حسب قادة الثوار الذين هم بالفعل موجودون بالمنطقة الشرقية تحديدا، نوقش هذا، وكنت موجودا، حتى قبل إعلان التحرير استباقا لما يمكن أن يكون عليه حال الثوار في ما بعد. وهذا جزء من إعادة تأهيل أو دمج الثوار تدريجيا في المؤسسات العامة للدولة في هذه المرحلة الانتقالية، حيث بالإمكان للشخص أن ينتقل بشكل مباشر إلى الجيش، وينخرط في تكوين الجيش، لكنه لا يمكن أن ينخرط بكتلته، أي لا يمكن أن تنخرط كتيبته تحت مظلة الجيش، لأنه بهذا لن تكون مؤسسة عسكرية، وبالتالي لن يكون الشخص عسكريا بأي حال من الأحوال.

*تقصد أن الطرح الآن هو أن ينضم هؤلاء الثوار إلى «الجسم المقترح» الذي يشبه الحرس الوطني الأميركي، فهل قادة الكتائب يتبنون هذا الاقتراح ويطمحون في تنفيذه؟

- أعتقد أن وجود مؤسسة ذات هيكلية محددة، واختصاصات محددة على شاكلة الحرس الوطني الأميركي أو الفرنسي، ستساهم في أن تذوب الولاءات لأمراء أو قادة هذه الكتائب، وسيكون عملا مؤسسيا أيضا، وفي المستقبل ربما تكون هذه المؤسسة جسما احتياطيا ينتدب في حالات الطوارئ أو الكوارث الطبيعية، وما إلى ذلك. وظهر هذا المقترح بشكل قوي خاصة بعد الأحداث الأخيرة (مظاهرات بنغازي ضد الكتائب). وبشكل عام، لا يسعى قادة الثوار للوقوف ضد رغبة الناس.

*وهل تم التحدث مع الحكومة لاستحداث مؤسسة باسم «الحرس الوطني» لاستيعاب الثوار؟

- بشكل رسمي، لم يطرح ذلك، ولكن بوصفه أحد الحلول المقترحة، تم التواصل معهم بشكل مباشر، سواء بالنسبة للحكومة السابقة أو المجلس الوطني الانتقالي. ولا أدري ما مدى التحفظات. قد تكون هناك تخوفات أو اعتقاد بأن المؤسسة العسكرية قادرة على بناء نفسها بشكل سريع، لكن هذا للأسف الشديد وهمٌ غريب جدا، لأن التقارير المنشورة تقول إنه لا يداوم في المؤسسة العسكرية إلا نسبة بسيطة جدا من القوات العسكرية. تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن إيجاد جيش قوي يتطلب أقل من 10 سنوات. لكن السؤال قبل كل شيء هو: هل ليبيا تحتاج إلى جيش أم لا؟ ليبيا مترامية الأطراف وشاسعة وعدد سكانها قليل. هل نحتاج إلى جيش تقليدي يستطيع أن ينتقل بشكل سريع إلى هذه لمناطق أم لا؟ توجد أسئلة جوهرية أنا لا أجيب عنها، ولكن لا بد أن تطرح في حال ما إذا كنا نريد أن نبني الجيش.

*كم يقدر عدد عناصر الكتائب المسلحة في المنطقة الشرقية من ليبيا؟

- بالنسبة للعدد، لا أستطيع أن أعطي رقما محددا، ولكن من خلال ما هو موجود، من خلال خطة تأمين العملية الانتخابية الأخيرة، التي شاركت فيها وزارة الداخلية وأيضا الجيش، ربما يشكل عدد الثوار أكثر من 65 في المائة من القوة التي كانت مقترحة لحماية العملية الانتخابية. كان العدد المقترح هو 80 ألف عنصر لحماية الانتخابات في ليبيا، 65 في المائة منهم يشكلون القوة التي يستند عليها الثوار.

*البعض يشير إليك باعتبار أن لك علاقة مباشرة بكتائب الثوار، ولوحظ أن البعض يستريح إليك حين يريد أن يعرف شيئا بشأن هذه الكتائب.. لماذا؟

- معروف بصفة عامة أن الثوار الذين شاركوا في القتال ضد قوات القذافي لا يريدون من أحد التسلق على مجهوداتهم ودمائهم، فدائما مَن كان مصاحبا لهم بشكل مباشر منذ البداية، يخلق معهم نوعا من الثقة المتبادلة خاصة أثناء فترة العمل على الجبهات، وما يتطلبه ذلك من عمل مشترك وتعاون من أجل تحقيق النجاح للثورة.

*هناك من يقول إنه في حالة التحدث عن حلول مع الكتائب ستكون هناك مشكلة مع الكتائب ذات الصبغة الإسلامية.. هل بالفعل توجد كتائب محسوبة على تيارات إسلامية؟

- ما نراه فعليا من أفراد هذه الكتائب هو أنها مختلطة.. مثلا البعض منهم يواظب على الصلاة، وبعضهم لا يواظب عليها.. في فترة الجبهات تم انتداب ثوار من خلفيات متباينة.

*نعم، لكن السؤال يخص الوضع الحالي. فكتيبة «أنصار الشريعة» مثلا يقال إنها «إسلامية متشددة»، ويقال إن هناك كتائب أخرى محسوبة على جماعة «الإخوان المسلمين»؟

- ليس الوضع على هذه الشاكلة.. لا أتصور أنها تكون بهذا المعنى، وإن وجدت بهذه الصورة، فهم جزء. وما أريد تأكيده هو أن هذه الكتائب بغض النظر عن خلفيتها الآيديولوجية، هي جزء من النسيج الليبي أولا، وثانيا، هم أناس يحملون السلاح، وهذا يضعك أمام خيارين؛ إما أن تكون معي أو ضدي.. إذا رفضته سيكون ضدي، شئت أم أبيت، ولذلك لا بد من خلق آلية للتواصل مع هذه الكتائب، وخلق آلية لدمجها تحت مظلة الدولة، وإلا ستذوب في ثنايا الجبال والشِّعاب، وبالتالي ستكون مصدر خطر على الجميع. لهذا لا بد أن نحتويها، ولا يمكن أن نتعامل معها على أنها جسم منبوذ أو غريب، لأن الدفاعات الطبيعية (للكتائب) ستكون ضدنا على طول الخط. لا يمكن أن يتم التعامل مع ملف الثوار بقدر من الاستعلاء أو القول إنهم أصبحوا مصدر إزعاج أو إنهم تجاوزوا حدودهم، وغيرها من الألفاظ التي تثير حفيظتهم، بينما الحكومة أصلا لا تملك من الأمر شيئا، وليست لديها قوة قادرة على فرض وصايتها على هؤلاء الثوار إطلاقا.. فهم جزء من الكيان.

إن المنطق والعقل والسياسية يقتضي أن نجلس بشكل موضوعي لدراسة هذا الملف لإيجاد حلول عملية له، وربما ما يتم طرحه من نموذج «الجسم الثالث» (الحرس الوطني) قد تكون عليه تحفظات من الحكومة.

*حين تم طرح موضوع إنشاء جهة تضم كتائب الثوار مثل «الحرس الوطني الأميركي» أو غيره، ماذا كان رد الحكومة؟

- للأسف الشديد الاستجابات دائما بطيئة.. اعتدنا بطء استجابة الحكومة.. تتفاقم الأمور، ومن ثم تعالج تداعيات الحدث ولا تعالج أسباب هذه التداعيات، ونتمنى أن تكون الحكومة الجديدة أقدر على تفهم هذا الوضع، وعدم تركه. لا يمكن أن يكون في جسم وزارة الداخلية شيء اسمه «اللجنة الأمنية المؤقتة». هذا جسم دخيل على وزارة الداخلية. لا يمكن أن تبنى وزارة الداخلية بجسم مؤقت. إذا كانت مؤسسة تريد أن تحفظ الأمن في البلاد، لا يمكن أن تبنى إلا على شروط ومعايير محددة. لو خُلق جسم داخلها يصبح نشازا. ما نقترحه هو ضم هذه التجمعات العسكرية منها والأمنية في هذا الجسم (المقترح).

*هل سيتم استكمال طرح هذه الحلول بما فيها استحداث الجسم الثالث (الحرس الوطني) على الحكومة المقبلة؟

- ضروري.. ضروري.

*حين حدث تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي، هل كنت مطمئنا إلى أن أيا من الكتائب لم تكن متورطة هي أو أحد عناصرها في الهجوم؟

- بالعكس. كانت بعض هذه الكتائب حريصة على حماية القنصلية، وأبدوا استعداهم، وشاركوا فعليا في حماية القنصلية.

*قبل الحادث أم بعده؟

- أثناء الحادث. وحتى على مستوى شخصي، أنا أدرك طريقة تفكير هؤلاء الأشخاص. هم ينشدون بالفعل استقرار ليبيا، فلا يمكن أن يكونوا جزءا من هذه المنظومة. هذا تقديري الشخصي، وإن كانت الحادثة نفسها لها ملابسات ستكشف عنها الأيام. لكن إجمالا هذا الحادث يشير إلى وجود مشكلة أمنية حقيقية في مدينة بنغازي. أنا تجولت في المدينة عقب الحادث. كان من المفترض أن رد الفعل الطبيعي أن تكون هناك صرامة أمنية داخل المفارق والشوارع والمداخل، وأن تكون المسألة حازمة، لكن للأسف الشديد لم يكن هناك أي وجود فعلي ينبئ عن سيطرة أو إحكام للقبضة الأمنية في المدينة.

*هل هذه مسؤولية الحكومة والدولة أم الكتائب؟

- هذه مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى. في الغالب الكتائب يتم استدعاؤها من جانب الحكومة في وقت الشدة، فهي (الكتائب) موجودة ولكن يتم استنفارها حين تقع أي حوادث أو توترات في ليبيا.

*من في رأيك يمكن أن يكون وراء تفجير القنصلية.. هل هو عفوي أم كان مخططا له؟

- حسب قراءتي ليس لهذا الحادث فقط، ولكن دائما الأحداث تأتي بتداعيات معينة.. التخطيط ربما ليس للحدث في حد ذاته، ولكن التخطيط لتهيئة الظروف لخلق أي خرق أمني.. الزعزعة التي تحدث نتيجة انفعال الناس ونتيجة خروجهم لأي سبب كان، هناك من يستغل أو يستثمر هذه الأجواء لإحداث أي خرق أمني.

*هل انتخابات المؤتمر الوطني (البرلمان) قضت على فكرة الفيدرالية التي يطالب بها البعض في بنغازي؟

- لا أستطيع أن أقول ذلك، باعتبار أن حامل الفكر سيظل قادرا على إثارته من جديد، ولكن ما أستطيع قوله هو أن الليبيين أرادوا فقط أن تحدث الانتخابات، وبالتالي حدثت الانتخابات. وإجراء الانتخابات في حد ذاته لا يعني إنهاء أو وأد أي فكرة كانت موجودة قبلها.