طهران تنفي اتهامها بشن هجمات إلكترونية وتعرض المساعدة على «المتضررين»

نتنياهو يشكو من تصاعد الهجمات الرقمية على البنية التحتية المعلوماتية

TT

في وقت نفت فيه إيران تصريحات مسؤولين أميركيين حول ضلوعها في شن هجمات إلكترونية استهدفت مصارف أميركية وشركة النفط السعودية «أرامكو» وأخرى للغاز في قطر، شكا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس من ازدياد الهجمات الرقمية على بلاده.

وبينما يتصاعد الحديث في واشنطن حول نية شن هجمات إلكترونية استباقية تستهدف الجمهورية الإسلامية، نفى مهدي إخوان مدير قسم الفضاء الإلكتروني في إيران الاتهامات الأميركية، وقال: «هذه الاتهامات الخاطئة وغير الفنية ذات دافع سياسي، وجزء من حملة الانتخابات (الرئاسية) الأميركية الحالية»، المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) عن المسؤول القول: «إيران نفسها كانت ضحية لهجمات إلكترونية، ولذلك نعرض مساعدتنا للشركات المتضررة».

وفي إسرائيل، قال نتنياهو إن بلاده تواجه عددا متزايدا من الهجمات الإلكترونية، وأوضح في الاجتماع الأسبوعي للحكومة: «لقد كانت هناك جهود متزايدة لتنفيذ هجمات إلكترونية على البنية التحتية المعلوماتية الإسرائيلية» دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وأضاف: «في كل يوم، هناك العديد من المحاولات لاختراق أنظمة الكومبيوتر الإسرائيلية، ولهذا قمت بإنشاء المديرية الوطنية الإلكترونية العام الماضي التي تعمل (كقبة حديدية) إلكترونية ضد الإرهاب باستخدام الكومبيوتر».

ولم يحدد نتنياهو أي أنظمة تعرضت للهجوم ولم يصرح بالجهة التي تقف وراءها.

وتعرضت مواقع إسرائيلية عديدة للقرصنة الإلكترونية بداية العام الحالي وتبنى معظمها قراصنة إلكترونيون عرب. وادعى قراصنة إسرائيليون أنهم اخترقوا عدة مواقع إلكترونية إيرانية ردا على ذلك.

في غضون ذلك، قالت مصادر إخبارية أميركية أمس إن أجهزة استخباراتية أميركية تخطط لهجوم استباقي إلكتروني على إيران، وذلك بعد تصريحات ليون بانيتا، وزير الدفاع الأميركي، الخميس الماضي بأن إيران ظلت تشن هجمات إلكترونية على الولايات المتحدة والسعودية وقطر.

ورغم أن بانيتا لم يتحدث في وضوح عن هجوم استباقي، مكتفيا بالحديث عن أن الولايات المتحدة تواجه «بيرل هاربر إلكترونية»، إشارة إلى هجوم اليابان سنة 1941، على القاعدة العسكرية الأميركية في هاواي، الذي أدخل الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية ضد دول المحور؛ اليابان وألمانيا وإيطاليا، فإن تصريحات بانيتا كانت الأولى من نوعها بشكل رسمي عن الهجمات الإلكترونية. وبعد تصريحات وزير الدفاع، التي لم تكن مفصلة، سارع خبراء أميركيون، ومسؤولون طلبوا عدم نشر أسمائهم ووظائفهم، وعلقوا على الموضوع، متهمين إيران بالضلوع في تنفيذها.

وقالت التعليقات إن المسؤولين والاستخباراتيين الأميركيين يعيدون تعريف الهجوم والدفاع في الفضاء الإلكتروني، ويضعون خططا للأخذ بزمام المبادرة عبر شبكات الكومبيوتر، ليقدروا على كشف هجوم مقبل، أو متوقع، ويركزون على اتخاذ إجراءات وقائية، ويدرسون سيناريوهات هجومية استباقية أو انتقامية لمعاقبة أي هجوم إلكتروني على هدف أميركي.

وأمس نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» على لسان أحد كبار المسؤولين في وكالة استخبارات أميركية، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن نقاشا يجري داخل إدارة الرئيس باراك أوباما عن إيجابيات وسلبيات إصدار بيان علني بأن الولايات المتحدة تملك سلاحا إلكترونيا جديدا، وتقدر على استخدامه في الرد على أي هجوم، أو استباقيا. وقال المسؤول: «الدول التي يحب أن تعرف (امتلاك الولايات المتحدة السلاح الإلكتروني الجديد) تعرف فعلا».

وكانت مصادر أميركية قالت إن «هاكرز» (قراصنة إنترنت) في إيران مسؤولون عن الهجمات، بدعم من الحكومة الإيرانية، وإن الحكومة الإيرانية صارت تدعمهم ردا على زيادة العقوبات الأميركية والدولية ضدها؛ بل إن بعض الهجمات قامت بها أجهزة إيرانية حكومية، وأن الحكومة الأميركية حددتها، لكنها لا تريد إعلان ذلك.

وكانت وكالة «أسوشييتد برس» نقلت على لسان مسؤول سابق في جهاز استخبارات أميركي، أيضا طلب عدم نشر اسمه، قوله إن الحكومة الأميركية تعرف أن مؤسسات حكومية إيرانية، وليس فقط «هاكرز»، قامت ببعض الهجمات، خاصة التي على السعودية وقطر، وإن الحكومة الأميركية تقوم بمساعدة الدولتين.

بدورها، قالت شركة «أرامكو» السعودية أول من أمس لـ«الشرق الأوسط» إنها ستكشف عن تفاصيل الهجوم على الشبكة الإلكترونية بعد انتهاء التحقيقات.

وكان بانيتا حذر، يوم الخميس الماضي، من أن الولايات المتحدة ستضرب الدول التي تشن عليها هجمات إلكترونية، وقال إن فيروس «شيمعون» الإيراني هجم على كومبيوترات تابعة لشركه «أرامكو» السعودية، وشركة «راس غاز» القطرية، وإن «شيمعون» يمكن أن ينتشر من خلال أجهزة الكومبيوتر المتصلة بالشبكات التي هوجمت، وفي نهاية المطاف، يمحو الملفات عن طريق الكتابة فوقها، وإن «شيمعون» استبدل بملفات مهمة في شركة «أرامكو» صورة حرق العلم الأميركي. وكتب فوق كل البيانات، مما جعل أكثر من 30.000 كومبيوتر «عديمة الفائدة»، أجبر الشركة على استبدالها، وإن هجوما مماثلا حدث في قطر.

وقال بانيتا، أمام مؤتمر لرؤساء ومديري بنوك وشركات أميركية في نيويورك، إن القوات الأميركية المسلحة على استعداد للرد على هذه الهجمات الإلكترونية، لكنه لم يقدم تفاصيل أكثر عن الدول التي تقوم بالهجوم، ولم يقدم تفاصيل عن طرق الرد على هذا الهجمات؛ غير أنه قال إن الولايات المتحدة «ستنظر في توجيه ضربات استباقية»، وأضاف: «يجب أن يدرك المعتدون المحتملون أن الولايات المتحدة لديها القدرة على تحديد مواقعهم، وتحميلهم مسؤولية الهجمات التي تضر أميركا أو مصالحها».