مرشد «الإخوان» يهاجم إسرائيل للتغطية على وعود الـ100 يوم

أهم التحديات الدبلوماسية التي تواجه الرئيس مرسي

TT

سلطت مقالة نارية ضد اليهود كتبها مرشد جماعة الإخوان المسلمين في مصر الضوء على واحد من أهم التحديات الدبلوماسية التي تواجه الرئيس الإسلامي الجديد للبلاد، محمد مرسي، وهو يحاول الموازنة بين المشاعر الشعبية والحاجة إلى علاقات أمنية مع إسرائيل. ودعا المرشد الأعلى لـ«الإخوان»، محمد بديع، المسلمين في جميع أنحاء العالم هذا الأسبوع إلى الدفاع عن القدس، قائلا: «الصهاينة لا يعرفون غير أسلوب القوة»، وأكد أن اليهود نشروا الفساد، وذبحوا المسلمين ودنسوا المقدسات.

وذهب بديع في استنكاره إلى ما هو أبعد من مجرد الانتقاد العنيف لإسرائيل وسياساتها، كما هو شائع في مصر، حيث أحدث شرخا أكبر بين أقوى جماعة سياسية في البلاد، ومن المرجح أن يخلق هذا ضغوطا أكبر على الرئيس المصري مرسي, الذي ترشح للرئاسة بصفته مرشحا لـ«الإخوان», من أجل أن يضطلع بدور أكثر حزما من الدور الذي كان يلعبه سابقه في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي, بحسب «أسوشييتد برس».

ولم يصدر مرسي أي تصريحات علنية بشأن ما قاله بديع، الذي يعتبر أقوى انتقاد يوجه إلى إسرائيل منذ وصول مرسي إلى السلطة في شهر يونيو (حزيران) الماضي. ولم يرد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، ياسر علي، فورا على المكالمات الهاتفية التي أجريت معه للحصول على تعليق.

وقال إيلي شاكيد، السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر، إن هذا البيان الإخواني يهدف إلى صرف الأنظار بعيدا عن المتاعب التي يواجهها مرسي في أول 100 يوم له في الرئاسة، من نقص الوقود إلى تراكم أكوام القمامة في الشوارع. وذكر يوم السبت الماضي: «في كل مرة يحدث توتر داخلي في مصر الجديدة، يتم استهداف إسرائيل واليهود، وفي كل مرة يشهد الشارع المصري توترات أو احتجاجات، يقوم الإخوان المسلمون بإخراج العفريت المعادي للسامية من الزجاجة».

ويزداد شعور إسرائيل بالقلق من هيمنة «الإخوان»، الذين عانوا سابقا من القمع على السلطة بعد ثورة العام الماضي، التي أسقطت حسني مبارك، الذي كثيرا ما كان يظهر في الصور وهو يستقبل المسؤولين الإسرائيليين في القاهرة بمودة وحرارة.

وتتشارك الدولتان في المخاوف الأمنية بخصوص منطقتهما الحدودية القابلة للاشتعال، وكلاهما يسيطر على نقاط دخول وخروج الفلسطينيين من وإلى قطاع غزة. وقد قام مسلحون إسلاميون في شبه جزيرة سيناء المصرية خلال العام الماضي بتنفيذ هجمات على قوات الأمن من كلا البلدين، حيث اشتعلت التوترات العام الماضي عندما تعرضت السفارة الإسرائيلية للنهب من قبل محتجين مصريين بعد إطلاق نار عبر الحدود أدى إلى مصرع 6 من رجال الشرطة المصريين.

وهذا الصيف، قتل 16 جنديا مصريا في سيناء على يد مجموعة يشتبه في انتمائها إلى جماعات إسلامية مسلحة أثناء شهر رمضان المعظم، وأبدى المسؤولون الإسرائيليون استياءهم من إقدام مصر على زيادة حجم قواتها هناك لمحاربة المسلحين من دون التنسيق مع المسؤولين الإسرائيليين أولا قبل اتخاذ هذه الخطوة، طبقا لما تنص عليه معاهدة السلام التي أبرمت بين الدولتين عام 1979.

وقد تحاشى مرسي الحديث عن إسرائيل على الملأ، وكل ما فعله هو التعهد باحترام اتفاقيات مصر الدولية ومعاهدة السلام. وقد كانت هذه الاتفاقية، التي تعد الأولى بين إسرائيل وبلد عربي، أساسا لاستقرار المنطقة طوال ما يزيد على 3 عقود.

وهذا الصيف، ثارت توترات جديدة عندما قالت إسرائيل إن مرسي أرسل ردا إلى الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، الذي كان قد أرسل إلى الرئيس المصري خطابا يهنئه فيه بقدوم شهر رمضان، وأنكر مكتب مرسي إرسال هذا الخطاب.

ويعد بديع (69 عاما)، الذي قضى 15 عاما في السجن عندما كان في العشرينيات من عمره بسبب آرائه الإسلامية، وتم انتخابه في منصبه عام 2010، ثامن مرشد عام لجماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928. وبيانه هذا يعكس الموقف العام للجماعة من طموحات الفلسطينيين في إقامة دولتهم والسيطرة على شرق القدس، وهو موقع مقدس لكل من المسلمين واليهود. وهو لا يمتلك السلطة المنفردة في إصدار القرارات داخل الجماعة، لكنه يرأس مكتب الإرشاد بالجماعة الذي ينظر في القضايا الكبرى.

وقد نشر بيان بديع على موقع الجماعة على شبكة الإنترنت، كما تم إرساله عبر البريد الإلكتروني إلى الصحافيين يوم الخميس الماضي، الذي يوافق بداية موسم الحج. وقال بديع: «إن الوقت قد آن للأمة الإسلامية أن تجتمع على قلب رجل واحد من أجل القدس وفلسطين، بعد أن طغى اليهود في البلاد، وأكثروا في العالم الفساد، وأراقوا دماء العباد». وقد استنكرت منظمات مهتمة بمتابعة العداء للسامية هذه التصريحات، معتبرة إياها خطاب كراهية.

وقد تجمدت محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بسبب رفض إسرائيل إيقاف بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، التي يطالب الفلسطينيون بأن تكون دولتهم المستقبلية. وقال جمال سلطان، وهو أستاذ علوم سياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، إن «الإخوان» بذلك ربما يغازلون بعض جماهير المنطقة عن طريق استحضار الأزمة الفلسطينية.

وتابع سلطان قائلا: «مرسي، كرئيس, يحاول أن يتصرف كرجل دولة مسؤول عن إدارة شؤون البلاد، في حين أن بديع لديه حرية أكبر في التعبير عن آرائه».

ودعا عضو البرلمان الإسرائيلي داني دانون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف، مشددا على ضرورة إيقاف ذلك «التحريض والعداء للسامية في مصر»، قبل أن ترسل واشنطن المزيد من المساعدات المالية إلى مصر.

وذكر في مقابلة هاتفية أجريت معه يوم السبت الماضي أن «اتجاه الحكومة المصرية الجديدة مقلق للغاية، ونحن نتابع بقلق كبير ما تقوله وتفعله وما لا تفعله ضد المتطرفين هناك».

وصرح المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان، محمود غزلان، بأن الاشتباه في امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية بالإضافة إلى الحربين اللتين أشعلتهما في قطاع غزة ولبنان و«قتل الفلسطينيين والتوسع في بناء المستوطنات» يعني أن العلاقات مع مصر لا يمكن أن تكون «طبيعية». وأصر غزلان على أن المصريين سوف يلتزمون بشروط معاهدة عام 1979، «لكننا نتعامل مع إسرائيل في حدود الاتفاقية. تحسن العلاقات كان مع النظام السابق.. ضد إرادة الشعب وإرادة الشعب العربي وإرادة الفلسطينيين. الآن اختلفت العلاقات».

وبعيدا عن الارتباطات الدينية مع القدس، فإن جماعة الإخوان ساهمت في تكوين جماعات إسلامية مسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، ومن بينها حركة حماس الفلسطينية. وقد أعلن بديع - الذي كان في يوم من الأيام ضمن مجموعة من الأعضاء المتشددين الذين واجهوا اتهاما بمحاولة قلب نظام الحكم في مصر - عن نبذه للعنف منذ ذلك الحين، إلا أنه يؤيد حركة حماس في «مقاومتها» ضد إسرائيل، كما التقى برئيس الوزراء الحمساوي إسماعيل هنية العام الماضي في القاهرة.

وحذر سلطان، أستاذ العلوم السياسية، من أن «الإخوان» ومرسي لا يمكن أن يستمروا في هذه «الازدواجية» لفترة طويلة. وختم قائلا: «إنهم ما زالوا ممزقين بين الآيديولوجيا من ناحية والسياسة من ناحية أخرى. من أجل الاستمرار رئيسا لمصر، عليه أن ينتهج سياسة معتدلة تجاه إسرائيل، وسوف يكون هناك بالتأكيد أناس داخل جماعة الإخوان لن يروق لهم هذا».