الجيش السوري يخوض معركة حاسمة لإبقاء سيطرته على الحدود مع لبنان وتركيا

الطيران يقصف مواقع للجيش الحر قرب عرسال.. وتبادل حظر الطيران بين دمشق وأنقرة

TT

تبادلت أمس كل من دمشق وأنقرة إعلان حظر استخدام طيران الأخرى أجواءها في الرحلات المدنية، فيما تخوض قوات النظام السوري معركة حياة أو موت من أجل بقاء سيطرتها على الحدود مع لبنان وتركيا، باعتبار أن فقدان السيطرة على هذه الحدود سيشكل تحولا جذريا لصالح المعارضة ومسلحيها، وهي تستخدم بذلك الطيران الحربي لقصف المواقع التي يتقدم فيها مقاتلو الجيش السوري الحر، حيث شن أمس طيران الجيش السوري غارات على مواقع للجيش الحر والثوار عند معبر جوسية وعلى أطراف بلدة عرسال اللبنانية من الجهة السورية.

وحظرت تركيا أمس عبور كل الطائرات السورية مجالها الجوي، بعد أيام من اعتراض طائرة سورية تحمل ما قالت أنقرة إنها ذخيرة روسية الصنع للجيش السوري، فيما نفت سوريا الاتهام وقالت إن إجبار طائرتها على الهبوط «قرصنة جوية». وردا على أسئلة الصحافيين خلال زيارة إلى قونية بوسط تركيا أمس، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: «أغلقنا (أول من) أمس (السبت) مجالنا الجوي في وجه الرحلات الجوية المدنية السورية كما فعلنا من قبل في وجه الطائرات العسكرية السورية».

وجاءت التصريحات التركية عقب ساعات من إعلان دمشق حظر الرحلات الجوية المدنية التركية فوق أراضيها، ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن بيان لوزارة الخارجية السورية قولها إن «الخطوة تأتي ردا على حظر فرضته تركيا على الطائرات السورية، ودخل الحظر حيز التنفيذ في منتصف ليل السبت».

في غضون ذلك، أعلنت مصادر ميدانية أن «القصف السوري أصاب أراضي لبنانية»، وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الصواريخ التي أطلقتها المقاتلات السورية سقطت في أطراف جرود عرسال على بعد عشرات الأمتار من الأراضي السورية»، مشيرة إلى أن «طائرات (ميغ) السورية حلقت في سماء منطقة البقاع وعلى علو متوسط»، معتبرة أن «هذا القصف والتحليق يشكل اعتداء سافرا على السيادة اللبنانية أيا كانت مبرراته».

إلى ذلك، أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «القصف السوري استهدف مواقع للمسلحين المناهضين للنظام داخل الأراضي السورية»، ولفت إلى أنه «ليس ثمة تقارير عن سقوط قذائف أو صواريخ في الجانب اللبناني أو في أراضي بلدة عرسال». وردا على سؤال عن تحليق الطيران السوري فوق البقاع، نفى المصدر ذلك، لكنه استدرك قائلا: «ربما تكون هذه الطائرات - أثناء غاراتها على مواقع المسلحين - دخلت الأجواء اللبنانية لبعض الأمتار خلال استدارتها وعودتها إلى الداخل السوري، لكن لا اختراق للأجواء اللبنانية».

وكانت المناطق السورية القريبة من حدود لبنان الشمالية والشرقية، شهدت معارك عنيفة بين مقاتلي الجيش السوري الحر والجيش النظامي، استخدمت فيها المدافع الثقيلة والصواريخ والرشاشات المتوسطة والخفيفة، في ما يشبه حرب شوارع ومعارك استنزاف بين الطرفين، ولم تنم بعض القرى اللبنانية طيلة ليل أول من أمس وحتى ساعات الصباح من شدة أصوات القصف. وتحدثت تقارير صحافية عن «إدخال جثتي شابين لبنانيين يسكنان في بلدة الربلة السورية، إلى مستشفى (البتول) في الهرمل، بعدما قضيا جراء الاشتباكات والقصف العنيف الدائر في المنطقة السورية القريبة من الحدود مع لبنان»، مشيرة إلى «معارك ضارية كانت تدور طيلة اليوم (أمس) بين قوات النظام السوري ومقاتلي المعارضة على محور بلدات جوسية والربلة والقصير في سوريا، ويشترك فيها الطيران وسلاح المدفعية».

أما على الحدود مع تركيا، فقد شن مقاتلو المعارضة السورية هجوما جديدا أمس الأحد على معسكر وادي الضيف القريب من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي يسيطرون عليها في شمال غربي سوريا، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في محيط معسكر وادي الضيف للقوات النظامية القريب من الحدود التركية، أدت إلى مصرع مقاتل معارض وإصابة 18 آخرين بجروح». وأشار المرصد إلى أنها «المرة الثانية خلال يومين التي يحاول فيها المقاتلون اقتحام المعسكر الأكبر في منطقة معرة النعمان، الذي يحاصرونه منذ أيام عدة، والقوات النظامية تستخدم الطيران الحربي لصد مثل هذه المحاولات». مؤكدا أن «مقاتلي الثورة يحاولون تعزيز سيطرتهم على مناطق في شمال غربي سوريا، بعد استحواذهم على مجمل مدينة معرة النعمان باستثناء حاجز واحد للقوات النظامية، لأن هذه المدينة تشكل ممرا إلزاميا لتعزيزات القوات النظامية المتجهة إلى حلب، كبرى مدن الشمال».