طالباني يعتبر تصريحات مقرب من المالكي ضد بارزاني «دعوة للحرب»

التحالف الكردستاني: لن نسكت على وصف رئيس الإقليم بـ«الخطر الحقيقي» على العراق

TT

عبر الرئيس العراقي جلال طالباني عن خيبة أمله حيال التصريحات الصادرة عن ياسين مجيد، القيادي في ائتلاف دولة القانون، والمستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء نوري المالكي، ضد مسعود بارزاني، التي وصف فيها رئيس إقليم كردستان بأنه خطر حقيقي على العراق.

وكان مجيد اعتبر في تصريحات أول من أمس بارزاني، «خطرا حقيقيا» على العراق وأنه يسعى لتكون كردستان أقوى من بغداد، فيما اتهم بعض الكتل السياسية وخاصة القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي بـ«السير» خلفه.

ووصف طالباني، الذي يعمل على تطويق الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ شهور، في بيان رسمي صدر عن مكتبه أمس، تصريحات مجيد الموجهة ضد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بـ«الطائشة» معتبرا إياها بمثابة «دعوة للحرب». وقال طالباني إنه «في الوقت الذي ننهمك بتهيئة الأجواء الودية لتطبيع العلاقات بين القوى السياسية تمهيدا لإجراء الحوارات الثنائية والثلاثية والجماعية من أجل حل الأزمة الراهنة في العراق، يطل علينا النائب ياسين مجيد بتصريحات استفزازية خطيرة تشم منها رائحة الدعوة إلى الحرب، ضد الرئيس مسعود بارزاني». وأضاف طالباني أن «تصريحات مجيد جاءت في وقت قطعنا فيه خطوات هامة إلى الأمام، بالتزامن مع انشغال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بتأليف وفد كردي واسع لاستئناف الحوار مع التحالف الوطني، وكذلك القوى الأخرى من أجل حل الأزمة العراقية بالأساليب الدستورية ووفق الاتفاقات السابقة الموقعة من الجميع». وأعرب طالباني عن «استهجانه لمثل هذه التصريحات الطائشة المخالفة لروح الوحدة الوطنية والمعرقلة للمساعي والجهود المبذولة لحل المشاكل العالقة التي يعاني منها الشعب والوطن»، مطالبا التحالف الوطني العراقي بـ«وضع حد نهائي لها وإجبار أعضائه على احترام مستلزمات الحوار الوطني».

بدوره، رفض مجيد أمس البيان الصادر عن مكتب طالباني، داعيا رئيس الجمهورية إلى عدم زج نفسه في السجالات السياسية.

من جانبها عدت القائمة العراقية تصريحات مجيد «إفلاسا سياسيا»، مطالبة المالكي بـ«لجم تلك التصريحات». وقال بيان صادر عن العراقية إن «تصريحات النائب ياسين مجيد التي هاجم فيها القوى الوطنية ذات الامتداد الواسع في الشارع العراقي وعلى رأسها ائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني لا تدل إلا على إفلاس الذين يمثلهم وفشلهم في تقديم الخدمات والأمن للشعب العراقي». وطالب البيان «رئيس مجلس الوزراء أن يلزم فريقه باحترام الشركاء في العملية السياسية ونضالهم ضد الديكتاتورية عبر التاريخ، وأن يلجم التصريحات غير المسؤولة والمزايدات الفارغة وافتعال الأزمات غير المبررة بعيدا عن هموم المواطنين».

من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون شاكر الدراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريحات النائب ياسين مجيد غير موفقة وليست في وقتها المناسب ولا ضرورة لها ولا تعبر عن موقفنا». وأضاف أن «التحالف الوطني يقدر عاليا الجهود التي يقوم بها الرئيس جلال طالباني، ونحن نعتقد أن الرئيس طالباني هو أكبر من هذه المواقف والتصريحات، فهو راعي الدستور وهو الذي يعول الجميع على دوره المحوري» مضيفا: «إننا سوف نعمل كل ما في وسعنا من أجل تجاوز هذه المشكلة وفي أسرع وقت ممكن». وأشار إلى أن «الكرد والشيعة هم ضحايا الحقبة الماضية ولا يمكن لأي منهما أن يكون ظالما أو طاغيا على الآخر».

أما المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني، مؤيد طيب، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس جلال طالباني وقبيل توجهه إلى أربيل التقى بنا كنواب «كُرد» في البرلمان الاتحادي وطلب أن نلتزم التهدئة حرصا على طبيعة الجهود التي يبذلها لحل الأزمة، مشيرا إلى أن «التصريحات التي صدرت عن مجيد لا يمكن السكوت عليها أو تجاوزها لا سيما أنها تأتي في وقت بدأت فيه جهود الرئيس تثمر فضلا عن أن إطلاق أوصاف بحق زعيم منتخب (بارزاني) بنحو 70 في المائة من شعب كردستان، أمر لا يليق أبدا ولا ينسجم مع مفاهيم الشراكة الوطنية».

وقال طيب إن مجيد «هو أحد أقرب المقربين من المالكي، بل يعتبر الناطق الرسمي باسم كتلة دولة القانون، وكنا نأمل من قيادة الكتلة أن يكون لها موقف واضح من تلك التصريحات ومحاولات نائبه لنسف الجهود السلمية، ولكنهم التزموا الصمت المريب، وهذا دليل على أنهم يؤيدون طروحات نائبهم». وأشار طيب إلى أن «صدور هذه التصريحات عن أحد أبرز قيادات الكتلة وسكوت قيادة الكتلة عنها سيطيح بكل الآمال المعقودة لحل الأزمة، فما دامت كتلة دولة القانون ترى أن الرئيس مسعود بارزاني يشكل خطرا على العراق، فلن يبقى هناك أي أمل للتحاور الإيجابي، لأن اللغة التي استخدمها هذا النائب هي لغة الحرب، ونحن عادة نصف الإرهابيين بأنهم خطر على العراق، وبارزاني هو شريك في العملية السياسية وكان له دوره البارز في بناء العراق الجديد وإرساء أسس الديمقراطية التي ينعم بها العراقيون اليوم».

أما عضو البرلمان العراقي المستقل والمفكر المعروف حسن العلوي فقد كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أنه «التقى الرئيس جلال طالباني في أربيل وبحضور نائبيه كوسرت رسول، وبرهم صالح قبيل 24 ساعة من تصريحات ياسين مجيد، وقد أخبرت طالباني بكل صراحة أن يتوقف عن السير في هذه القضية لأنه لن يحقق شيئا». وأضاف: «أوضحت لطالباني أن مقامك كرئيس للجمهورية أكبر من أن يدخل طرفا بين الأطراف المتصارعة، لا سيما أنك حسن النية بخلاف ما بات يوجد لدينا من غلاة ومتطرفين من كل الأطراف ويمكن أن ينسفوا أية جهود مخلصة». وأضاف العلوي أن «طالباني أكد لي أنه يختلف معي في هذه النقطة، لأنه سمع كلاما طيبا من دولة القانون ومن التحالف الوطني وأن لديهم استعداد للتفاهم مع الآخرين» مشيرا إلى أنه نقل لطالباني رأي ممثل عن المركز بمسعود البارزاني، وممثل عن الإقليم برئيس الوزراء نوري المالكي، وكلا الموقفين لا يشجع لأنه لا توجد مشتركات». وأوضح العلوي أن «طالباني أبلغني أنه لن يسعى إلى عقد مؤتمر وطني لأنه قد لا يخرج بنتائج، وأنه يريد استمرار الحوارات الثنائية من أجل حل القضايا العالقة بين كل الأطراف». وأكد العلوي أن «المالكي بات يركز على البعد القومي في هذه القضية وأنه يراهن على أصوات العروبيين وقسم كبير منهم داخل القائمة العراقية وعددهم إجمالا كبير جدا ولا يستهان به، وبالفعل فإن المالكي نجح عبر هؤلاء وغيرهم في تحجيم الدور الكردي في بغداد». واستطرد العلوي قائلا إنه «ومهما كانت الأمور فإنه لولا البارزاني لما أصبح المالكي رئيسا للوزراء».