المنامة تستدعي القائم بأعمال السفير الإيراني وتبلغه استياءها من تدخلات بلاده

حرب بيانات بين الحكومة ورجل دين محسوب على المعارضة

TT

استدعت البحرين أمس القائم بأعمال السفارة الإيرانية لدى البحرين وأبلغته استياءها من ادعاء المسؤولين الإيرانيين بأن البحرين طلبت منهم التوسط لحل الأزمة البحرينية، ووصفت المنامة الادعاءات الإيرانية بأنه محض كذب وافتراء.

على وقع هذه الادعاءات طفت على السطح في مملكة البحرين ما يمكن تسميته حرب بيانات بين الحكومة ورجل دين محسوب على المعارضة البحرينية بعد كشف البحرين في تصريح لوزير العدل البحريني تواصل البعثات الدبلوماسية مع رجال دين وخطباء بتوجيهات من المرجعيات الإقليمية لتضع أمامهم خطط التحرك للتصعيد الأمني في البحرين.

حينها أسف وزير العدل في تصريحه لاستجابة من قال إن البحرين منحتهم جنسيتها من بعض رجال الدين، لتلك التوجيهات دون أدنى احترام للدولة التي قدمت لهم خدماتها وأسكنتهم أرضها.

فهمت رسالة وزير العدل بأن المقصود الشيخ عيسى قاسم، وأن اللقاء كان مع القائم بأعمال السفير الإيراني في المنامة، الذي قيل إن التصعيد الأمني الذي شهده الشارع البحريني تم بعده.

ولم يتأخر الشيخ عيسى قاسم في الرد على الاتهامات، فأصدر بيانا قال فيه إن اللقاء الذي تم في منزله مع القائم بأعمال السفارة الإيرانية في المنامة جاء في إطار طلب تقدمت به البحرين إلى إيران في قمة مكة المكرمة التي عقدت منتصف أغسطس (آب) الماضي، وذلك من أجل التوسط لحل الأزمة البحرينية.

بعد هذا البيان طلب الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية وبلغة دبلوماسية مهذبة من الشيخ عيسى قاسم بأن ينأى بنفسه عن تكرار ما تدعيه وتردده إيران من أقاويل غير صحيحة، ليبتعد عنه الاتهام بالارتباط بالخارج، كما قال إن البيان الصادر عن مكتب الشيخ عيسى قاسم تضمن معلومات غير صحيحة، موضحا أن ما قاله قاسم سبق أن «سمعناه من الإيرانيين وتم نفيه في الحال». وقال وزير الخارجية في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن البحرين لم تطلب وساطة من أحد للتدخل في الشأن البحريني، مؤكدا أنه نقل هذا الأمر إلى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي خلال قمة طهران مؤخرا، كما نقله إلى القائم بالأعمال الإيراني مهدي إسلامي.

وشدد وزير الخارجية البحريني على أن أي بحث في الشأن البحريني يجب أن يكون بين الشركاء في الوطن في حوار وطني مفتوح وجاد، وليس مع الدبلوماسيين خلف الأبواب المغلقة.وفي السياق ذاته، استدعت وزارة الخارجية البحرينية صباح أمس مهدي إسلامي القائم بأعمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى البحرين، وأبلغته استياءها الشديد من التدخلات الإيرانية في البحرين.

وقال السفير حمد العامر وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون لـ«الشرق الأوسط» أمس إن اللقاء اقتصر على قضية ترديد الإعلام الإيراني طلب البحرين من إيران التوسط في قضاياها الداخلية، وقال العامر: «لم نناقش معه اللقاءات التي تجريها البعثة الإيرانية مع بعض رموز المعارضة.. فقط كان اللقاء عن ترديد المعلومة الكاذبة بأن البحرين طلبت من المسؤولين الإيرانيين التوسط في قضاياها الداخلية».

واستبعد العامر استجابة من إيران بالتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي البحريني، وقال: «إن إيران بعيدة كل البعد عن هذه الخطوة والشواهد كثيرة على تصرفاتها».

والتقى العامر القائم بالأعمال الإيراني، وعبر له عن استياء مملكة البحرين الشديد من التمادي الإيراني في الخطأ المتعمد في ما تنسبه للمسؤولين البحرينيين من معلومات كاذبة والترويج لها إعلاميا، وقال إن ذلك يتسبب في بث الفتنة والفرقة وتحريض بين طوائف المجتمع البحريني.

وقال العامر إن ما روجت له وسائل الإعلام الإيرانية من طلب مملكة البحرين لوساطة إيرانية في الشأن البحريني، هو محض كذب وافتراء ونفته البحرين في أكثر من موضع مع وزير الخارجية الإيراني ومع القائم بأعمال السفارة الإيرانية.

وقال العامر إن الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني نفى ذلك أثناء اجتماعه بوزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران، وفي لقاء مع القائم بالأعمال الإيراني في المنامة، تم بطلب من الجانب الإيراني في 13 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وشدد العامر على موقف مملكة البحرين الدائم والثابت والحازم بأن ما يحدث فيها شأن داخلي، وغير مقبول التدخل فيه بالوساطة أو غيرها من أساليب التدخل، و«لم تطلب مملكة البحرين أية وساطة من الوزير الإيراني في الشأن الداخلي البحريني، لأن ذلك يمثل مساسا بسيادتها واستقلالها وتعاملها مع مواطنيها».

كما طلب وكيل وزارة الخارجية البحريني من الدبلوماسي الإيراني، أن تتوقف بلاده عن التدخل في الشأن الداخلي للبحرين خاصة من خلال التحريض عبر أجهزة إعلامها وعبر علاقاتها واتصالاتها مع قوى معينة في المجتمع البحريني، وأن تلتزم قواعد العمل الدبلوماسي الدولي والعلاقات الدولية ومبادئ حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة، التي ترفض وتدين التدخل في الشؤون الداخلية للدول بأية صورة من الصور سواء التدخل المباشر أو غير المباشر أو التحريض السياسي والديني والإعلامي، بما في ذلك التزوير والأكاذيب والافتراءات والتشويش على أجهزة الإعلام.

وفي سياق التمهيد لحوار وطني، أوضح الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية أن الحوارات واللقاءات مع الجمعيات السياسية لم تتوقف، وأن هناك لقاءات مرتقبة أقربها لقاء مع جمعية العمل الديمقراطي (وعد) سيعقد يوم الأربعاء المقبل، حيث أتيح للجمعية أن تدعو من ترتئيه معها من الجمعيات السياسية الأخرى.

وأكد الوزير أن اللقاءات مستمرة مع كل الجمعيات السياسية، مشيرا إلى أن الحكومة صادقة في إيجاد أرضية مشتركة للجميع، والدفع بالتفاهمات عبر تلك اللقاءات، مؤكدا أن الجانب الرسمي غير بعيد عن الفعاليات السياسية، وقال إن ما يحدث في البحرين ليس أزمة وإنما تأزيم، مشيرا إلى وجود جمعيات سياسية تراوح في مكانها، و«الأمر أخذ أكثر من 3 أشهر وما زالت نفس المواقف لا تتغير»، وقال إن «المطلوب منها أمران لا ثالث لهما؛ أن تتبرأ من العنف عبر الإدانة الصريحة له، وعدم توفير غطاء سياسي له، وأن تكون مستعدة للانفتاح على الجميع، فما نريده هو التعامل بسلم وشفافية، وكل ما عدا ذلك لن يؤدي إلى شيء».

وتعليقا على ما طرحته بعض الجمعيات السياسية من كونها لا تتبنى فكر ولاية الفقيه، ولا تتطلع لطرحه في البحرين، قال وزير العدل: «رئيس الجمعية يقول أنا سيف في يد فلان، ونائبه يكون تابعا لمكتب فلان، إضافة إلى كل الممارسات التي تحدث في دور العبادة، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه كل الأوراق مكشوفة في هذه الفترة؛ فكيف يمكن أن يقرأ ذلك؟».