ليبيا: زيدان يستهل نشاطه بالتعهد بمطاردة فلول القذافي

تشكيل حكومة طوارئ خلال أسبوعين > هروب أكثر من 100 سجين من سجن في طرابلس

علي زيدان
TT

تعهد رئيس الوزراء الليبي المنتخب الدكتور علي زيدان بتجنب مصير حكومة سلفه المقال الدكتور مصفى أبو شاقور. وقال: إن كل إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة ستتم خلال أسبوعين أو «سنحصل على مهلة إضافية لعشرة أيام ولكن نسعى لإتمامها في أقرب وقت».

وبدأ زيدان أمس مشاورات مع مختلف الكتل والأحزاب السياسية في المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، الذي انتخبه أول من أمس لتشكيل ثاني حكومة انتقالية في البلاد منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، لإقناعهم بالمشاركة في حكومته الجديدة، والتوصل إلى اتفاق حول عدد الحقائب التي سيحصل عليها كل طرف سياسي.

وقال أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» إنه تحت ضغط الرأي العام المحلي الذي يرفض بقاء الأمور على ما هي عليه، ستجد كل التيارات السياسية نفسها مدفوعة لتناسي خلافاتها الآيديولوجية والفكرية والقبول بحصة في الحكومة المقبلة.

ويمثل تحالف القوى الوطنية الليبرالي، الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، أكبر تكتل داخل المؤتمر الوطني، حيث يهيمن تقريبا على نصف المقاعد الثمانين المخصصة للأحزاب داخل المؤتمر البالغ عدد مقاعده 200. يليه حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فيما يهيمن المستقلون على المقاعد الـ120 المتبقية.

ورغم أن تحالف جبريل أعلن دعمه لحكومة زيدان قبل فوزه، فإنه لم يعلن موقفه من المشاركة فيها، كما هو حال حزب الإخوان المسلمين. لكن مصادر سياسية ليبية قالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن موافقة أي حزب على الانضمام لحكومة زيدان ستكون في الغالب مشروطة بعدد الحقائب الوزارية التي سينالها».

وقال عضو في المؤتمر طلب عدم تعريفه لـ«الشرق الأوسط»: «خلناهم (التكتلات) سيقولون: إنهم لا يريدون حقائب وزارية، لكن وراء الكواليس ستجري صفقات غير معلنة لضمان حصول كل تكتل سياسي على ما يعتبره موازيا لقوته السياسية سواء في الشارع الليبي أو داخل المؤتمر الوطني».

لكن عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني لوح في المقابل لرئيس الوزراء المنتخب علي زيدان بمصير سلفه الدكتور مصطفى أبو شاقور، وقال في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في طرابلس «إذا لم يشكل الحكومة خلال أسبوعين سنمنحه فرصة إضافية لعشرة أيام، وسننظر في الآلية التي سيتم بها تشكيل حكومة زيدان».

وأضاف قائلا: «في حكومة أبو شاقور صوتنا عليها كتلة واحدة، وإذا لم يتغير هذا الأمر سنصوت على الحكومة كتلة واحدة، إلا إذا رأى الأعضاء أو اللجنة رأيا آخرا».

وأعلن حميدان أن المؤتمر الوطني سيبت في مسألة تشكيل لجنة الدستور الجديد بعد الانتهاء من الإعلان الرسمي عن تشكيلة حكومة زيدان.

في المقابل تعهد الدكتور علي زيدان، رئيس الوزراء المنتخب بتشكيل حكومته خلال المدة التي منحت له من قبل المؤتمر الوطني العام، كما تعهد بأن تكون حكومته حكومة وفاق وطني تعمل من أجل تحقيق مصلحة المواطن الليبي، ومد جسور التعاون مع دول الجوار والعالم في علاقة يسودها الاحترام المتبادل وتبادل المنافع.

ويتعين على زيدان، وهو دبلوماسي سابق، ومعارض لنظام القذافي، أن يقنع أعضاء المؤتمر الوطني بفريقه الوزاري الجديد، وأن يحظى بثقتهم لتجنب مصير سلفه أبو شاقور، الذي أخفق مرتين في إقناع أعضاء المؤتمر بحكومتين متتاليتين برئاسته دون جدوى.

وكان زيدان قد قام، في أول نشاط رسمي له، بتدشين صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قال: إنه دشنها للتواصل مع المواطنين الليبيين بناء على توصية من سلفه الدكتور مصطفى أبو شاقور.

وقال زيدان، في عدة رسائل بثها عبر موقعه الذي بدأ يشهد ارتفاعا في عدد المتابعين له «في هذه المرحلة الحرجة في بناء ليبيا التي يطمح إليها الجميع، سنتعامل مع جميع الخبرات العالمية والعربية للنهوض وتنمية الكادر البشري».

وانتقد زيدان النظام السابق البائد الذي كان يعتمد نظام المركزية، والذي تم فيه تهميش جميع مناطق ليبيا دون استثناء، واعتبر أنه كان «مركزيا وهميا»، مشددا على أن للجميع الحق في ليبيا.

وتابع قائلا: «لتفادي إهدار المال العام فيما لا يرضي الله، ستشكل لجان مراقبة عمل كل وزارة ولها أحقية المتابعة القانونية».

وتحدث عن بقايا أزلام النظام البائد، وقال: «سنقوم باستجلابهم بالتعاون والضغط على الدول العربية وغير العربية».

ومثلت رسائل زيدان لمواطنيه عبر «تويتر» تقريبا رؤوس الموضوعات التي تطرق إليها في المؤتمر الصحافي، الذي عقده مساء أول من أمس، بعد إعلان فوزه بثقة المؤتمر العام بفارق ثمانية أصوات فقط عن منافسه محمد الحراري، وزير الحكم المحلي في الحكومة المنتهية ولايتها التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب.

واعتبر زيدان أن طبيعة الوضع الأمني الحالي في ليبيا تفرض أن تكون حكومته المقبلة حكومة أزمة وطوارئ، مضيفا «ستكون هناك جدية وسرعة في التنفيذ والإنجاز».

وبشأن علاقات ليبيا الخارجية، قال زيدان «في السياسة الخارجية سنهتم بعلاقاتنا بدول الحدود والعلاقات مع تشاد والنيجر ومصر والجزائر وتونس، وأؤكد لهذه الدول أننا سنسعى لضبط هذه العلاقات أمنيا وسياسيا لنضمن أمننا وأمن أصدقائنا».

وزاد قائلا: «سنبدأ جملة من الإجراءات لترتيب علاقاتنا مع العالم الخارجي، ووزارة الخارجية ستنظم وتضبط، وتعيد تأهيل السلك الدبلوماسي والسفارات في الخارج ليقوموا بواجبهم على أكمل وجه، وسنتابع ملف الأموال المهربة إلى الخارج». وقال زيدان إنه سيجري حوارا عاجلا مع الثوار للعمل على استيعابهم داخل الدولة الليبية وحل كافة مشاكلهم العالقة. وعن الوضع الأمني في مدينة بني وليد، التي تشهد منذ أسابيع مواجهات بين قوات الجيش الليبي وجماعات تصفها السلطات الليبية بأنها خارجة عن القانون وموالية لنظام القذافي، قال زيدان «أنا متابع لقضية بني وليد منذ شهر يناير (كانون الثاني) وعلى صلة بكل الأطراف، وستكون على أولوياتنا المطلقة».

وشدد على أن أولى القضايا هي الملف الأمني، معتبرا أن كل المشاكل مبنية على الخلل الأمني في البلاد.

وقال: إن الحكومة التي سيشكلها خلال أسبوعين ستشرع في تأدية عملها فور أدائها لليمين الدستورية.

على صعيد ذي صلة، تحدث القائم الجديد بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا لورانس بوب أمس عن «الالتزام المشترك» لطرابلس وواشنطن في التحقيق في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وعين بوب الدبلوماسي المتقاعد، الخميس الماضي قائما بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس بعد مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين في هجوم يوم 11 سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومن جهة أخرى تمكن أكثر من مائة من سجناء «الحق العام» من الهرب بشكل جماعي من سجن «الجديدة» في طرابلس. وفوجئ المواطنون الليبيون في شوارع الضاحية الشرقية للعاصمة أمس بمشاهد غير مسبوقة لسجناء هاربين وسط مطاردات أمنية تروم القبض عليهم وإعادتهم إلى السجن.

وأعلنت وزارة الداخلية الليبية وجهاز الحرس الوطني حالة استنفار قصوى، وتم وضع كمائن، ونشر نقاط تفتيش بعد الهروب الجماعي لسجناء مدانين في قضايا جنائية.

وقالت مصادر أمنية رسمية إنه تمت إعادة اعتقال أكثر من ستين سجينا، مشيرة إلى أن سبب الهروب غير معروف حتى الآن، لكن مصادر أخرى تحدثت عن ضعف الحراسة الأمنية المخصصة للسجن.

وأبلغ خالد الشريف، رئيس جهاز الحرس الوطني الليبي «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، أن قوات الحرس الوطني وعناصر وزارة الداخلية انتشرت على الفور في طرابلس في محاولة لاعتقال السجناء الهاربين.

وأضاف: «هؤلاء لا يمثلون خطورة سياسية بل خطورة جنائية، وثمة خشية من عودتهم إلى نشاطهم الإجرامي السابق، نسعى لاعتقالهم مجددا في أقرب وقت ممكن».

وكان نفس السجن قد شهد محاولتي تمرد هذا العام. كان آخرها خلال أغسطس (آب) الماضي.

تسلسل زمني لصراع المسلمين والحكومة في جنوب الفلبين

*1968: مقتل أكثر من 60 متدربا مسلما في الجيش الفلبيني في جزيرة كورجيدور وتردد أن مرتكبي الجريمة هم جنود من الجيش قتلوا المتدربين بعدما رفضوا القيام بمهمة تسلل إلى ولاية صباح في ماليزيا المجاورة وأعلنوا عصيانهم.

* 1969: شكل الأستاذ الجامعي نور ميسواري جبهة مورو الوطنية للتحرير وسط غضب من مذبحة المتدربين العسكريين. وتسعى جبهة مورو الوطنية للتحرير إلى تأسيس دولة إسلامية مستقلة في مينداناو عبر التمرد المسلح.

*1976: الحكومة الفلبينية وجبهة مورو الوطنية للتحرير توقعان اتفاق طرابلس، الذي أعلن وقف إطلاق النار ومنح المسلمين منطقة حكم ذاتي.

*1978: أسس الأستاذ هاشم سلامات «جبهة مورو الإسلامية للتحرير» وهي حركة انفصالية تهدف للقتال من أجل دولة إسلامية مستقلة وترفض جهود جبهة مورو الوطنية للتحرير للتفاوض مع الحكومة الفلبينية.

* 1986: الرئيس الأسبق كورازون أكينو تلتقي رئيس جبهة مورو الوطنية للتحرير ميسواري وتمهد الطريق لإجراء مفاوضات.

* 1989: إنشاء المنطقة ذاتية الحكم في مينداناو المسلمة. وتغطي أربعة أقاليم.

* 1991: أسس عبد الرزاق الجنجلاني، أستاذ الدراسات الإسلامية السابق، جماعة أبو سياف المتمردة وجند عناصر سابقة من جبهة مورو الوطنية للتحرير. واشتهرت جماعة أبو سياف الأكثر تشددا بأعمال العنف في جهودها من أجل الاستقلال.

* 1996، وقعت جبهة مورو الوطنية للتحرير اتفاق سلام مع الحكومة الفلبينية، يهدف لتوسيع منطقة الحكم الذاتي المسلمة.

* 1997: دخلت جبهة مورو الإسلامية للتحرير في مفاوضات مع الحكومة.

* 2000: علق الرئيس الفلبيني في ذلك الوقت جوزيف استرادا محادثات السلام مع جبهة مورو الإسلامية للتحرير بعد وقوع هجمات ألقي باللوم فيها على الجماعة وأعلن حربا شاملة ضد الجماعة المتمردة. داهم الجيش الفلبيني مقر قيادة جبهة مورو الإسلامية للتحرير «معسكر أبوبكر» في يوليو (تموز) بعد هجوم استمر شهرين.

* 2002: استئناف محادثات السلام بين جبهة مورو الإسلامية للتحرير والحكومة الفلبينية في ماليزيا.

* 2003: أبرمت جبهة مورو الإسلامية للتحرير والحكومة اتفاق وقف إطلاق النار. وقادت ماليزيا فريقا دوليا لمراقبة الهدنة في مينداناو. وتوفي سلامات إثر إصابته بأزمة قلبية. وخلفه مراد إبراهيم، نائب الرئيس للشؤون العسكرية، كرئيس لجبهة مورو الإسلامية للتحرير.

* 2008: أعلنت حكومة رئيسة الفلبين في ذلك الوقت جلوريا ماكاباجال أرويو اتفاق سلام منح جبهة مورو الإسلامية للتحرير السيطرة على 700 مدينة وبلدة في مينداناو. ولكن المحكمة العليا قضت بعدم دستورية الاتفاق، ما دفع متمردي جبهة مورو الإسلامية للتحرير إلى شن هجمات أودت بحياة أكثر من 400 شخص.

* أغسطس 2011: عقد الرئيس بينينو أكينو الثالث أول اجتماع وجها لوجه بين رئيس فلبيني ورئيس جبهة مورو الإسلامية للتحرير، وذلك في اليابان. وأسفر الاجتماع مع إبراهيم عن إحياء عملية السلام.

* ديسمبر 2011: انشق القيادي البارز أمريل اومبرا كاتو عن جبهة مورو الإسلامية للتحرير ودعا إلى حرب ضد الحكومة الفلبينية. وهو واحد من ثلاثة قادة مطلوبين لارتكاب هجمات قاتلة في عام 2008.

* أكتوبر 2012: أعلن بينينو أكينو الثالث طفرة في المفاوضات مع جبهة مورو الإسلامية للتحرير، وتوقيع اتفاق إطاري لتأسيس منطقة حكم ذاتي جديدة على أن يتم ذلك عام 2016 قبل أن تنتهي فترة حكمه.