تفتيش طائرة أرمينية يؤكد رغبة أنقرة الاستمرار في سياسة منع «دعم نظام دمشق»

أونال لـ«الشرق الأوسط»: العملية تمت وفق القواعد الدولية وبعلم أرمينيا وموافقتها

طائرة الركاب الأرمينية التي تم تفتيشها أمس بمطار شرق تركيا أمس (رويترز)
TT

أكدت تركيا استمرارها في عمليات التفتيش للطائرات المتجهة إلى سوريا للتأكد من خلوها من «أي مواد مشبوهة تساعد النظام في قمع مواطنيه»، كما أكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط»، بينما كانت أرقام «الضيوف» السوريين في تركيا تخترق حاجز الـ100 ألف لاجئ، وهو الرقم الذي حددته تركيا سابقا كـ«حد أقصى» لها قبل التفكير في إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لإيواء هؤلاء.

ورفض المصدر الرد مباشرة على كلام للسفير السوري السابق في أنقرة الذي تحدث عن «رسائل قوية وصلت إلى أنقرة، وخصوصا من روسيا وإيران، كفيلة بردع أي صقور في الحكومة التركية قد يفكرون بحماقة مثل الحرب على سوريا». لكن المصدر قال إن بلاده «تعرف كيف تثبت هيبتها وكيف تدافع عنها وعن مواطنيها، وهي قوية بما فيه الكفاية لضمان أمنها بالتعاون مع حلفائها»، مشيرا إلى أن «ما قامت به سوريا مؤخرا (القصف الذي أصاب قرى تركية) قد عوقبت عليه، وإذا تكررت الأمور فلكل حادث حديث».

وشدد الناطق بلسان الخارجية التركية، سلجوق أونال، لـ«الشرق الأوسط» على استمرار بلاده في عملية تفتيش الطائرات «التي جرت وفق القواعد الدولية»، مشيرا إلى أن تركيا فتشت أمس طائرة أرمينية كانت في طريقها إلى مدينة حلب السورية لمنع استخدام مجالها الجوي في دعم الجيش السوري. وقال أونال إن عملية التفتيش هذه أبلغت بها أرمينيا قبل أيام ووافقت عليها، وبالتالي لم يكن ثمة مشاكل، موضحا أن الطائرة هبطت في مطار تركي ثم أقلعت بعد عملية التفتيش التي أظهرت أنه لا شيء مخالفا في حمولتها التي كانت عبارة عن مساعدات إنسانية كما أبلغنا المسؤولون الأرمن في حينه. وقال أونال إن تركيا لديها حق سيادي بموجب معاهدة شيكاغو للطيران المدني بأن تطلب من الطائرات التي تعبر مجالها الجوي الهبوط لأسباب فنية.

وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، إن تركيا سمحت للطائرة الأرمينية بمواصلة رحلتها إلى مدينة حلب السورية بعد أن أثبتت عملية التفتيش التي جرت في مدينة أرضروم بشرق تركيا أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية كما أعلن مسؤولون أرمينيون. وأضاف أن «الطائرة أمرت بالهبوط وتم تفتيشها، وثبت أن ما أعلن (عن حمولتها) صحيح وسمح لها بالإقلاع».

وقال تيجران بالايان المتحدث باسم الخارجية الأرمينية، إن «هبوط الطائرة في تركيا كان مقررا وتم وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مسبقا. الطائرة تسلم مساعدات إنسانية لسوريا».

إلى ذلك، اعتبر سفير سوريا السابق لدى تركيا نضال قبلان في حديث تلفزيوني أن «ما فعلته سوريا هو رد فعل طبيعي على خطوات الحكومة التركية في الآونة الأخيرة، خاصة عملية القرصنة لطائرة الركاب المدنية السورية، وهي خطوة التعامل بالمثل، وسوريا تنتهجها دائما في سياستها الخارجية». وأكد قبلان أن «سوريا لا تسعى إلى التصعيد مع أحد، ولكن إذا تصرفت أي حكومة أو دولة بطريقة غير قانونية أو مضرة ومسيئة فسيتم اتخاذ إجراء مماثل».

وشدد على أن «سوريا لم تقم بأي انتهاك على الحدود بل بالعكس، فمنذ بداية الأزمة وما قبلها وقعت دمشق اتفاقيات استراتيجية شاملة مع تركيا لضمان أمن الحدود، واعترف الكثير من المسؤولين الأتراك ومنهم الأمنيون بأن سوريا تتعاون أكثر من أي دولة في العالم في مسألة ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، بينما يعلم الجميع الآن أنه يوميا تهرب عبر الحدود التركية مجموعات مسلحة وأسلحة، وقد تم تدمير العشرات من البرادات، أي سيارات شاحنة كبيرة قادمة من تركيا تحمل على متنها أسلحة، وتم القضاء وإلقاء القبض على الكثيرين من المسلحين الذين تسللوا عبر الحدود».

وتعليقا على الحشود العسكرية التركية التي تم نشرها مؤخرا مقابل الحدود السورية أمل قبلان أن «تكون هذه الحشود عاملا مساعدا لتستطيع تركيا أن تضبط حدودها وتوقف تهريب المسلحين والأسلحة، أما إذا كان ذلك يعتبر احتمالا لشن حرب على سوريا، فلا أحد يستطيع، لا تركيا ولا غيرها، أن يتحمل نتيجة مواجهة عسكرية شاملة في المنطقة، وهنا نتحدث عن حرب عالمية ثالثة». وأشار إلى أن هناك «رسائل قوية وصلت إلى أنقرة، وخصوصا من روسيا وإيران، كفيلة بردع أي صقور في الحكومة التركية قد يفكرون بحماقة مثل هذه»، منوها بأن «سوريا لم تسع إلى قطع علاقاتها مع تركيا، فهي التي بدأت ذلك بسحب سفيرها ودبلوماسييها من سوريا»، لافتا إلى أن «التنظيمات الإرهابية التكفيرية الوهابية هي تهديد لجميع دول المنطقة والعالم أجمع»، مضيفا: «في سوريا نرسم خطا واحدا بين الشعب التركي الصديق والجار وبين سياسات هذه الحكومة، التي باعتراف الكثير من الأتراك أنفسهم، تقود تركيا إلى الهاوية».