مكاسب قليلة للكوريين الشماليين تحت القيادة الجديدة

سيارات مرسيدس وهواتف جوالة ومدينة للملاهي لأبناء النخبة فقط في بيونغ يانغ

بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية تواجه نقصا في الكهرباء أقل من أجزاء أخرى من البلاد (نيويورك تايمز)
TT

خلال جولات تسوقها الأسبوعية في بيونغ يانغ، تحاول مربية الخنازير، 52 عاما، والتي لقبت نفسها بالسيدة كيم تجاهل بريق الرفاهية الذي بدأ يطغى على المدينة خلال السنوات الأخيرة، من بنايات سكنية جديدة وزيادة عدد سيارات مرسيدس التي تجوب الشوارع التي كانت خالية في السابق، والشابات الأنيقات اللاتي يحملهن هواتفهن الجوالة التي حصلن عليها حديثا. لم تذهب السيدة كيم على الإطلاق إلى مدينة الملاهي الجديدة، رونجنا بيبولز بليجر غراوند، حيث يتوجه أبناء النخبة إليها للهو هذا الصيف وركوب الزلاجات المائية.

وقالت وهي تروي عن سوء التغذية المزمن الذي أصاب ولديها بالمرض وقضى على حياة جيرانها الأكثر فقرا: «لماذا أكترث بشأن ملابس المسؤولين الحكوميين الجدد وأبنائهم، في الوقت الذي لا أستطيع فيه أن أطعم أبنائي».

بحسب دبلوماسيين ومنظمات إغاثة وأكاديميين زاروا كوريا الشمالية في الشهور الأخيرة اكتسبت كوريا الشمالية - أو على الأقل العاصمة - في الشهور العشرة التي تلت تولي كيم يونغ أون مقاليد الحكم في الدولة الفقيرة إلى حد بعيد عقب وفاة والده المستبد، الكثير من سمات المجتمع الحديث.

لكن خلال المقابلات النادرة هذا الشهر مع أربعة من كوريا الشمالية في هذه المدينة الحدودية، والذين يتمتعون بإقامة هنا، أشاروا إلى أنهم حتى الآن لم يشعروا بأي تحسن في حياتهم منذ ارتقاء زعيمهم الشاب الجديد سدة الحكم - وهو الإحساس الذي يقول الناشطون والمحللون إنهم سمعوه أيضا.

وقال الكوريون الشماليون إن أوضاعهم المعيشية صارت أكثر صعوبة، على الرغم من التصريحات الجذابة بشأن تحسين الأوضاع المعيشية للشعب التي أنعشت آمال الدول الغربية بأن تخفف الدولة النووية من هوسها العسكري الذي دمرها اقتصاديا وتطبيق إصلاح السوق على غرار الصين.

ارتفعت أسعار الغذاء نتيجة الجفاف وتحدي كوريا الشمالية بإطلاق صاروخ في أبريل (نيسان) والذي سد الطريق أمام العروض الجديدة بشأن المساعدات الغذائية الأميركية وألقت منظمات التنمية باللائمة على المضاربين أيضا الذين خزنوا المواد الغذائية في توقع لإصلاحات لم تتحقق بعد. فتضاعف سعر الأرز مرتين منذ بداية الصيف الحالي، وهناك نقص مزمن في الوقود والكهرباء والمواد الخام لا يزال يشل غالبية المصانع ورفع معدلات البطالة إلى ملايين.

وقالت امرأة لقبت نفسها بالسيدة بارك، 50 عاما، والتي تحدثت مثل كيم شريطة استخدام اسمها الأخير، خشية التعرض للعقاب لدى عودتها إلى كوريا الشمالية: «كان الناس يأملون في أن يحسن كيم يونغ أون من حياتنا، لكنهم لم يمنوا حتى الآن سوى بالفشل».

وتقول بارك، عضو حزب العمال الحاكم والتي تقطن في مدينة رئيسية، إنها كي تعيل عائلتها تبيع كعك الذرة في متجر صغير، لكنها شكت من انخفاض المبيعات والأطفال الجائعين الذين يقدمون على سرقة الكعك الموضوع أسفل قماش حامي. وأشارت إلى أنها صادفت أكثر من مرة هذا العام أطفالا ماتوا لأنهم لم تمكنوا من السرقة بسبب ضعف بنيانهم.

وقالت وهي تشيح ببصرها بخجل: «لو كان معي الطعام لأعطيتهم إياه».

ما اتضح خلال الشهور الأخيرة هو أن كيم مصمم على أسلوب قيادة جديد - يسمح للمزيد من النساء بارتداء الملابس الغربية التي طالما اعتبرت تأثيرا رأسماليا، ومناقضة تقليد عبر الاعتراف علنا بالفشل في إطلاق الصاروخ الذي أقيمت حوله دعاية كبيرة. ما لا يتضح هنا هو ما إذا كان سيسمح بخطوات محدودة نحو الإصلاح الاقتصادي الذي قيل إنه سيسمح به.

تضم هذه التغيرات مشروعا تجريبيا يقول عنه المنشقون الكوريون إنه قدم الربيع الماضي بهدف السماح للمزارعين بالاحتفاظ بنسبة 30 في المائة من محصولهم. بدأت الحكومة برنامج العامل الضيف، الذين يهدف إلى منح الآلاف الفرصة للحصول على العملة الأجنبية في داندوغ وما حولها، المدينة المزدهرة التي تسحر الكوريين الشماليين عبر نهر يالو بمطاعم المشويات المضاءة بالنيون.

بيد أنه خلال المقابلات التي أجريت مع أربع من كوريا الشمالية كان التفاؤل محدودا. كان المتسولون النحيفون يجوبون محطات القطارات، في الوقت الذي يزداد فيه رجال الأعمال ذوو النفوذ ثراء من التجارة مع الصين ويزداد ثراء المسؤولين الحكوميين نتيجة جمع الغرامات والرشاوى.

كانوا جميعهم قلقين بشأن الحديث علنا، فمعسكرات العمل تنتظر من يتحدثون إلى الصحافيين أو المبشرين الصينيين، وتم تحذيرهم قبيل رحلتهم التي استمرت يومين وقالت إحداهن: «إذا اكتشفت الحكومة أنني أقرأ الإنجيل، فأنا ميتة».

الرقابة الأمنية القوية على جانبي الحدود منذ تولي كيم السلطة جعلت التسلل إلى الصين أكثر صعوبة عما كانت عليه في السنوات الأخيرة، ويقول الناشطون الذين يساعدون في نقل اللاجئين إلى الحرية في كوريا الجنوبية إن الحملات الأمنية التي تقوم بها الشرطة الصينية والإجراءات القمعية ضد المهربين الذين يقودون الهاربين إلى الحدود قد انخفض عددهم بشكل كبير.

وعلى الرغم من الحرمان الذي يطاردهم والخوف من الأجهزة الأمنية القمعية لكوريا الشمالية، فالأفراد الذين وصولوا إلى داندونغ متميزون، وقد وصل جميعهم حاملين فيزا لشهرين وتسمح لهم بزيارة أقاربهم هنا - والسماح للحكومة بتقاضي رسوم مرتفعة تجلب لها العمل الصعبة التي تحتاجها بشدة. ويقول جميعهم إنهم يمكثون إلى ما بعد انتهاء تأشيراتهم طمعا في الحصول على ما يكفي من المال من المصانع الصينية لإطعام أسرهم ودفع قروض السوق السوداء التي تمول أوراقهم الرسمية.

ومع تسلل القليل من المعلومات من الدول البوليسية، قدمت روايتهم، التي رووها من منزل آمن استأجرته منظمة مسيحية، لمحة حول كيفية معيشة الكوريين الشماليين تحت حكم كيم، الذي حكمت عائلته البلاد لعقود.

وعلى الرغم من أن الكوريين الشماليين الذين التقيناهم كانوا أكثر إحباطا من غيرهم - نظرا لارتباطهم بالمسيحيين، الذين كانوا ناقدين للغاية للدولة الشيوعية - فإن رواياتهم، التي رووها بشكل منفصل، تتشابه والتقييمات التي قدمها عمال المساعدات الأجنبية والأكاديميين الذي عملوا مؤخرا في البلاد.

ويرى دانييل بيكستون، خبير شؤون كوريا الشمالية في منظمة مجموعة الأزمات الدولية إن الكثير من الحديث بشأن التغيير غذته تصريحات كيم عن رفع مستوى معيشة الكوريين الشماليين، الذي يبدو أكثر لطفا من والده القاسي كيم يونغ إيل، الذي أسهمت سياساته الاقتصادية الكارثية في حدوث مجاعة في التسعينات التي راح ضحيتها مليونا شخص.

وقال بينكستون، الذي زار كوريا الشمالية هذا الصيف: «قفز الناس إلى نتائج شاملة بشأن الإصلاح، لكنه ليس بالتحول الذي يمكن أن يحدث في يوم واحد. من ناحية أخرى فإن الأفراد المحظوظين الذين يحتكرون قطاعات معينة يبدون مثل قطاع الطرق».

وخلال المقابلات التي أجريت على مدى يومين من أشخاص من كوريا الشمالية، تحدثت السيدات عن أن عدم المساواة الذي اتضح خلال السنوات الأخيرة - وأن العقيدة الوطنية للاعتماد على النفس كانت كذبة بنيت بعناية - كان صادما. وعلى الرغم من أن هذه المشاعر يغذيها على الأقل بعض المعلومات من العالم الخارجي، تزايدت خيبة الأمل الربيع الماضي لأن حقبة الحكومة الموعودة بالرفاهية، التي كان المفترض أن تبدأ في أبريل (نيسان)، لم تنفذ. بدا عدم الرضا يتأكد بعد اعتراف الحكومة النادر بالفشل في إطلاق الصاروخ. وتقول السيدة كيم، مربية الخنازير: «تم دفعنا إلى الاعتقاد بأنه حتى الكلاب ستأكل الكعك في عام 2012». وعندما سئلت عما إذا كان بين مواطني كوريا الشمالية من لا يزالون يؤمنون بحكم الحزب الواحد في بلادها، هزت رأسها بالنفي.

* خدمة «نيويورك تايمز»