نقل الناشطة الباكستانية ملالا إلى بريطانيا للعلاج

ستحتاج إلى عملية ترميم أو استبدال لعظام الجمجمة التي تهشمت في الهجوم

TT

نقلت الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي إلى بريطانيا، أمس، للعلاج من إصابة في الرأس، بعد أن أطلق مسلحون من طالبان النار عليها، بسبب نضالها من أجل حق الفتيات في التعليم في باكستان. وقال الجيش الباكستاني إن ملالا، (14 عاما)، التي تعرضت لهجوم في حافلة مدرسية في وادي سوات، معقل طالبان السابق، الثلاثاء الماضي، أرسلت إلى بريطانيا، وحالتها الصحية «في الوضع الأفضل وقبل حدوث أي مضاعفات غير متوقعة». وأقلعت الطائرة الطبية، التي وفرتها الإمارات العربية المتحدة، من مطار إسلام آباد بعد الفجر، وقالت السلطات الباكستانية إن إخصائيا في العناية المركزة رافق ملالا.

وأدان الكثير من دول العالم الهجوم، وتعهدت باكستان ببذل كل ما باستطاعتها لعلاج ملالا وتحمل نفقات علاجها، كما عرضت مكافأة بأكثر من 100 ألف دولار للقبض على الجناة. ونالت ملالا العام الماضي أول جائزة وطنية للسلام في باكستان، بعد أن قامت في 2009، وهي في سن الـ11، بالتنديد على مدونة للـ«بي بي سي» بأعمال العنف التي ترتكبها حركة طالبان.

وأثار الهجوم عليها حالة من السخط في باكستان. وقال نشطاء إن الهجوم يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للساعين إلى إرضاء طالبان، إلا أن محللين يشكون في أن يحدث الهجوم تحولا كبيرا في البلاد التي رعت الإسلام المتشدد لعقود.

والأحد، تجمع نحو 10 آلاف شخص في كراتشي للمشاركة في مسيرة دعم لملالا، نظمها حزب «حركة قوامي المتحدة».

وأعرب ألطاف حسين، زعيم الحزب المقيم بلندن، متحدثا إلى المشاركين في المسيرة عبر الهاتف، عن إدانته لطالبان، ودعا الباكستانيين إلى التوحد ضد المسلحين الذين قال عنهم إنهم يجرون البلاد نحو الجحيم. إلا أن القادة اليمينيين المحافظين المتدينين رفضوا إدانة طالبان علنا. وحذروا الحكومة من استخدام الهجوم على ملالا ذريعة لشن هجوم على ولاية شمال وزيرستان التي تعد معقلا للمسلحين. وتدعو الولايات المتحدة باكستان منذ فترة إلى شن عملية في الولاية التي تعتبرها قاعدة لـ«شبكة حقاني» التي تلقى عليها مسؤولية عدد من الهجمات القاتلة في أفغانستان، كما أنها معقل لطالبان. وكانت ملالا نقلت في البداية من سوات حيث تعرضت لإطلاق النار، إلى مستشفى في مدينة بيشاور شمال غربي البلاد، ثم إلى مستشفى عسكري متطور في روالبندي، حيث قطع عنها الأطباء الأحد جهاز التنفس لفترة تجريبية قصيرة «ناجحة». وقال الجيش إن هيئة من الأطباء الباكستانيين والخبراء الدوليين اتفقوا على أن ملالا بحاجة إلى «رعاية طويلة للتعافي التام من الآثار الجسدية والنفسية للهجوم الذي تعرضت له».

وأضاف أنه يتوقع أن تحتاج ملالا إلى عملية ترميم أو استبدال لعظام الجمجمة التي تهشمت في الهجوم، وأنها ستحتاج إلى «فترة طويلة من التأهيل، بما في ذلك إعادة تأهيل عصبي مكثف».

ولم تكشف الحكومة الباكستانية عن اسم أو مكان المركز الذي ستعالج فيه ملالا في بريطانيا، إلا أنها قالت إن المركز «مزود بإمكانات لتوفير الرعاية المتكاملة للأطفال الذين يعانون إصابات جسيمة».

وصرح وزير الخارجية البريطانية، ويليام هيغ، بأن ملالا ستتلقى رعاية متخصصة في أحد المستشفيات الحكومية، مجددا استنكاره للهجوم.

وقال إن «الاستياء العام والإدانة لهذا العمل الجبان، يظهران أن الشعب الباكستاني لن ينهزم أمام الإرهابيين. والمملكة المتحدة تقف جنبا إلى جنب مع باكستان في قتالها ضد الإرهاب».

ووصف هيغ الفتاة الباكستانية، ملالا يوسف زاي، بأنها «نموذج مشجع للشباب»، وقال هيغ «لقد تعرضت وزملاء المدرسة لهجوم جبان، انتقاما منها بسبب حملتها من أجل حصول الفتيات على حقهن في التعليم». وأضاف: «تقف المملكة المتحدة جنبا إلى جانب مع الشعب الباكستاني في مكافحة الإرهاب، وفي المساعي لضمان حصول النشء على تعليم مناسب، وفي دعم ملالا - هذه التلميذة الشجاعة». ولأسباب أمنية، لم يتم الإعلان عن مغادرة ملالا إلا بعد إقلاع الطائرة البيضاء التي لم تكن تحمل أي شعار سوى خط أسود على جانبها، بحسب ما أظهرت صور التلفزيون الباكستاني. وقال الجيش إن الحكومة الباكستانية تتحمل جميع التكاليف، بما فيها تكلفة نقل ملالا إلى الخارج.

وصرحت الشرطة بأنها ألقت القبض على بعض المشتبه في ضلوعهم في الهجوم. وقال أحمد شاه، مدير مركز الشرطة في بلدة مينغورا حيث وقع الهجوم، إنه تم اعتقال نحو 200 شخص، من بينهم سائق الحافلة ومراقب في المدرسة. إلا أنه تم الإفراج عن معظمهم.