الاتحاد الأوروبي يستهدف سوريا وإيران بعقوبات جديدة

تشمل 28 شخصا وكيانين سوريين.. وحظر كل التعاملات المالية مع إيران

كاثرين آشتون منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي خلال اجتماعات لوكسمبورغ أمس (أ.ب)
TT

قرر الاتحاد الأوروبي أمس تشديد عقوباته بحق كل من سوريا وإيران، وذلك بإضافة 28 شخصا يشتبه في علاقتهم بأعمال القمع ضد المدنيين السوريين، إلى قائمة الأشخاص المحظور سفرهم إلى أوروبا وتجميد أرصدتهم، كما تمت إضافة كيانين إلى قائمة العقوبات التي تضم الجهات التي جرى تجميد أرصدتها لتعاونها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كما شدد الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد الجمهورية الإسلامية مستهدفا خصوصا التعاملات المالية وقطاعي الاتصالات والطاقة في مواجهة المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات حول برنامجها النووي.

وجاء ذلك في بيان صدر في ختام مناقشات أجراها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ أمس بشأن الوضع السوري، وقال البيان إن النقاش تناول أيضا تقييم ما جرى اتخاذه من قرارات تتعلق بحظر السلاح إلى سوريا، التي تمنع المواطنين والشركات الأوروبية من توريد أسلحة إلى النظام السوري ومراعاة عدم مشاركتهم في أي تعاون عسكري مع أطراف أخرى يمكن أن يستفيد منها النظام السوري.

ومن خلال البيان، قالت كاثرين آشتون، منسقة السياسة الخارجية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي يحذر من عسكرة الصراع، ودعت جميع الدول إلى الامتناع عن تسليم أسلحة إلى سوريا.

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض من قبل 18 حزمة من العقوبات منذ بداية الأزمة في سوريا في مارس (آذار) من العام الماضي واتخذ خطوات تتعلق بحظر النفط ومنع شركات الطيران السورية من القدوم إلى المطارات الأوروبية، كما شملت قطاعات أخرى نفطية ومالية والمواد الفاخرة والسلاح وغيرها.

وحسب مصادر المؤسسات الأوروبية في بروكسل، فإنه انطلاقا من النهج الأوروبي الذي ينص على الاستمرار في فرض العقوبات ضد النظام السوري والمتعاونين معه، ما دام العنف ضد المدنيين والقتل مستمرا، يضيف رؤساء دبلوماسية الاتحاد الأوروبي الأشخاص والكيانات التي تعتبر من وجهة نظرهم مرتبطة بالأعمال القمعية لنظام دمشق، على اللائحة، وبالحزمة رقم 19 أصبح إجمالي الأشخاص في اللائحة 181 شخصا و54 كيانا، على أن تنشر التفاصيل الخاصة بالعقوبات الجديدة في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وقالت آشتون إن هناك قناعة مشتركة لدى الاتحاد الأوروبي وروسيا بشأن ضرورة أن يكون الحل في سوريا سلميا، ولدى وصولها إلى مقر اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، أدلت آشتون بتصريحات علقت فيها على عشاء العمل الذي جرى مساء أول من أمس الأحد بحضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع عدد من نظرائه الأوروبيين.

وقالت آشتون إنه جرى استعراض آخر تطورات الأزمة السورية والتأكيد على ضرورة البحث عن حل سلمي ودعم مهمة المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يتفهم قلق الطرف الروسي، خاصة في ما يتعلق بتدهور العلاقات بين سوريا وتركيا، وتابعت أن الجانب الأوروبي أكد للوزير الروسي على ضرورة العمل من أجل الوقف الفوري للعنف في الداخل السوري وتفادي أي توسيع لرقعة الصراع. وفي الوقت نفسه، أشارت آشتون إلى أن التكتل الموحد يعمل مع تركيا لتحسين ظروف اللاجئين السوريين.

وفي الشأن الإيراني، جدد الاتحاد الأوروبي التمسك بالمقاربة المزدوجة في التعامل مع الملف النووي، التي تنص على الاستمرار في التفاوض والالتزام بحوار جدي للبحث عن حل لهذا الملف الذي لا يزال يثير مخاوف المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه، سوف يستمر الاتحاد في فرض العقوبات لممارسة الضغوط على طهران.

وفي إطار استمرار الشكوك الأوروبية في الأهداف الحقيقية لأنشطة إيران النووية، قرر وزراء خارجية التكتل الأوروبي الموحد، توسيع العقوبات ضد إيران من خلال حظر كل التعاملات المالية والمصرفية مع إيران، إلى جانب فرض المزيد من القيود على التعاملات مع البنك المركزي الإيراني.

وحسب بيان صدر عقب اختتام مناقشات أجراها وزراء الخارجية في لوكسمبورغ، فقد جرى استثناء كل التحويلات الخاصة بالاحتياجات الإنسانية، حيث يمكن الاستمرار في إجراء تحويلات مصرفية خاصة بتجارة الأغذية والأدوية مع إيران، وأوضح البيان أن العقوبات تشمل أيضا منع استيراد الغاز الطبيعي من إيران، وكذلك منع تصدير أي مواد يمكن استخدامها في تطوير الصناعات النووية أو الصناعات البتروكيماوية.

وأفاد دبلوماسي أن وزيرا إيرانيا و34 شركة تنشط خصوصا في مجال النفط والغاز أضيفوا إلى القائمة السوداء الأوروبية لتجميد الأرصدة ومنع إصدار تأشيرات.

ومن الإجراءات الأخرى، منع تسجيل سفن إيرانية أو تزويد إيران بناقلات نفط جديدة لنقل محروقاتها وكذلك تجميد أصول نحو 30 شركة جديدة، لا سيما في المجال المصرفي والقطاع النفطي.

وفي هذا الإطار، أكدت آشتون أن العقوبات المفروضة على طهران خاضعة للمراجعة بشكل دائم، وقالت: «نحن نطلب من إيران التعامل بجدية وإيجابية مع المقترحات التي قدمت من قبل مجموعة خمسة زائد واحد»، الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا. ولم تحدد المسؤولة الأوروبية، المكلفة الحوار باسم المجموعة مع الطرف الإيراني، أي تاريخ محتمل للعودة إلى الحوار مع طهران في مسألة أنشطتها النووية. ومن المقرر أن تدخل حزمة العقوبات الجديدة ضد إيران حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء بعد نشرها في الجريدة الرسمية الأوروبية.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم الوقوف عند هذا الحد في الأشهر المقبلة. وكان هيغ حذر عند وصوله إلى اجتماع لوكسمبورغ: «سنكثف الضغط وسنواصل القيام بذلك خلال الأشهر المقبلة، إلا إذا تواصلت المفاوضات»، وأضاف: «سنبقى بالتأكيد منفتحين إزاء نجاح المفاوضات» حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.

وبالواقع أن الدول الـ27، أعضاء الاتحاد الأوروبي، موافقة أيضا على مبدأ معاقبة شركات اتصالات مرتبطة بالباسدران، الحرس الثوري الإيراني، والقطاع النووي، لكن في مرحلة لاحقة، كما أوضح دبلوماسي أوروبي.

وفي تعليق على فرض العقوبات الجديدة، رحبت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقرار الاتحاد الأوروبي ووصفته بأنه خطوة ضرورية لمنع النظام من الحصول على القنبلة النووية، مطالبة «بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران».