السلطة الفلسطينية تسعى لتغيير وضعها من «سلطة وظيفية» لـ«دولة تحت الاحتلال»

أبو مازن لأوباما: مستعدون للمفاوضات بعد الأمم المتحدة.. وباراك ينفي لقاءه في عمان

جنود إسرائيليون يحاولون إزاحة فلسطينيين عن شارع المستوطنين في الضفة الغربية الذي قاموا بإغلاقه أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد 24 ساعة من إعلان الولايات المتحدة في مجلس الأمن، معارضتها المطلقة لأي إجراءات فلسطينية أحادية للحصول على دولة، بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، برسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، قال له فيها إن قرار التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لرفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو لم يكن قرارا أحاديا، وإنما لتسهيل عملية المفاوضات.

في غضون ذلك نفى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أخبارا حول لقاء مع أبو مازن في الأردن. وقالت مصادر في مكتب باراك ما نقلته وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» عن مصدر فلسطيني من أن لقاء تم بين باراك وأبو مازن قبل 6 أيام في عمان، بحضور الملك الأردني عبد الله الثاني. وقال المصدر إن اللقاء بحث الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وموضوع التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للحصول على صفة دولة غير عضو فيها.

وسارعت حركتا حماس والجهاد الإسلامي إلى انتقاد اللقاء الذي التزمت السلطة الصمت إزاءه، واعتبرته دليلا على «إفلاسه السياسي». وشددت الحركتان على أن اللقاءات التفاوضية الفلسطينية - الإسرائيلية لا تصب في خدمة مصالح الشعب الفلسطيني، وإنما في صالح الاحتلال الذي يستغل هذه اللقاءات للتغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكان عباس قد اجتمع في مقر الرئاسة في رام الله، أمس، مع وفد إسرائيلي ضم ستة نواب من الكنيست أحدهم عن حزب العمل، وشخصيات سياسية وثقافية. وقال أبو مازن لوفد إسرائيلي الأحد: «أهمية ذلك في أنه يحول الأرض التي احتلت في عام 67 إلى دولة تحت الاحتلال، وليست أرضا مختلفا عليها». وأضاف: «هم لا يريدوننا أن نذهب إلى الأمم المتحدة، وهناك ضغوط كبيرة نتعرض لها، لكننا سنذهب إلى الأمم المتحدة، ونحن نتشاور مع دول العالم، ودول كثيرة وفي أوروبا، ولكن الإرادة الدولية والتوازنات الدولية، تجعل البعض يتلكأ، ومع ذلك سنحصل على الأصوات لنصبح دولة في الأمم المتحدة». وأردف: «بعدها مستعدون لمناقشة القضايا جميعا كما فعلنا سابقا».

وفي رسالته أكد عباس أمس، التزام الجانب الفلسطيني بخيار الدولتين، وقال: «هذه الخطوة جاءت لتثبيت حق الشعب الفلسطيني على أرضه، بوصفها أرضا محتلة، وليست أرضا متنازعا عليها»، مشددا على أن الفلسطينيين لا يهدفون عبر ذلك إلى عزل إسرائيل، «بل الحصول على اعتراف دولي يسهل عملية المفاوضات». وحاول أبو مازن طمأنة أوباما: «سنكون مستعدين للعودة إلى المفاوضات بعد حصولنا على الاعتراف الدولي».

وتحاول القيادة الفلسطينية تجنب صدام مباشر مع الولايات المتحدة، وكانت قد أجلت طلب التصويت على دولة غير عضو إلى ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولكن مع ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أول من أمس في مجلس الأمن، معارضتها الشديدة للخطوة الفلسطينية قائلة إنها تعرض عملية السلام للخطر.

وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس: «الإجراءات المنفردة، ومنها المبادرات الرامية إلى منح الفلسطينيين وضع المراقب كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، ليس من شأنها سوى تعريض عملية السلام للخطر وتعقيد الجهود الرامية لإعادة الجانبين إلى المفاوضات المباشرة». وأضافت: «أي جهود لاستغلال المحافل الدولية لاستباق المحادثات بشأن قضايا الوضع النهائي التي لا يمكن حلها إلا بشكل مباشر من قبل الجانبين لن تحسن الأوضاع المعيشية اليومية للفلسطينيين، ولن تعزز الثقة المطلوبة لإحراز تقدم نحو حل الدولتين».

وجاء موقف رايس على الرغم من الدعم الذي أبدته روسيا والمجموعة العربية للخطوة الفلسطينية المرتقبة. ودعا صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كل من يسعى لتحقيق السلام على أساس الدولتين على حدود 1967، بالتصويت لصالح دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف أثناء لقاء مع القنصل الأميركي العام مايكل راتني: «مشروع القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة من شأنه أن يكرس قواعد جديدة لعملية السلام من كل جوانبها، وخاصة تجاه التأكيد على أن المستوطنات وفرض الحقائق على الأرض وضم القدس الشرقية إجراءات باطلة وترقى إلى جرائم حرب، وأن مرجعية أي مفاوضات ستتمثل بالانسحاب الإسرائيلي إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967».

ويأمل الفلسطينيون في تغيير وضعهم الحالي من كيان مراقب في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب. ويريد أبو مازن تحقيق مكاسب سياسية على الأرض من وراء الحصول على المرتبة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف هو تغيير الوضع القائم على الأرض». وأضافت: «نريد تغيير الوضع من سلطة مؤقتة إلى دولة تحت الاحتلال». وأوضحت: «يجب التخلص من وضع السلطة الوظيفي. نحن لا نعمل عند الاحتلال».

وتعيش السلطة ظروفا حالية صعبة، وتتهم بأنها تحولت إلى غطاء للاحتلال، وخلصته من أعبائه الأمنية والمالية، دون أن تستطيع نقل الفلسطينيين إلى دولة ذات سيادة، بعد أكثر من 20 عاما على التفاوض. وقال المفوض السياسي العام للسلطة، عدنان الضميري إن الذهاب إلى الأمم المتحدة يكسر المحاولة الإسرائيلية لفرض دور وظيفي للسلطة الوطنية. وأضاف خلال ندوة جماهيرية: «عضوية فلسطين ستغير قواعد اللعبة».