عدد العرب يزيد على عدد اليهود في فلسطين التاريخية

صحيفة إسرائيلية: هذه وثيقة تؤكد أننا كأقلية ندير نظام «أبرتهايد» ضد الأكثرية

TT

كُشف النقاب عن وثيقة حكومية رسمية في إسرائيل تشير إلى أن عدد اليهود يقل عن عدد العرب في المنطقة المعروفة باسم «فلسطين التاريخية»، إذ يبلغ عدد اليهود 5.9 مليون نسمة مقابل 6.1 مليون فلسطيني. ولكون إسرائيل تسيطر على هذه المنطقة وتتحكم في كل شيء فيها، استنتجت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن إسرائيل تدير نظام «أبرتهايد»، تحكم فيه الأقلية الأكثرية.

وقال الكاتب الصحافي عكيفا إلدار، في تقرير خاص نشره في الصحيفة المذكورة، أمس، إنه تعرف على الوثيقة بالصدفة. إذ قرأ خبرا اقتصاديا صغيرا حول التعديلات في قوانين الجمارك، فكشف عمليا اعترافا من حكومة بنيامين نتنياهو ومكتبه بأن اليهود لم يعودوا أغلبية بين النهر والبحر، وأن ذلك يعني عمليا، القول بأن النظام السائد في إسرائيل هو نظام «أبرتهايد»، إذ تحكم الأقلية اليهودية أغلبية عربية في فلسطين التاريخية.

وقال إلدار، إن خبرا عن سعي سلطة الجمارك في إسرائيل لتمرير تعديل قانون، يتعلق برفع سقف أحقية الحصول على هبات وامتيازات جمركية بقيمة 25 في المائة من مجمل الدخل، كشف عمليا عن أن اليهود لم يعودوا أغلبية بين النهر والبحر، إذ إن قانون تشجيع التصدير في إسرائيل يمنح تخفيضا بنسبة 25 في المائة لمن يثبت أنه يصدر ويبيع بضائعه في سوق لا يقل عدد المستهلكين فيها عن 12 مليون نسمة، وبالتالي فإن محاولة التعديل التي سعت إليها سلطة الجمارك اعتمدت على مذكرة حكومية بشرت في عام 2011 أن تعداد السكان في إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية قد تجاوز 12 مليون نسمة، مما يتيح لأرباب الصناعة الحصول على الامتيازات الضريبية المذكورة.

ولكن وبموازاة ذلك تكشف المذكرة والبيان الصحافي الصادر عن دائرة الإحصاء المركزية التابعة لمكتب رئيس الحكومة في 25 أبريل (نيسان) الماضي أن من بين الـ12 مليون نسمة في إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية 5.9 مليون يهودي و6.1 مليون من غير اليهود، أي وبعبارة أخرى، كما يقول إلدار، فإنه توجد بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، دولة يهودية صرفة وفق قوانينها وعاداتها، لكنها في الواقع ليست ديمقراطية. ويمضي قائلا بالاعتماد على مصادر أجنبية: «تحول اليهود لأقلية في مناطق أرض إسرائيل منذ عدة سنوات، والآن أصبح هذا معطى رسميا. سيكون هناك من يدعون قطعا أن الرقم 12 مليون يشمل سكان غزة وأنه كان علي خصم 1.5 مليون نسمة من تعداد السكان غير اليهود، إلا أن هذا الرقم الذي يشمل سكان غزة يظهر على الوثائق الرسمية لوزارة المالية، فإذا كانت هذه الشريحة (لا تحسب) في معادلة التوازن الديمغرافي فلتتفضل وزارة المالية بإخراجها من حساب عدد المستهلكين الذين يمنحون الهبات لأرباب الصناعة والتجارة ومن ميزان مدخولاتها».

وفي السياق نفسه يذكر إلدار دراسة نشرتها صحيفة «فورين بوليسي جورنال» الإلكترونية، حول تقرير سري وضعته 16 وكالة استخبارات أميركية، ويبرز فيه على نحو خاص مصطلح الأبرتهايد. ووفقا لتقرير نشره فرانكلين ليمب، مراسل الصحيفة الأميركية في بيروت تحدث فيه عن «التقرير السري» الذي يوازي بين إسرائيل وبين نظام الفصل العنصري «الأبرتهايد» الذي كان سائدا في جنوب أفريقيا. وبحسب تقرير ليمب فإن التقرير الأميركي يحذر من أن يقود الربيع العربي والصحوة الإسلامية نحو 1.2 مليار مسلم لمعارضة ومكافحة ما يسمى عند المسلمين «الاحتلال الأوروبي غير الأخلاقي لفلسطين». ويدعي ليمب، حسب إلدار، أن التقرير يتهم إسرائيل بالتدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة عبر 60 منظمة ونحو 7500 موظف. كما يوصي التقرير الولايات المتحدة بترك إسرائيل لمصيرها، لأن وجودها يضر بمصلحة الولايات المتحدة بالتقرب من العالم العربي والإيرانيين. ومع إيراده للتفاصيل، إلا أن إلدار حاول ضرب مصداقية ليمب، بالقول إن البحث عن معلومات حول ليمب في محرك «غوغل» يظهر رجلا وطيد العلاقة بحزب الله والأسير المحرر سمير قنطار، وكاتب في موقع «الانتفاضة الإلكتروني»، وعضو في منظمة «صبرا وشاتيلا».

ويرى إلدار أنه لا يوجد سبب يدعو نتنياهو للقلق من تسليم «التقرير المذكور» للرئيس أوباما، لكن عليه أن يكون قلقا بشكل خاص على مستقبل العلاقات الإسرائيلية الأميركية. ويضيف: «حتى إذا حذفنا كل المبالغات الواردة في التقرير، فإننا سنبقى عمليا مع نص يبين الروح السائدة في البيت الأبيض ومواقفه من نتنياهو. فمن شأن الإقرار الرسمي بأن اليهود تحولوا إلى أقلية في فلسطين التاريخية، أن يعزز الادعاءات ضد سيطرة إسرائيل على الفلسطينيين، وأن يعزز التأييد الدولي، بما في ذلك الأميركي لإقامة دولة فلسطينية في حدود 1967. فلا حاجة للإسهاب حول ما ينتظر رئيس الحكومة إذا ظل أوباما في البيت الأبيض لأربع سنوات إضافية. ولكن حتى إذا كان المرشح الجمهوري، ميت رومني، هو من سيقضي السنوات الأربع القادمة في البيت الأبيض، فسيبقى أوباما يملك صلاحياته الرئاسية لغاية 20 يناير (كانون الثاني) 2013». ويبين إلدار دلالات هذا الأمر، بالعودة إلى قرار الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بفتح حور مع منظمة التحرير الفلسطينية (إثر إعلان الاستقلال الفلسطيني استنادا للقرار الدولي 242) الذي اتخذه ريغان خلال الفترة الانتقالية بعد انتخابات 1988، وعلى ضوء القطيعة بين ريغان ورئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك إسحاق شامير. فقد كان ذلك القرار انتقاما من شامير الذي أحبط خطة السلام واتفاق لندن مع الملك الأردني الراحل حسين. واليوم تتزامن الانتخابات الأميركية مع الإسرائيلية، وبالتالي فما هو الضرر الذي يمكن أن يصيب أوباما (في حال خسر الانتخابات الأميركية) إذا أوعز لسفيرته في الأمم المتحدة بتأييد اقتراح ضم فلسطين في حدود 1967 للمنظمة الدولية.