الحكومة العراقية تقيل محافظ البنك المركزي.. وتحيل ملفه إلى هيئة النزاهة

مستشار للمالكي: الإجراء بحق الشبيبي جاء بعد تحقيق في تذبذب سعر الدينار مقابل الدولار

TT

سمت الحكومة العراقية أمس محافظا مؤقتا جديدا للبنك المركزي ليحل مكان المحافظ الحالي سنان الشبيبي الموقوف عن عمله بأمر من القضاء، بحسب ما أفاد به مستشار لرئيس الوزراء نوري المالكي.

وقال علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، إن «مجلس الوزراء صوت على تكليف عبد الباسط تركي، رئيس ديوان الرقابة المالية، لإدارة البنك المركزي حتى إشعار آخر»، مضيفا أن القضاء «قرر سحب يد» سنان الشبيبي، المحافظ الحالي للبنك المركزي. وأوضح الموسوي لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «بعد تذبب سعر صرف الدينار شكلت لجنة في مجلس النواب للتحقيق برئاسة نائب رئيس المجلس قصي السهيل (..) وبعد تحقيقات مطولة (..) وجدت تقصيرا من قبل محافظ البنك وآخرين». وتابع أن اللجنة رفعت تقريرها إلى هيئة النزاهة الرسمية التي تعنى بمكافحة الفساد في دوائر الدولة والتي «قررت سحب يد الشبيبي وآخرين»، مضيفا أنه «عندما أصبحت الحكومة أمام الواقع قررت تعيين شخصية حازت على شبه إجماع».

وكان المتحدث باسم هيئة النزاهة حسن عاتي أعلن في وقت سابق أمس، أن الهيئة تسلمت «ملفا خاصا بالبنك المركزي من قبل لجنة النزاهة البرلمانية والتحقيق جار حاليا». بدوره، قال رئيس لجنة النزاهة البرلمانية بهاء الأعرجي، إن «مذكرات قبض صدرت لكن لم تصدر مذكرات منع سفر»، مشيرا إلى أن عدد مذكرات التوقيف بلغ «ثلاثين مذكرة تشمل محافظ البنك ونائبه». وقال مسؤول في وزارة العدل إن مجلس القضاء الأعلى هو المسؤول عن إصدار مذكرات توقيف مماثلة. وأوضح الأعرجي، أن القضية «لا تدور حول أموال، بل حول إجراءات وتعليمات أدت إلى زيادة سعر الدولار مقابل الدينار (العراقي) وتدني سعر الدينار».

وكان محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي الذي يتولى منصبه منذ 2003 قال في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية من طوكيو قبل يومين «لا أعرف شيئا عن هذا الأمر وإن شاء الله لن تكون هناك مذكرات توقيف».

وشهد سعر صرف الدولار في أبريل (نيسان) أعلى مستوى له أمام الدينار منذ نحو أربع سنوات في الأسواق المحلية وهو 1320 دينارا لكل دولار، بعد أن كان مستقرا عند مستوى 1230 دينارا للدولار الواحد. وقال الشبيبي حينها، إن «الأوضاع السياسية غير المستقرة نسبيا في العراق وفي المنطقة المحيطة أوجدت طلبا كبيرا على الدولار مما أدى إلى ارتفاع سعر صرف هذه العملة مؤخرا»، في إشارة خصوصا إلى إيران وسوريا والعقوبات المفروضة على هذين البلدين.

وعلى الرغم من نفي عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف العراقية وعضو لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي تلقي هيئة النزاهة مذكرة اعتقال صادرة بحق محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور سنان الشبيبي ونائبه الدكتور مظهر محمد صالح فقد قرر مجلس الوزراء العراقي في جلسته أمس عزل الشبيبي من منصبه وتكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط التركي بدلا منه حتى إشعار آخر.

إلى ذلك، أكد طلال الزوبعي، القيادي في القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي وعضو لجنة النزاهة البرلمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أمر الشبيبي لم يعرض على هيئة النزاهة البرلمانية التي تتخذ قراراتها بالتصويت ولكن هناك لجنة من خارج لجنة النزاهة فيها بعض أعضاء اللجنة من ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي هي التي تتولى هذا الأمر»، معتبرا أن «المسألة سياسية وليست مهنية على الإطلاق لأن الشبيبي وصالح يعدان من الشخصيات الفذة في الاقتصاد العراقي ولهما مكانتهما الدولية خصوصا لدى البنك الدولي، وبالتالي فإن عملية استهداف مثل هذه الشخصيات التكنوقراط إنما تعد مساسا بكل القيم والمعايير». وردا على سؤال بشأن إصرار دولة القانون على إدانة الشبيبي على الرغم من أن المحاصصة تضعه في صف التحالف الوطني مقابل إصرار العراقية على الدفاع عنه رغم أنه ليس مرشحها، قال الزوبعي، إن «القائمة العراقية صاحبة مشروع وطني وقد تمكنت من عبور الطائفية في أصعب المحطات، وبالتالي فإننا حيال مثل هذه المواقف ننطلق من البعد الوطني وقد سبق لنا أن رشحنا وزراء شيعة ووكلاء وزارات شيعة لأننا نريد أن نقبر الطائفية، لكننا للأسف محاربون حتى في هذا المشروع الذي يجب أن يكون موضع فخر الجميع». وبشأن طبيعة الاتهامات الموجهة إلى البنك المركزي ومحافظه ومسؤولين نافذين فيه، قال الزوبعي، إن «هذه المسألة في الواقع ليست عابرة، بل هي مسألة استراتيجية بالغة الأهمية والخطورة كما أنها خرق للعملية الديمقراطية لأن هناك من يحاول العبث بالاقتصاد العراقي بأسلوب يعيدنا إلى زمن الديكتاتورية وهو أمر نرفضه بشدة ونعمل على مقاومته بكل السبل». وكانت القائمة العراقية اعتبرت أن هناك أجندة سياسية تسعى لهدم البلاد وحذر المتحدث باسمها حيدر الملا في تصريحات أمس من أن «ثقة العالم ستهتز بالاقتصاد العراقي إذا تم التعامل مع هذه الملفات الحساسة بهذه الطريقة».

وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي طالبت أول من أمس متهمي محافظ البنك المركزي بتقديم الأدلة، بينما أعربت عن خشيتها أن تكون هذه الاتهامات «استهدافا سياسيا» للبنك. وكان رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي كشف في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عن وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي، مشيرا إلى أن المجلس باشر بتحقيق «معمق» في سياسة البنك المركزي منذ عام 2003 وتعهد بمتابعة التحقيق «شخصيا» لأهمية القضية. ويعقد البنك المركزي العراقي جلسات يومية لبيع وشراء العملات الأجنبية بمشاركة المصارف العراقية، باستثناء أيام العطل الرسمية التي يتوقف فيها البنك عن هذه المزادات، وتكون المبيعات إما بشكل نقدي، أو على شكل حوالات مبيعة إلى الخارج مقابل عمولة معينة.