خالد شيخ أمام القضاء الاميركي: لا عدالة في هذه المحاكمة

غوانتانامو: متهمون يطلبون عدم حضور الجلسات احتجاجا > محكمة استئناف أميركية تلغي إدانة سائق بن لادن

رسم بريشة الفنانة جانيت هاملين من المحكمة العسكرية في غوانتانامو لخالد شيخ محمد ويظهر بلحية مخضبة بالحناء أمس (أ.ب)
TT

بعد استئناف المحاكمات العسكرية التمهيدية في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا للمتهمين بتدبير وتنفيذ هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، وفي أول يوم، قال خالد شيخ محمد، الرأس المدبر: «لا أعتقد أن هناك أي عدالة في هذه المحكمة».

ووقف معه مصطفى أحمد الهوساوي، ووليد بن عطاش، وعلي عبد العزيز علي، ورمزي بن الشيبة. ويواجه المتهمون الخمسة عقوبة الإعدام إذا أدينوا بتنفيذ الهجمات التي قتل فيها ثلاثة آلاف شخص تقريبا؛ غير أنهم، في أول جلسة، طلبوا عدم حضور الجلسات احتجاجا، غير أن القاضي حذرهم بأنهم سيتخلون عن «حقوق قانونية مهمة إذا فعلوا ذلك». وطغت على الجلسات مسألة التعذيب الذي قال الرجال الخمسة إنهم تعرضوا له أثناء احتجازهم في سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). واختار الباكستاني البالغ من العمر حاليا 47 عاما والذي ارتدى دشداشة بيضاء تعلوها عمامة وأرخى لحية طويلة محناة! أن يرد على أسئلة القاضي العسكري على الرغم من حقه في التزام الصمت. وخلال الجلسة التي استمرت خمس ساعات! جلس خالد شيخ محمد والمتهمون الأربعة الباقون على مقاعد منفصلة ولكن غير متباعدة كثيرا مما مكنهم من التهامس بين الحين والآخر. وهؤلاء هم اليمنيان وليد بن عطاش ورمزي بن الشيبة، والسعودي مصطفى الهوساوي، والباكستاني عمار البلوشي! وقد ارتدوا جميعا دشداشات تقليدية واعتمروا عمامات بيضاء. وخلال الاستراحة لم يتوان أحد المتهمين عن بسط سجاد الصلاة على أرض المحكمة وتأدية الصلاة في حين كان تسعة من أقارب ضحايا الاعتداءات يتابعون الجلسة خلف زجاج عازل. وجلسة الاستماع هذه التي تستمر خمسة أيام تهدف إلى التحضير للمحاكمة التي من غير المرجح أن تبدأ قبل عام على الأقل يضاف إلى الأعوام الـ11 التي مرت حتى الآن منذ وقوع الاعتداءات ثم القبض على المتهمين ثم المحاولات الحثيثة التي بذلتها إدارة أوباما عبثا لإجراء المحاكمة في مانهاتن وليس في هذه القاعدة العسكرية الأميركية في كوبا.

وهؤلاء المتهمون الخمسة «بالغو الأهمية» معتقلون في غوانتانامو تحت حراسة أمنية مشددة وقد ظهروا الاثنين الماضي في أول جلسة لهم أمام المحكمة منذ خمسة أشهر، أكثر تفاعلا مما كانوا عليه في جلسة تلاوة الحكم في 5 مايو (أيار) الماضي.

أما السعودي الهوساوي الذي أرخى لحية سوداء ووضع نظارات والمتهم بأنه المسؤول عن تمويل هجمات 11 سبتمبر فقال خلال الجلسة إنه أبلغ «قبل ساعة واحدة فقط من الانطلاق» بموعد الجلسة.

وقالت مصادر أميركية إن الجلسات الحالية التمهيدية سيطالب فيها الادعاء العسكري «حماية المعلومات المتعلقة بالأمن القومي الأميركي. وتبرر الحكومة طلبها إبقاء السرية على هذا الموضوع بضرورات «الأمن القومي»، في حين يصر الدفاع مدعوما بـ14 وسيلة إعلامية وجمعية الدفاع عن الحريات المدنية «اي سي إل يو» بالشفافية في الجلسات.

وتحتج وسائل إعلام والجمعية الأميركية للدفاع عن الحريات على تأخير بث الجلسات في غوانتانامو أربعين ثانية وهي مهلة تسمح للرقابة بالتشويش على بث معلومات حساسة بما في ذلك بثها للصحافيين والجمهور الذين يحضرون المداولات من خلف حاجز زجاجي. وكان متوقعا أن تتضمن الجلسة الاستماع لاقتراحات حول المسائل الإجرائية. لكن، لم يتمكن القاضي العسكري الكولونيل جيمس بول إلا من مناقشة عدد قليل من هذه الاقتراحات بعد أن استغرقت الجلسة وقتا طويلا في بحث إمكانية السماح للمتهمين بعدم حضور الجلسات. وكان خالد شيخ محمد وآخرون طلبوا الإذن بعدم حضور جلسات. وقال محمد، عبر مترجم، ردا على سؤال وجهه إليه القاضي بول إذا كان يدرك معنى التنازل عن حقه في الحضور: «لا أعتقد أن هناك أي عدالة في هذه المحكمة».

وعارض الجنرال مارك مارتنز، ممثل الادعاء العسكري، السماح للمتهمين بالتغيب عن جلسات المحكمة. وقال القاضي الكولونيل بول للمتهمين إنهم سيسألون كل صباح طوال هذا الأسبوع عما إذا ما كانوا يرغبون في حضور الجلسات. وإذا تنازل المتهمون عن حقهم في الحضور، ثم غيروا رأيهم أثناء اليوم سيتعين عليهم إبلاغ أحد الحراس.

غير أن المتهم رمزي بن الشيبة اشتكى بصوت عال، بالإنجليزية، من أن الحراس «صاروا يتشددون معنا»، وبعد الجلسة الأولى، قال محامو الدفاع للصحافيين إن القواعد العسكرية «مصممة لإصدار أحكام بالإدانة في القضية»، وإن موكليهم «منعوا من الحديث عن المعاملة التي لاقوها خلال أعوام احتجازهم، لأنهم ربما سيكشفون معلومات سرية». وقال جيمس كونيل، أحد المحامين عن المتهم علي عبد العزيز علي: «اعتقلوا، واحتجزوا في مكان سري. لكن تقول المحكمة العسكرية إن هذه الأمور التي رأوها سرية ولا يمكنهم الحديث عنها». وتحدث إلى الصحافيين الجنرال مارتنز، ممثل الادعاء العسكري، وقال إن المحاكم العسكرية «قانونية بموجب الدستور الأميركي»، ونفى منع المتهمين من الحديث عن الفترة التي قضوها في السجون السرية. وكانت المحكمة رفضت، يوم الجمعة، طلبا من محمد بتأجيل المحاكمة بسبب وجود «حشرات وعفونة» في مباني المحاكمة.

ومن جهة اخرى، ألغت محكمة استئناف أميركية أمس إدانة سالم حمدان سائق زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، الذي كان معتقلا سابقا في غوانتانامو، معتبرة أن «تقديم الدعم المادي للإرهاب لا يشكل جريمة حرب». وقالت المحكمة إنه على الرغم من أن حمدان طليق بعد اعتقاله لسبع سنوات في غوانتانامو، فإن فوزه بالاستئناف يمكن أن تكون له انعكاسات على مشتبه بهم آخرين؛ «لأن تقديم الدعم المادي للإرهاب» هو تهمة شائعة ضد عدد من المعتقلين في غوانتانامو. وخلصت محكمة الاستئناف الأميركية لدائرة منطقة كولومبيا إلى أن دعم الإرهاب لم يكن جريمة حرب في وقت السلوك المنسوب لحمدان في الفترة من 1996 حتى 2001 وأنها لذلك لا يمكنها تأييد إدانته.