كان مقررا أن يتواجه باراك أوباما وميت رومني الليلة الماضية في مناظرة تلفزيونية ثانية، قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية التي لا تزال نتائجها غير محسومة، بعدما فقد الرئيس الديمقراطي تقدمه في استطلاعات الرأي إثر مناظرة أولى أخفق فيها أمام خصمه الجمهوري. وكان مفترضا أن يتقابل أوباما وخصمه الجمهوري في قاعة جامعة هوفسترا في هامستيد على مسافة أربعين كلم شرق نيويورك في الساعة التاسعة مساء في مناظرة تستمر تسعين دقيقة وتديرها الصحافية كاندي كرولي من شبكة «سي إن إن».
ووعد معاونو أوباما مسبقا أن يعمل مرشحهم على محو صورة الرئيس الباهت الذي طغى عليه حضور رومني الهجومي قبل أسبوعين في دنفر (كولورادو) أمام نحو 67 مليون مشاهد عبر شاشات التلفزيون. وقالت جنيفر بساكي المتحدثة باسم حملة أوباما عشية المناظرة: «توقعوا أن يكون حازما ولكن مهذبا»، واعتبرت أن «ميت رومني سيحاول تغيير صورة برنامجه»، مؤكدة أن «ميت رومني يمكن أن يقول ويفعل أي شيء بمعزل عما إذا كان صحيحا من أجل أن يصبح رئيسا».
وهو انتقاد وجهه الديمقراطيون إلى المرشح الجمهوري بعدما أعرب خلال المناظرة عن مواقف «وسطية»، أربكت أوباما على ما يبدو. وفي الأيام التي تلت المناظرة الأولى في 3 أكتوبر (تشرين الأول) تراجعت نوايا التصويت لأوباما فخسر نحو أربع نقاط على المستوى الوطني في استطلاعات الرأي لصالح حاكم ماساتشوستس السابق. لكن أوباما ما زال متصدرا في تسع ولايات حاسمة في السباق هي كولورادو وفلوريدا وايوا ونيفادا ونيو هامبشر وكارولاينا الشمالية وفرجينيا وويسكونسن.
وأبرز استطلاع للرأي أجراه مركز «بيو» في واشنطن، وجود انقسام وسط الأميركيين حول المرشحين. كما أظهر استطلاع آخر أجرته شبكة «إي بي سي نيوز» وصحيفة «واشنطن بوست» ونشر أول من أمس أن المرشحين متقاربان جدا في السباق إلى البيت الأبيض. وبحسب الاستطلاع يبقى باراك أوباما متصدرا على الصعيد الوطني مع 49 في المائة من نوايا التصويت مقابل 46 في المائة لمنافسه إلا أن هذا التقدم بفارق ثلاث نقاط يبقى أقل من هامش الخطأ في الاستطلاع (3.5 نقاط). ومساء الاثنين، أكد موقع «ريلكليربوليتيكس» أن معدل الاستطلاعات يشير إلى تساو شبه تام بين المرشحين.
وأوقف الرئيس الديمقراطي والمرشح الجمهوري للبيت الأبيض في انتخابات السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الحملة لبعض الوقت للتحضير للمناظرة. ومن أجل الاستعداد للمواجهة الجديدة اختلى أوباما منذ السبت مع مستشاريه في مجمع فندقي في ويليامسبرغ في فرجينيا على بعد 250 كلم جنوب واشنطن فيما كان ميت رومني منذ مساء السبت في منزله في بلمونت في ماساتشوستس.
وكان من المفترض أن يجري التطرق في مناظرة الليلة الماضية إلى قضايا السياسة الخارجية والمسائل الداخلية. وخلافا للمناظرتين الأولى والأخيرة المرتقبة في 22 من الشهر الحالي في فلوريدا، دعي أفراد من الجمهور لطرح أسئلة على المرشحين. ومُنح 80 ناخبا أميركيا مترددين، فرصة طرح أسئلة إلى أوباما ورومني خلال مناظرة الليلة الماضية، فيما مُنح كل مرشح دقيقتين للإجابة على الأسئلة التي ستطرح عليهما ثم دقيقة واحدة «للنقاش». واختار معهد «غالوب» الأسبوع الماضي عبر اتصالات هاتفية ثمانين شخصا أكدوا أنهم لم يحسموا بعد قرارهم في الاقتراع.
وفي حين يثق الأميركيون بالرئيس أوباما أكثر من منافسه الجمهوري في مسائل السياسة الخارجية، اتهم ميت رومني نائب الرئيس جو بايدن بجهل الوقائع وطالب بردود واضحة. وانتقد الديمقراطيون سعي منافسيهم إلى استغلال هذه القضية لغايات سياسية.
وفي أوج الحملة الانتخابية، أعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أول من أمس أنها «تتحمل مسؤولية» عواقب الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، وهو الهجوم الذي بات في صلب عاصفة سياسية في الولايات المتحدة مع اقتراب موعد الانتخابات. وسعت كلينتون بصورة خاصة خلال مقابلتين أجرتهما معها شبكتا «سي إن إن» و«فوكس» الأميركيتان مساء أول من أمس من ليما عاصمة بيرو، إلى حماية الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن من هجمات الجمهوريين. وقالت كلينتون: «إنني أتحمل المسؤولية» عن تولي إدارة ملف هذا الهجوم الذي وقع في 11 سبتمبر (أيلول) وأسفر عن مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز. وأضافت: «إنني أتولى وزارة الخارجية التي (توظف) ستين ألف شخص في العالم بأسره يتوزعون على 275 مركزا» دبلوماسيا وقنصليا مؤكدة أن «الرئيس ونائب الرئيس لا يمكن بالتأكيد أن يكونا على علم بقرارات يتخذها اختصاصيو الأمن». وأكدت أنها تريد قبل أي شيء «تفادي ما يشبه الفخ السياسي».
وباتت «قضية بنغازي» تهز الساحة السياسية الأميركية مع اقتراب انتخابات الرئاسة. وينتقد الجمهوريون إدارة أوباما، آخذين عليها وجود ثغرات في المجال الأمني والاستخباراتي قبل تعرض القنصلية للهجوم ويتهمون خصومهم الديمقراطيين بالتأخر في الإقرار بأنه «اعتداء إرهابي» تقف القاعدة خلفه. وأصدر السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي كان مرشحا ضد أوباما في انتخابات 2008، بيانا وصف فيه موقف كلينتون بأنه «بادرة حميدة.. خصوصا عندما يحاول البيت الأبيض التهرب من أي شكل من أشكال المسؤولية». ووجه انتقاداته إلى الرئيس أوباما مذكرا بأن «أمن الأميركيين العاملين في الخارج هو في نهاية المطاف من مسؤولية القائد الأعلى للبلاد».
وبعد انتهاء المناظرة الثانية، سيستأنف كل من أوباما ورومني حملتهما الانتخابية حيث يزور أوباما اليوم الأربعاء ايوا (وسط) وأوهايو (شمال) وهما من الولايات الأساسية العشر التي يمكن أن تحسم نتائج الانتخابات ليل السادس من نوفمبر.