قرى مصرية تهدد بـ«عصيان مدني» احتجاجا على نقص الخدمات والبطالة

جهاز الإحصاء الرسمي: ربع عدد السكان فقراء

TT

بنبرة حماسية، انطلقت من على رصيف مجلس الوزراء المصري هتافات الشاب العشريني «ممدوح» قائلا إن «البطالة أهم قضية في العدالة الاجتماعية»، بينما ردد عشرات خلفه كلماته نفسها خلال وقفة احتجاجية أمام مقر الحكومة أول من أمس، اعتراضا منهم على سياسات رئيس البلاد محمد مرسي تجاه مشكلة البطالة والفقر.

ويقول الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في آخر تقرير له صدر أمس الثلاثاء، إن نسبة الفقراء في مصر ارتفعت إلى 25.2 في المائة من إجمالي السكان خلال العام الماضي.

هتافات شباب «حركة لكل العاطلين» استلهمت من شعار ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، فرغم الدلالات السياسية العميقة للشعار، فإنه يجسد في الوقت نفسه الواقع المأساوي الذي يعيشه عدد كبير من المصريين خاصة الفقراء الذين يعيش أغلبهم في قرى نائية لم تعرف لها الثورة طريقا حتى الآن.

ممدوح، الذي ينتمي لمحافظة المنوفية، ليس الوحيد الذي دفعته ظروفه للسفر للعاصمة للتعبير عن همومه، فأمام مجلس الوزراء والقصر الرئاسي ومصالح حكومية أخرى آلاف غيره قدموا للتظاهر بسبب مطالب فئوية ولتحسين أوضاعهم المعيشية. واتخذت قرى في بعض المحافظات طريقة جديدة في الاحتجاج من خلال إعلانها «تغيير التبعية الإدارية» لمحافظاتها.

وخلال الأسبوع الحالي أعلنت قرية «السرو» التابعة لمحافظة دمياط الواقعة على البحر المتوسط تغيير تبعيتها الإدارية للمحافظة بسبب ما وصفوه بـ«سوء أوضاعهم المعيشية»، وبعث أهالي القرية الذين يبلغ عددهم نحو 40 ألف نسمة برسالة إلى رئيس الوزراء هشام قنديل طالبوه بإعلان موافقته على نقل تبعية قريتهم إلى محافظة أخرى والعمل على حل مشكلاتهم، مهددين باتخاذ خطوات تصعيدية أخرى إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم خلال عشرة أيام.

وسبقت «السرو» في هذا النوع من الاحتجاج أيضا قرية «التحسين» بمحافظة الدقهلية شمال البلاد، التي أعلنت قبل 3 أسابيع تغيير تبعيتها الإدارية للأسباب نفسها، وكلها قرى تقع في ما يعرف بالوجه البحري.

ويقول جهاز التعبئة والإحصاء الرسمي إن نسبة الفقراء في عموم البلاد ارتفعت إلى 25.2 في المائة، وإن النسبة ارتفعت في ريف الوجه البحري إلى 17 في المائة، بينما وصلت في محافظات الوجه القبلي (جنوبا) إلى 51.4 في المائة.

وتأتي إحصاءات جهاز المحاسبات وسط تحذيرات حقوقية من اتساع نطاق عصيان القرى المصرية، حيث حذر تقرير حقوقي صدر الأسبوع الماضي من اتجاه قرى مصرية جديدة إلى «الانفصال الإداري»، حيث أشار التقرير الذي أعده المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن «حال قرية التحسين يختلف كثيرا ن حال باقي رى مصر الصعيد وادلتا». وأضاف التقرير: « نستغرب أن تحاول رى أخرى السير النهج نفسه بإعلان العصيان المدني أو الانفصال اداري، وذك لتسليط الأضواء حقوقها المنتهكة طوال السنوات الماضية، والتي تم تجاهلها ل منهجي واسع النطاق».

من جانبه، حذر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، الدكتور جمال زهران، من مخاطر انتشار الفكر الانعزالي في القرى، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النظم السياسية المتعاقبة أدارت شؤون الدولة بانحياز سافر للعاصمة والمدن الكبرى، وكذلك انحياز واضح للأغنياء على حساب الفقراء، فالريف والقرى تعاني منذ سنوات من تجاهل الدولة».