مخاوف من تعرض متحف معرة النعمان للدمار بسبب قصف النظام السوري

يضم أكبر مجموعة «موزاييك» في الشرق الأوسط

TT

تتعاظم المخاوف من احتمال تعرض متحف يضم أكبر مجموعة من الموزاييك في الشرق الأوسط وسط مدينة معرة النعمان شمال غربي سوريا لخطر الدمار أو السرقة، نتيجة الاشتباكات العنيفة التي تحصل في هذه المنطقة بين عناصر الجيش السوري الحر وقوات الجيش النظامي.

ويقول أحد الناشطين المقيمين في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتحف وجميع الآثار الموجودة في مدينة معرة النعمان هي في حماية الجيش السوري الحر، وتتولى عناصر تابعة له مسؤولية حمايتها»، ويضيف: «لكننا لا نستطيع حماية هذه الآثار التي تعبر عن تراثنا كسوريين من قصف النظام السوري وحقد طائراته التي ترمي القذائف بشكل عشوائي». ويكشف الناشط المعارض أن «الجيش الحر خاض معركة ضارية بهدف تحرير المتحف من قوات الأسد بعد رواج أنباء عن قيام أشخاص تابعين للنظام بسرقة الكثير من القطع الأثرية منه».

ويظهر شريط مصور على موقع «يوتيوب» قيام مدفعية تابعة للقوات النظامية باستهداف المتحف من جهة ما يسمى «حاجز البلدية» في المدينة. ويأتي متحف المعرة في طليعة المتاحف المتخصصة بالموزاييك على مستوى العالم، إذ تعرض فيه 1600 متر مربع من الموزاييك، وثمة 400 متر أخرى موجودة في المستودعات، فقد ضاق المتحف بمحتوياته وما يتم العثور عليه من قطع جديدة تبقى محفوظة محمية في أماكنها.

ويتكون المتحف من أربعة أجنحة يتميز كل منها بمجموعة من لوحات الموزاييك أو الفسيفساء. ويضم الجناح الأول لوحتي - فركيا - الجميلتين.. وفركيا هي إحدى القرى الأثرية في جبل الزاوية. تتحدث اللوحة الأولى عن الأخوين روميو وروميلوس وذئبة ترضع الطفلين، وهي حكاية معروفة في المصادر اللاتينية القديمة ويعود تاريخها إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وتتحدث عن تأسيس مدينة روما والصراع بين الأخوين روميو وروميلوس والشقيقين نيمتور وأميليوس واغتصاب العرش. ويعود تاريخ اللوحة إلى سنة 910 ميلادية. أما اللوحة المقابلة لها فتعود لأرضية غرفة في كنيسة مؤرخة سنة 510 وكتب عليها: «بلطت هذه الغرفة في عهد بولس سنة 510م»، وتتوسط اللوحة جرة كبيرة تخرج منها شجرة الكرمة.

أما الجناح الثاني فتعرض فيه لوحتان، الأولى لوحة أم حارتين وتتألف من حنيتين أرضية وفيها ثوران متناظران يفصل بينهما عمود عليه جرة كبيرة ويرمز العمود إلى عمود القديس سمعان العمودي وعليه كتابة بالسريانية، أما الحنية الأكبر فتمثل ثورين متناظرين يفصل بينهما شجرة الكرمة وثمة حيوانات وطيور وطائرا طاووس يرمزان إلى الخلود عند المسيحيين.

‏كما يحتوي المتحف على لوحة الهواة، وهي بديعة للغاية مؤرخة عام 567م، وترمز إلى القديس سيرجيوس. وتتحدث عن البعث والقيامة، ويتوسطها في الأعلى نسر يفرد جناحيه كرمز لذلك القديس. وثمة لوحة مشابهة لها موجودة في متحف إسطنبول وتحمل ذات المعنى، وهناك الفينيق، حيث يرمز رأسه إلى الشمس وموطنه الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية وقد عرف في المدونات الصينية والهندية ثم انتقل إلى اليونان وأصبح شعارا للدولة الرومانية، وكان قبل ذلك شعارا لدولة الآراميين ودولة تدمر. فهذا هو النسر السوري المجنح الذي يهاجر في رحلة دورية كل 500 عام، فيضع بيضته ليخرج من رمادها فينيق آخر يعود إلى الربع الخالي.

يذكر أن مدينة معرة النعمان، التي يقوم النظام السوري منذ أيام بقصفها بهدف إخضاع عناصر الجيش السوري الحر المتمركزين فيها، تقع جنوبي محافظة إدلب.. وتبعد عن مدينة حلب 84 كم وعن مدينة حماة 60 كيلومترا، تعلو عن سطح البحر 496 مترا.