العراق: القضاء الأعلى ينفي تدخل رئيسه في قضية الشبيبي

نائب محافظ البنك المركزي لـ«الشرق الأوسط»: ندفع ثمن الإفراط في الديمقراطية

TT

أكد نائب محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور مظهر محمد صالح، الذي ورد اسمه في قوائم إلقاء القبض الصادرة عن السلطة القضائية، أنه لا يخشى مواجهة القضاء، وأنه موجود في العراق لأنه رجل تكنوقراط ولا ينتمي إلى أي جهة.

واعتبر صالح، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل القصة التي حصلت في البنك المركزي وما يجري الحديث عنه من اتهامات تطال كبار المسؤولين في البنك بدءا من محافظ البنك الدكتور سنان الشبيبي ونائبه (مظهر محمد صالح) وآخرين، إنما هي أمور تتعلق بطبيعة النظام الاقتصادي في العراق والفلسفة التي يقوم عليها اليوم في حقبة ما بعد عام 2003 لجهة تحرير الاقتصاد بجرة قلم ومن دون تحديد الضوابط والآليات». وأضاف أن «ما يحصل في الواقع هو ثمن الإفراط في الديمقراطية التي حررت الاقتصاد العراقي الذي يفتقر إلى التنمية لأن مدخولات النفط العراقي على كثرتها لم تخلق تنمية بقدر ما خلقت سلطة مالية».

وأوضح أن «الاقتصاد العراقي الآن بعد أن تحول إلى اقتصاد السوق أصبح مندمجا في الاقتصاد العالمي في بلد لا يزال غير مندمج من حيث القوانين والآليات والإجراءات، بل وفلسفة الحكم». وأوضح أن «العراق الآن يصدر دولارا ويستورد سلعا، لأن إيرادات النفط لم تخلق حركة تنمية، وبالتالي فقد أصبح التنويع في السلع المالية بعد أن أصبحت لدينا رأسمالية نقدية وليس رأسمالية زراعية أو صناعية»، مشيرا إلى أن «80 في المائة من سوق العراق للأوراق المالية هي عبارة عن حركة مصارف وأموال فقط». وأكد أن «قانون البنك المركزي رفع كل القيود على التحويلات المالية، وبموجب ذلك ألغيت دائرة التحويل الخارجي التي كانت تدقق في عملية إخراج الأموال إلى الخارج».

وبشأن طبيعة الاتهامات الموجهة إلى إدارة البنك المركزي على صعيد مزاد العملة، قال نائب المحافظ إن «مزاد العملة يعني حرية التحويل الخارجي»، معترفا بأن «البنك المركزي ربما بالغ كثيرا في حرية التصرف»، نافيا في الوقت نفسه ما يشار عن عملية غسل أموال، قائلا إن «العملة التي تخرج من البنك تتم بشكل أصولي من حيث الإجراءات الشكلية على مستوى قوائم البيع والشراء والتصديق والفواتير، وهي أمور أكبر من إمكانيات البنك لمتابعتها، وبالتالي فإنها من حيث المبدأ أموال حلال وليست غسل أموال مثلما يشاع، ولكن يساء التصرف بها من قبل أثرياء المال الجدد، وهو أمر لا علاقة للبنك به، بل له علاقة بما يجب على السلطات العليا في البلد تحديده أو وضع قوانين له، ومنها مثلا العودة إلى مرحلة ما قبل 2003 من خلال الاقتصاد الموجه، أما في حال بقاء التحول إلى اقتصاد السوق فإن النظام المالي هو بالأساس ليبرالي ويصعب السيطرة عليه». ومضى صالح قائلا إن «النظام الاقتصادي في العراق عائم حتى من حيث الدستور، حيث إن الدستور لا يحدد شكل النظام بل يؤكد على دعم الدولة للاقتصاد، بينما الدستور الأميركي يشير صراحة إلى أن الاقتصاد الأميركي يعتمد نظام السوق الحرة».

وحول شبهات الفساد قال صالح إن «المسألة قد تتعلق بموظفين بالبنك متورطين مع مصارف وشركات، وهذه مسؤولية هيئة النزاهة لكي تدقق بها لمعرفة ما إذا كانت هناك فعلا قضايا فساد في عملية التحويل المالي».

وكان مجلس القضاء الأعلى نفى الأنباء التي تحدثت عن تدخل رئيسه مدحت المحمود في قضية محافظ البنك المركزي الذي أبعد من منصبه مؤخرا من قبل مجلس الوزراء. وقال بيان صدر عن مجلس القضاء الأعلى أمس إن «الأنباء التي تحدثت عن تدخل رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود في قضية محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي غير دقيقة»، مؤكدا أن «القضية معروضة حاليا أمام هيئة قضائية تابعة لمحكمة نزاهة الرصافة». وأضاف البيان أن «الهيئة تضم ثلاثة قضاة وكذلك عضو ادعاء عام»، مؤكدا أن «الهيئة ستبت في صحة الاتهامات الموجهة للشبيبي من عدمها».

من جهتها، أعلنت القائمة العراقية أن رئيس الوزراء نوري المالكي طلب من رئيس البرلمان أسامة النجيفي السماح بمحاكمة محافظ البنك المركزي المبعد من منصبه سنان الشبيبي وفق مادة قانونية تسمح بحبسه بمدة لا تزيد على سبع سنوات. وقال النائب عن القائمة نبيل حربو، في تصريح صحافي، إن «رئاسة مجلس النواب تسلمت كتابا بأمر ديواني من مجلس الوزراء يطالبها بإحالة محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي وعدد من الموظفين في البنك إلى القضاء وفق المادة 340»، مشيرا إلى أن «المادة تنص على حبس الموظفين بمدة لا تزيد على سبع سنوات». وأضاف حربو أن «الكتاب المفاجئ الذي أرسله مجلس الوزراء إلى مجلس النواب بهذه السرعة والقسوة بحق مسؤولي البنك المركزي يعتبر تدخلا في عمل السلطة التشريعية، فضلا عن تأثيرها على سياسة العراق الاقتصادية الخارجية المتمثلة بعلاقاته مع البنك الدولي ومؤسسات اقتصادية أخرى»، مؤكدا أن «السلطة التشريعية مسؤولة عن البنك المركزي وديوان الرقابة المالية».