قص شعر تلميذتين بالأقصر لعدم ارتدائهما الحجاب يثير مخاوف على الحريات

الُمدرسة اعترفت بفعلتها.. والأجهزة التنفيذية تتخذ الإجراءات القانونية ضدها

التلميذتان اللتان تم عقابهما بسبب عدم ارتداء الحجاب
TT

حالة من الخوف والقلق بدأت تفرض نفسها على أولياء الأمور بمختلف المحافظات المصرية، فور علمهم بقيام مدرسة منتقبة في مدينة الأقصر (جنوب مصر)، بقص شعر تلميذتين في المرحلة الابتدائية لعدم ارتدائهما الحجاب، وهو ما فرض حالة من السخط بين أولياء الأمور خوفا من فرض الحجاب على بناتهم ببقية المدارس كنوع من التغيير مع الفترة التي تعيشها البلاد في ظل نظام حكم «إسلامي».

وكانت مدرسة تدعى إيمان أحمد كيلاني، بمدرسة الحدادين المشتركة التابعة لإدارة القرنة التعليمية بغرب محافظة الأقصر، قد قامت بقص شعر تلميذتين بالمدرسة يوم الأربعاء الماضي لعدم ارتدائهما الحجاب مما دفع ولي أمر إحدى التلميذتين إلى التقدم بالشكوى للإدارة التعليمية والنيابة الإدارية ضد المدرسة لارتكابها هذا الفعل المشين بحق نجلته. وفي أول إجراء لمديرية التربية والتعليم بالأقصر قررت خصم شهر من راتب المدرسة مع عمل إخلاء فوري لها ولمدير المدرسة لعدم اتخاذه الإجراءات الواجبة تجاه المدرسة فور علمه بالأمر.

كما قرر زكريا عبد الفتاح، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالأقصر تحويل المدرسة المتهمة إلى الشؤون القانونية ثم إلى النيابة الإدارية، فيما أمر محافظ الأقصر بنقل المعلمة ومدير المدرسة إلى ديوان إدارة القرنة التعليمية وإحالتهما للتحقيق. وقال بريش خيري الراوي، ولي أمر الطالبة منى: «لن أتنازل عن حق نجلتي وسوف آخذ حق ابنتي بالقانون»، مشيرا إلى أنه «لن يتنازل عن حق ابنته التي تعرضت للإهانة أمام التلاميذ وتم التعدي على حريتها الشخصية».

وأشار الراوي إلى أن «المدارس لا بد أن تكون على قدر المسؤولية وتتعامل مع الطلاب بأسلوب السماحة والرحمة الذي أوصى به الإسلام الحنيف». أما ولي أمر التلميذة علا منصور قاسم فقد ارتضى والدها بالأمر الواقع ولم يتقدم بشكاوى أو بلاغات ضد المدرسة.

ومن جانبها، أكدت إيمان أحمد كيلاني، المدرسة المتهمة بقص شعر التلميذتين، بأنها قامت بقص شعر التلميذتين بمقدار بسيط وكان ردا لاعتبارها أمام الطلاب لعدم تنفيذ التلميذتين لأمرها بارتداء الحجاب وإصرارهما على عدم تنفيذ تعليماتها، مشيرة لعدم انتمائها لأي تيار أو فصيل سياسي، واتهمت الإعلام المصري بتكبير الموضوع والإساءة لمصر. وقد تحولت منازل الفتاتين والمدرسة إلى مزار من قبل المسؤولين والمنظمات الحقوقية التي استنكرت هذا الفعل المشين. وأبدى نصر القوصي منسق ائتلاف شباب الثورة بالأقصر، استياءه من تهميش قضية مدرسة الأقصر التي قامت بقص شعر طفلتين لمجرد وجودهما غير محجبات بالفصل، وانتهاء الأمر عند هذا الحد وذهاب كل مسؤولي الدولة إلى مكاتبهم مستمرين في أعمالهم وكأن شيئا لم يحدث. وأضاف القوصي: «خروج المدرسة من بيئة متعصبة أو شيء من هذا القبيل، فما فعلته المدرسة فعلته وهي موقنة تماما بأن ما سوف تقوم به سوف ينال إعجاب الجميع وتنال به رضا الله ومن بعده مشايخ الفضائيات والتيارات الدينية التي تدير مقاليد الأمور في الدولة الآن تلك التيارات التي لا تهتم بمشاكل المواطن الحقيقية فقد تهتم بمنح صكوك الغفران لهذا أو ذاك واتهام آخر بالكفر لمجرد معارضته لهم وكأن المولى عز وجل جعلهم أوصياء على البشر دون أن يشعروا بأن ما يزرعونه الآن سوف يولد حقدا وتعصبا أعمى في المستقبل».

وأشار القوصي إلى أن ما فعلته المدرسة نتيجة لحالة الهوس الديني الذي تعيشه الدولة الآن فمن وجهة نظر هذه المدرسة أن دورها ليس تربية وتنمية عقول هؤلاء الفتيات بقدر ما أن دورها الحقيقي هو تحويلهن إلى فتيات مؤمنات من خلال إجبارهن على لبس الحجاب هذا قمة الإيمان بالنسبة لها لأنها تؤمن بأن المظهر الخارجي للفتاة هو الإيمان الكامل وليس المهم أن تكون هذه الفتاة متعلمة تجيد القراءة أو الكتابة.

وفي ذات السياق، فقد أدان المجلس القومي للمرأة تصرف المدرسة إيمان أحمد كيلاني بقص شعر تلميذتين بالصف السادس الابتدائي بسبب عدم ارتدائهما الحجاب، مشيرا إلى أن هذا التصرف ضد القانون المصري وضد حقوق الإنسان ومنها حقوق الأطفال.

وطالب المجلس وزير التربية والتعليم بضرورة تنفيذ القانون في المدارس وعدم تركها لآراء وأهواء بعض الأفراد، واصفا هذا التصرف بأنه تعد سافر على ثوابت الدولة. وناشد المجلس بسرعة انتهاء التحقيق وتوقيع العقوبة المناسبة على المدرسة التي حاولت فرض آرائها بالقوة مبتعدة عن المبادئ والسلوكيات التربوية.