سياسيون وإعلاميون ومفكرون يناقشون في الرباط دور الإعلام العربي في أحداث «الربيع العربي»

حاولوا الإجابة عن سؤال «المهنية» في مقابل «الفتنة»

د. عبد العزيز بن عثمان التويجري يتوسط مصطفى الخلفي وزير الإعلام ومحمد أوجار مدير مركز «الشروق» (تصوير: منير أمحميدات)
TT

أجمع متدخلون خلال ندوة إقليمية بالرباط على أن الإعلام أثر كثيرا على التحولات التي شهدها ويشهدها العالم العربي. وعبروا عن اعتقادهم بأن وسائل الإعلام العربية لعبت أدوارا متفاوتة في تكريس قيم الديمقراطية والتعددية والحرية وحقوق الإنسان في العالم العربي. وهيمنت على الندوة رؤية الإعلام المرئي، في حين كان حضور الإعلام المكتوب باهتا.

نظم الندوة الإقليمية مركز «الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان» في المغرب بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، تحت عنوان «الإعلام العربي في زمن التحولات.. هل انتصر للمهنية أم أجج الفتن». وحاولت الندوة التي شارك فيها مفكرون وسياسيون وإعلاميون من عدة دول عربية، تقديم رؤى متباينة لمحاولة فهم تحولات المشهد السياسي العربي. واستهدفت الندوة مساءلة تجربة الإعلام العربي ومرافقة دوره خلال ما بات يعرف باسم «الربيع العربي» أو «التحول الديمقراطي». وتطرقت النقاشات أيضا إلى أمور أخرى لها علاقة بموضوع أخلاقيات المهنة، وممارسة الصحافة، والحيادية والمهنية، التي يفترض نقلها من شعار إلى سلوك يومي في ممارسة المهنة.

وعبر المشاركون عن اعتقادهم بأن وسائل الإعلام العربية كان لها تأثير كبير في أكثر من دولة عربية، على صناعة القرار والاستقرار والتنمية.

وقال محمد أوجار، رئيس مركز «الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان» والوزير السابق لحقوق الإنسان، إن التحولات التي شهدها العالم العربي كانت متعددة وتمت وفق مسارات متباينة، مؤكدا أنها أفرزت الحاجة إلى فتح نقاشات واسعة حول حجم تلك التحولات وموقع الإسلام السياسي فيها، وكذا حول مدى مواكبة الإعلام المرئي والمسموع لها.

من جانبه، قال عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن الإعلام العربي «حقق إنجازات مهمة في بنيته التكنولوجية، خاصة ما يتعلق بتوظيف التقنيات الرقمية في الإنتاج والتوزيع والنشر الإعلامي»، وأشار إلى أن حكومات عدد من الدول العربية أبانت عن إرادة وعزم لبناء مجتمع المعلومات والمعرفة من خلال تطوير هذين القطاعين، حيث شهد العالم العربي حركة إيجابية في ما يخص استعمال تقنيات المعلومات والاتصال لأغراض تنموية، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال.

وفي سياق متصل، اعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن الندوة تطرح سؤالا شائكا «لا يمكن الجواب عليه بصيغة الأسود أو الأبيض». وفي رأي الخلفي، فإن الإعلام الراصد لتحولات بلدان المنطقة ينقسم إلى قسمين: «إعلام عربي» و«إعلام قنوات أوروبية ناطقة بالعربية»، وأبرز وجود ثلاث مراحل رتبها كالتالي «إعلام مقاوم للتحولات، ثم إعلام فاعل في التحولات، وإعلام فاعل مقاوم للتحولات»، مؤكدا أن الرهان الوحيد اليوم لـ«النهوض بالإعلام هو التنظيم الذاتي»، وقال إنه على الدول تشجيع ومواكبة هذا التنظيم قانونيا ومؤسساتيا بشكل يتيح التطور الذاتي والموضوعي.

من جانبه، اعتبر مصطفى سواق، المدير العام لقناة «الجزيرة» القطرية، أن سؤال الندوة مستفز، وقال إن الإعلام هو نقل للمعلومة والأحداث من جهة إلى جهة، وفضاء لطرح «الرأي والرأي الآخر الذي ترفعه قناة (الجزيرة) شعارا لها»، مؤكدا أن الإعلام هو مجرد ناقل لما يجري على الأرض ولا يجب تحميله مسؤولية ما يقع على هذه الأرض. واعتبر السواق أن الحرية في الإعلام تعني ألا يجد كل صحافي عندما يحاول تغطية حدث شرطيا يعترضه، ثم توفر الموارد المالية بشرط ألا تفرض على القنوات والإذاعات والصحف أجندات الممولين.

وفي السياق نفسه، قال الخليل ولد أجدود، ممثل قناة «العربية»، إن استراتيجية القناة كانت وما زالت نقل أكبر قدر من الأخبار دون أن تتحول الشاشة إلى مجال للخطب السياسية بدل نقل المعلومات ودون الاصطفاف سياسيا وراء أي طرف. وأكد ولد أجدود أن هذه الاستراتيجية تبنتها القناة خلال الثورات العربية، والمتمثلة في تقديم المعلومات للمشاهد حول ما يقع من أحداث، بكامل المهنية والموضوعية والحياد، على حد قوله.

يشار إلى أن أعمال الندوة دامت ثلاثة أيام، وعرفت حضورا لافتا لمجموعة من الوزراء والسياسيين المغاربة، إضافة إلى نخبة من المفكرين والإعلاميين والحقوقيين والجامعيين وفعاليات من المجتمع المدني من مختلف الدول العربية.