حقوقيون: 28 ألف حالة إخفاء قسري في سوريا

باحث في «آفاز» لـ«الشرق الأوسط»: لم نتوقع هذا العدد وسنرفع الملف إلى مجلس حقوق الإنسان

TT

أعلنت منظمة آفاز الحقوقية أن «ما بين 28 ألفا و80 ألف سوري تعرضوا للإخفاء القسري على يد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد خلال الأشهر التسعة عشر الماضية، بناء على تقديرات مجموعات حقوقية تعمل داخل سوريا». وقالت مديرة حملات «آفاز»، آليس جاي، في بيان صادر عن المنظمة أمس، إن «قوى الأمن والميليشيات المسلحة السورية تقوم باختطاف المواطنين من الشوارع وإخفائهم في زنزانات التعذيب»، معتبرة أنه «ما من أحد آمن، سواء كانت امرأة تشتري البقالة أم فلاحا يشتري الوقود».

وأوضحت جاي أن «هذه هي سياسة النظام المعتمدة لترهيب العائلات والمجتمعات»، وأشارت إلى أن «حالة الذعر الكامنة في عدم معرفة ما إذا كان زوجك أو ابنك حيا، تولد خوفا يسكت المعارضين»، داعية إلى «التحقيق في مصير كل من هؤلاء الأشخاص ومعاقبة الجناة».

وتنقل منظمة آفاز في تقريرها عن فاضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إحصاء الشبكة «إخفاء 28 ألف شخص على الأقل، وثقت أسماء 18 ألفا منهم»، كما لفت إلى «توافر معلومات حول 10 آلاف حالة إضافية، لكن من دون أسماء، حيث إن العائلات كانت خائفة من مشاركتها».

من ناحيته، أبلغ مهند الحسني، رئيس المنظمة الحقوقية السورية (سواسية)، منظمة آفاز أنه «حسب المعلومات الواردة إلينا من مختلف المناطق في سوريا، فإننا نعتقد أن عدد المخفين قسرا قد يصل إلى 80 ألف شخص»، موضحا أن «عمليات الاختطاف تتم في الليل، في الشوارع الخالية من الحركة».

أما الناشط الحقوقي في محافظة الحسكة محمد خليل، فيجزم للمنظمة بأن «عدد المخفين قسرا في سوريا هو بالآلاف»، موضحا أن «النظام يقوم بذلك لسببين: الأول هو من أجل التخلص من الناشطين والثوار على الأرض مباشرة، والثاني هو من أجل إخافة المجتمعات في المناطق التي تشهد حراكا ثوريا كي لا تقوم بمعارضة النظام».

وقال أحد الباحثين في «آفاز» لـ«الشرق الأوسط» إن المنظمة «سترفع التقرير والأسماء الموثقة والشهادات إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المفوض التحقيق في قضايا مماثلة، في موازاة إطلاقها حملة حقوقية وإعلامية تطالب بالكشف عن مصير المخفين السوريين قسرا الذين يبدو أن عددهم يتجاوز التقديرات كافة». وأوضح أنه «عندما قررنا العمل على هذا التقرير قبل 6 أشهر، توقعنا ألا يتخطى عدد المخفين الآلاف، وإذ به يتجاوز عشرات الآلاف»، مشيرا إلى «إننا واجهنا صعوبة كبرى في توثيق الأسماء نظرا للعدد المرتفع، وقد تم توثيق 18 ألف اسم».

وفي شهادات تضمنها التقرير، تقول ميس، التي اختفى زوجها أنس قسرا في تلكلخ في شهر فبراير (شباط) الماضي: «الأطفال بحاجة لوجود الأب في حياتهم. لقد كان من الصعب جدا أن يتأقلموا مع الوضع، لقد مررت بأوقات عصيبة وأنا أحاول تبرير غيابه. يسألونني دائما: (أين والدنا؟ من أخذه؟).. وأنا لا أعرف كيف أرد. علي أن أكذب عليهم وأقول إنه ذهب للعمل، وإنه بخير».

ويروي هشام عبد الله لـ«آفاز» ظروف اختفاء شقيقه بعدما اعتقله حاجز عسكري في منطقة وادي الضيف شرق مدينة معرة النعمان، أثناء نقله الوقود لأهالي بلدته في فبراير الماضي، ويقول: «من وقتها ونحن لا نعرف شيئا عنه، سوى ما يأتينا من المعتقلين الخارجين حديثا من السجن، وآخر ما عرفناه من أحد المعتقلين المطلق سراحه، كان قبل ثلاثة أشهر، حيث قال لنا إنه موجود في سجن المزة، ووصف لنا حالته بأنه ضعيف جسديا وقد فقد الكثير من وزنه، وحتى الآن لا نعلم أي فرع أمن يحتجزه. ونحن لم نتجرأ على الذهاب والسؤال عنه، خوفا من أن يتم اعتقالنا أيضا».

شقيقة أنس الشغري، أحد الناشطين إعلاميا في مدينة بانياس، الذي اختفى في 14 مايو (أيار) 2011، تقول لـ«آفاز»: «منذ ذلك اليوم، لم نسمع عن أخي أي شيء سوى بعض المعلومات من قبيل أنه في فرع 291 أمن الدولة دمشق، عرفنا ذلك من أحد المعتقلين المفرج عنهم حديثا، وأخبرنا أن أنس في المنفردة ويتعرض للتعذيب الشديد، الأمر الذي جعلني في حالة من الخوف والرعب على أخي، إلى درجة أني أبكي كل يوم لمجرد تخيل ما يمكن أن يكون قد حصل له». وتضيف: «في كل مرة كنا نسأل عن أنس، كان الجواب نفي وجوده لدى أي فرع أمن، كما قمنا بتوكيل محام لهذا الموضوع دون جدوى».