نقابة الصحافيين ترفض عزل رئيس تحرير صحيفة قومية أثار استياء الجيش

الرئاسة تنفي صلتها بالأزمة.. وعبد الرحيم: نظام مبارك لم يفعل ذلك

TT

شدد مجلس نقابة الصحافيين في مصر على رفضه القاطع لقرار رئيس مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) بعزل رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» (المملوكة للدولة) من منصبه، بعد نشره خبرا عن منع رئيس المجلس العسكري السابق المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان من السفر على خلفية التحقيق معهما في بلاغات قدمت ضدهما، وهو ما أثار غضب قادة الجيش المصري، الذي عبر عن استيائه من نشر ما اعتبره أخبارا «غير حقيقية» عن قادته السابقين.

وبينما نفت مؤسسة الرئاسة المصرية صلتها بالأزمة قائلة: «إنها ليست معنية بقرار إيقاف رئيس تحرير الصحيفة.. وإنها مسألة قانونية»، وصف جمال عبد الرحيم رئيس تحرير الصحيفة القرار بأنه «سابقة خطيرة.. وأن النظام السابق بكل ديكتاتوريته لم يستطع أن يرتكب هذا الجرم في حق الصحافة».

وكان مجلس الشورى المصري قد قرر الأربعاء الماضي توقيف رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية»، بعد نشرها خبرا في صدر صفحتها الأولى عن قرب صدور قرار بمنع سفر المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان، وجاء قرار الشورى، الذي تسيطر عليه أغلبية من حزب جماعة الإخوان المسلمين، في أعقاب تعبير القوات المسلحة عن استيائها من الخبر.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المصرية نقلا عن مصدر عسكري «مسؤول» أن «القوات المسلحة قادة وضباطا وضباط صف وجنودا عبروا عن استيائهم الشديد تجاه ما نشرته إحدى الجرائد اليومية الأربعاء ويتضمن إساءة بالغة لقادة ورموز القوات المسلحة».

ويتولى رئيس مجلس الشورى في مصر منصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة، ويقوم المجلس بتعيين رؤساء الصحف والمجلات المملوكة للدولة.

وأصدر مجلس نقابة الصحافيين بيانا مساء أول من أمس قال فيه إن «القرار يعتبر سابقة خطيرة تنتهك قانونية النقابة والقوانين المنظمة للعمل الصحافي في مصر»، وأعلن المجلس عقب اجتماع طارئ له تضامنه مع جمال عبد الرحيم ومساندته، داعيا جميع أعضاء الجمعية العمومية للاحتشاد في وقفة احتجاجية في الثانية عشرة ظهر غد (الأحد) أمام مجلس الشورى للمطالبة بإلغاء القرار، الذي وصفه المجلس بـ«فاقد المشروعية».

ونوهت النقابة إلى أنها الجهة الوحيدة المخولة بالتحقيق مع أعضائها طبقا لنص المادة 34 من قانون الصحافة.

وقرر مجلس نقابة الصحافيين إقامة دعوى قضائية ضد رئيس مجلس الشورى لإلغاء القرار، وأشار المجلس إلى أن النقابة ستلجأ لاتخاذ جميع الوسائل الاحتجاجية والتصعيدية المشروعة لاتخاذ موقف واضح إزاء الانتهاكات المستمرة والعدوان شبه اليومي الذي تتعرض له الصحافة وسائر وسائل الإعلام.

من جهته، قال الدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئاسة ليست معنية بقرار إيقاف عبد الرحيم من منصبه، وإن مسألة قانونية القرار من عدمه يسأل عنها مجلس الشورى لأنه من اتخذ القرار، مؤكدا أن مؤسسة الرئاسة فقط أرسلت لجريدة «الجمهورية» نفيا لخبر منع المشير طنطاوي والفريق عنان من السفر، بينما مجلس الشورى هو من اتخذ قرار وقف رئيس التحرير، ولا شأن للرئاسة فيما إذا كان القرار قانونيا من عدمه.

بدوره، قال جمال عبد الرحيم، الذي عُين من مجلس الشورى ذاته قبل نحو شهرين كرئيس تحرير للصحيفة، إن القرار سابقة خطيرة في الحياة الصحافية في مصر، وتابع عبد الرحيم في اتصال مع لـ«الشرق الأوسط»: «نظام مبارك السابق بكل ديكتاتوريته لم يستطع أن يتخذ مثل هذا القرار أو أن يرتكب هذا الجرم في حق الصحافة».

وأضاف عبد الرحيم، الذي أزيل اسمه من على صفحة الجمهورية الأولى أمس: «الغريب أن يحدث هذا الأمر بعد الثورة التي طالب فيها المصريون بإقرار الحقوق والحريات»، موضحا أن «القرار يخالف القانون رقم 96 لسنة 1996 والذي ينظم العمل الصحافي في مصر والذي حدد الإجراءات المتبعة بنشر تكذيب عن الخبر أو مقاضاة الصحيفة ولم ينص على قرارات بالعزل أو الإيقاف في مثل هذه الحالات»، وأنهى عبد الرحيم حديثه قائلا: «للأسف مجلس الشورى الذي يسن القوانين لا يحترم هذه القوانين».

وكانت جهات التحقيق في مصر قد بدأت التحقيق في منتصف الشهر الجاري في بلاغات متعددة تتضمن اتهامات لطنطاوي، رئيس المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد بعد تنحي الرئيس المصري السابق، وظل على رأس السلطة حتى الأول من يوليو (تموز) الماضي، ونائبه سامي عنان حول الاشتراك في قتل المتظاهرين في عدد من الأحداث التي وقعت أعقاب ثورة 25 يناير.