بعد الغنوشي.. فيديو مسرب لحوار خاص بين الجبالي والسبسي يحرج الاثنين

الجبالي قال إن «النهضة» أخطأت في حق السعودية والسبسي تحدث عن الذهاب للكويت للاعتذار والحديث شمل سخرية من سياسيين تونسيين

الجبالي والسبسي في إحدى المناسبات
TT

أظهر فيديو مسرب على شبكة الإنترنت أمس حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية الحالية، والباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة السابقة، وهما يتبادلان تقييم الأوضاع السياسية، ويظهر الباجي قائد السبسي وهو يقدم حصيلة الفترة التي قاد فيها الوزارة الأولى بعد الثورة وينتقد بكلام لاذع وجوها سياسية في تلك الفترة، ويقدم تفسيرات حول زيارته إلى قطر والإمارات ويقول، إن بعض الدول العربية لم ترق لها الثورة التونسية. وقد وضع هذا الفيديو الرجلين في موقف سياسي محرج بعد فترة قليلة من تسريب فيديو اجتمع خلاله راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية مع السلفيين ويقول، إن العلمانيين يسيطرون على كل مفاصل الدولة بما في ذلك الاقتصاد والجيش والإعلام.

وقد سارع الباجي قائد السبسي إلى طلب الاعتذار عما صدر وأفاد خلال الندوة الصحافية التي عقدها صباح أمس في تونس بأنه لم يكن على علم مسبق بالتسجيل الصوتي الذي جمع بينه وبين حمادي الجبالي، رئيس الحكومة المؤقتة، واصفا إياه في نفس الوقت بالعمل اللاأخلاقي.

وقال السبسي: «أتحمل مسؤولية ما ورد في التسجيل، وأعتذر إلى كل الأطراف التي ورد ذكرها في الفيديو المسرب خلال عملية نقل السلطة». وقال إنه وجه استجوابا إلى مدير القناة التي سجلت الحوار للوقوف حول عملية التسريب. وأضاف السبسي أن من سجل الحوار قال إن الكومبيوتر المتضمن لكامل عملية تسليم السلطة قد سرق منه وهو ما يجعل عملية تسريب الحوار على شبكة الإنترنت مجهولة المصدر.

وأصدرت رئاسة حكومة حمادي الجبالي بيانا قالت فيه، إن «الفيديو سجل خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو يكشف عن تبادل معلومات حول ملفات مهمة وحساسة تتعلق بالشأن العام». ونددت الحكومة في المقابل بعمليتي التسجيل والتسريب لمضمون تلك الجلسة، وقالت إن العملية لا أخلاقية ومخالفة للقانون والأعراف. وأضافت الحكومة أنها ستأذن بتحقيق سريع وشامل حول ملابسات تلك الجلسة. وقالت إن اللجوء إلى مثل هذه الوسائل غير الأخلاقية وغير المشروعة في العمل السياسي والحزبي قد يكون له عواقب وخيمة وعلى كل الأطراف أن تقدر الانعكاسات الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن مثل تلك الممارسات على الأوضاع العامة للبلاد قبل فترة وجيزة من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ستكون حاسمة لمستقبل تونس السياسي.

وانتقد رياض الشعيبي، رئيس لجنة إعداد المؤتمر التاسع لحركة النهضة وعضو المكتب السياسي، عمليات التسريب المتتالية لجلسات وحوارات أجراها السياسيون، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنها توحي بعودة قوية إلى الأساليب البالية في متابعة الأشخاص ومحاولة تشويه أقوالهم والتأثير على الرأي العام التونسي والعالم، واعتبر أن تلك الأساليب هي من مخلفات «الجوسسة» الموروثة عن النظام السابق، على حد قوله. وتساءل عمن له منفعة من مثل هذه التسريبات التي قد تكون مضارها كبيرة على مختلف الأطراف السياسية.

وقال حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الحالية، في الفيديو المسرب إنه لا يعرف هذا المكان جيدا، ويقصد بذلك قصر الحكومة بالقصبة. وعرج الباجي قائد السبسي على ذكر مجموعة من الشخصيات السياسية، سواء تلك التي عملت معه في الحكومة أو تلك التي قابلته أثناء ترؤسه لها، ووصف السبسي فرحات الراجحي، وزير الداخلية السابق بتهكم واستهزاء، وقال إنها «كارثة، سرقوا له معطفه وضربوه في مكتبه»، وقال الجبالي ضاحكا إنه عندما رأى الراجحي اقتنع أنه لن يوفق في إدارة شؤون وزارة الداخلية. وقال السبسي، إن الراجحي محاط بمجموعات من حزب العمال الشيوعي التونسي بقيادة حمة الهمامي. وشبه سهام بن سدرين الناشطة السياسية المعروفة بـ«المرض والعياذ بالله»، وقاطعه الجبالي وذكره باسم راضية النصراوي رئيسة جمعية مناهضة التعذيب في تونس وزوجة حمة الهمامي، فقال الباجي قائد السبسي إنها تتدخل في شؤون الدولة وتؤجج الاحتجاجات وتدعو لها، وقال إنها زارته في مكتبه بالوزارة الأولى وخرجت مسرعة وهي تبكي بعد طردها، على حد ما تضمنه الحوار المسجل بين الشخصيتين القياديتين. وأبدى الجبالي دهشته من الموضوع وانخرط الطرفان في القهقهات وحذر السبسي خلفه من تلك الأسماء.

وبشأن ملف السلفيين الذي بدأ يطفو على الساحة، قال السبسي بصريح العبارة إن السلفيين محسوبون على حركة النهضة أحبت أم كرهت، وتوقع السبسي توترا أمنيا بعد محاكمة قناة «نسمة» التلفزيونية الخاصة بعد عرضها فيلم «برسيبوليس» المجسد للذات الإلهية، وأبدى الباجي استغرابه من المحاكمة لفيلم مرخص، واعترف بالتقصير الأمني في حماية نبيل القروي صاحب قناة «نسمة» بعد هجوم سلفيين على منزله. ورد الجبالي أن القروي مسنود من الداخل والخارج، لكن السبسي أوضح أنه مسنود من الداخل أكثر.

وأظهر الشريط حمادي الجبالي وهو يستشير السبسي حول دعوة أمير قطر لزيارة تونس ولم يمانع السبسي، فرد الجبالي قائلا «يريدون إحراجنا لكي تصبح قطر تهمة لإيقاف الدعم والإعانات». وقال حول إمكانية تدخل قطر في الشؤون التونسية، إن «فرنسا لم تقدر علينا، فما بالك بقطر؟!»، وتحدث الباجي السبسي عن زيارته إلى الإمارات وقطر وقال إنهما أول من اعترفتا بالثورة التونسية، وأشار إلى أن بقية الدول العربية «لم ترق لهم الثورة التونسية»، وقال الجبالي إنه توجه إلى دولة الكويت للاعتذار، وقال إن بن علي الرئيس التونسي السابق تلقى أموالا طائلة لتوتير العلاقات مع الكويت.

وقال الجبالي إن حركة النهضة أخطأت بحق السعودية وحتى الدولة و«النهضة» معا أخطآ في حق السعودية، وفي الوقت نفسه أعلمه السبسي أنه لم يكن هناك ترحيب في السعودية بإعادة الرئيس التونسي السابق بن علي إلى تونس، كما لا توجد نية فعلية لطلب تسليم بن علي، وطلب الجبالي من الباجي أن يرشده إلى الطريقة المثلى لإرجاع الرئيس السابق بن علي من السعودية.

ودار الحديث حول تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا في نظام القذافي، وقال الجبالي إن الرئيس المنصف المرزوقي ليس له الحق في تسليم البغدادي، وقال السبسي إن «البغدادي كان مع القذافي وهو ضدنا، لذا يجب علينا تقديم المصلحة، ونحن تربطنا مصالح مع ليبيا». واستغرب حمادي الجبالي عمليات طرد بعض الخليجيين لاصطياد الطيور النادرة في الجنوب التونسي، وقال إن مجموعة أثرت على المنصف المرزوقي ليتخذ قرارا ضد عمليات الصيد، لينتهي الحوار الذي دار نحو 45 دقيقة عند هذا الحد.