دحضت الحكومة المغربية أن تكون منحوتات صخرية في قرية «تغدوين» في إقليم الحوز جنوب المغرب قد تعرضت للتحطيم من طرف مجموعة سلفية. وتصور هذه المنحوتات التي يعود تاريخها إلى 8000 سنة خلت، الشمس باعتبارها من المقدسات.
وقال مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام) والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية «الأخبار التي نشرتها وسائل إعلام أجنبية (وكالات أنباء) حول تعرض منحوتات صخرية تعود إلى حقب ما قبل التاريخ للتدمير في منطقة الأطلس الكبير من طرف سلفيين، هي مجرد ادعاءات كاذبة وعارية من الصحة». وكان الخلفي يتحدث لمجموعة من المراسلين رافقوه على متن طائرتين مروحيتين عسكريتين من الرباط إلى منطقة قريبة من جبل توبقال (جنوب مراكش) حيث توجد المنحوتات الصخرية. وشاهد الصحافيون المنطقة التي توجد بها المنحوتات، وتبين أنها لم تتعرض لأي تحطيم أو تخريب.
وتوجد هذه المنحوتات الصخرية في هضبة «ياغور» التي تقع على ارتفاع 2800 متر عن سطح البحر، قرب جبال توبقال التي تعتبر من أعلى القمم الجبلية في القارة الأفريقية.
وقال الخلفي وهو من وزراء حزب العدالة والتنمية، للصحافيين إن هذه الزيارة الميدانية تعد بمثابة رد على أخبار زائفة، مؤكدا ضرورة التعامل مع مثل هذه الأخبار بمهنية «لأنها تؤثر على صورة المغرب، وعلى الاستثناء المغربي المتميز على المستوى الثقافي بصيانته للتعددية ولتراثه» على حد قوله. وخاطب الخلفي الصحافيين قائلا «أنتم تلاحظون الآن (الليلة قبل الماضية) بشكل واضح أن المنحوتات الصخرية التي تعود لفترة ما قبل التاريخ، والموجودة في هذا الموقع، لم يقع تدميرها والمس بها كما تم الترويج لذلك». واطلع الصحافيون الذين رافقوا المسؤول المغربي على عدد من النقوش الصخرية كتبت باللغة الأمازيغية، ويصل عددها لأزيد من 15 منحوتة صخرية من بينها منحوتة كبيرة ترمز للشمس.
وقال الخلفي إن المنحوتات التي تعد من المآثر المهمة في المغرب، تتم حمايتها من طرف سكان المنطقة الذين يعيشون في ثلاث قرى متجاورة، حيث يعمل بعض سكانها في مجال الرعي. وأشار إلى أن المنحوتات تعتبر تراثا وطنيا ثقافيا يعكس العمق التاريخي للمغرب وتجذر ثقافته، ودعا إلى تضافر جهود الجميع لصيانته والحفاظ عليها.
وكانت كل من «رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية» بثتا قصاصات أول من أمس تقول «إن سلفيين قاموا بتفجيرات دمرت مآثر تاريخية في منطقة الأطلس الكبير»، استنادا إلى مصادر من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (هيئة شبه رسمية)، واستندت هذه المصادر بدورها إلى نشطاء أمازيغيين في المنطقة.
ويتوفر المغرب على نقوش صخرية منتشرة عبر مختلف جهاته خاصة منطقة الأطلس الكبير مثل «أوكيمدن» و«الياغور» و«جبل رات»، وفي المناطق شبه الصحراوية مثل «فكيك» و«الراشيدية» و«ورزازات» و«طاطا» و«زاكورة»، وتمتد هذه المناطق في غالب الأحيان فوق مساحات شاسعة، وهي مكون أساسي من مكونات التاريخ الأثري في المغرب الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
وقال مصطفى نامي، وهو باحث في الآثار ورئيس مصلحة التراث غير المادي بمديرية التراث الثقافي في وزارة الثقافة المغربية، إن المنقوشات الصخرية في هذه المنطقة لم يطرأ عليها أي تغيير. وأضاف نامي، الذي رافق المراسلين، أن هناك عدة إجراءات تقوم بها الوزارة لصيانة المنحوتات الصخرية، حيث تم أخيرا إنشاء إدارات منفصلة للمواقع الأثرية في المغرب، على أن تستمر هذه العملية لتشمل مستقبلا جميع المناطق التي توجد بها مآثر.
من جهته، قال الأمين العام للجمعية المغربية للفن الصخري محفوظ إسمهري والباحث في التراث القديم بشمال أفريقيا والذي رافق بدوره الصحافيين «يمكن التأكيد بشكل علمي بأن اللوحة الكبرى المنقوشة التي ترمز لشكل الشمس، والتي قيل بأنها دمرت، لم يقع لها ولجميع النقوش أي شيء وهي ما زالت كما كانت عليه في السابق». وناشد إسمهري السلطات المحلية بالمنطقة ووزارة الثقافة وجمعيات المجتمع المدني للتعاون من أجل حماية موقع «ياوغور» الفريد من نوعه في منطقة جنوب غربي البحر الأبيض المتوسط.