عندما تمتزج السخرية بالجدية في عشاء خيري يجمع أوباما ورومني

هدنة قصيرة يسخر فيها الرئيس من «غفوة» مناظرته والمرشح الملياردير من ثروته

أوباما ورومني خلال حضورهما حفل العشاء في نيويورك الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

لزم المرشحان للانتخابات الرئاسية الأميركية هدنة قصيرة في الحملة الانتخابية الضارية الجارية بينهما، بمناسبة عشاء خيري تقليدي فاخر الليلة قبل الماضية، فسخر الرئيس الأميركي باراك أوباما من «غفوته» خلال المناظرة الأولى، بينما هزأ ميت رومني من سجل الرئيس لإيجاد وظائف.

وفي عشاء «آل سميث ميموريال دينر» الذي يقام سنويا في نيويورك بدا الرئيس الأميركي والمرشح الجمهوري وكأنهما زميلان ولو أن جو المرح بالكاد أخفى المنافسة الشديدة بينهما قبل 18 يوما فقط على موعد الاستحقاق الرئاسي. جلس المرشحان في زي السهرة الرسمي على طاولة الشرف يفصل بينهما رئيس أساقفة نيويورك للكاثوليك الكاردينال تيموثي دولان، بعد يومين فقط على مناظرة تلفزيونية حادة بينهما.

استهل رومني كلامه بالسخرية من ثروته عندما قال إنه من الجيد أنه يرتدي مع زوجته آن التي كانت لافتة في فستان باللونين الأبيض والأسود، ثيابا للمنزل. وتابع رومني الذي كان كلامه أكثر حدة قليلا من تعليقات أوباما أن الرئيس، المنتهية ولايته، لديه شعار جديد بعد صدور بيانات إيجابية حول الوظائف هذا الشهر، قائلا «أنتم أفضل حالا الآن مما كنتم عليه قبل أربعة أسابيع». وأضاف أن ولاية الرئيس باتت في أشهرها الأخيرة وأن أوباما الذي يعتبره بعض المحافظين اشتراكيا، ينظر حوله إلى الحضور من الأثرياء وهو يقول لنفسه «لم يعد لدي سوى القليل من الوقت لإعادة توزيع كل هذه الأموال». كما هزأ رومني من وسائل الإعلام التي يرى عدد كبير من الجمهوريين أنها منحازة إلى أوباما. وقال رومني: «دوري أن أحدد أفقا إيجابيا لمستقبل البلاد ودورها أن تعمل كل ما بوسعها حتى لا يعلم به أحد».

وتصافح كل من أوباما ورومني مبتسمين في وقت سابق أمام الحشد في فندق «والدورف أستوريا»، إلا أن التنافس الشديد بينهما مع دنو الانتخابات كان لا يزال ملموسا. أما أوباما فبدأ بانتقاد ذاتي عندما أشار إلى أنه أظهر حماسة أكبر في المناظرة الثانية الثلاثاء الماضي مقارنة بأدائه الكارثي قبل ذلك بأسبوعين. وضحك أوباما قائلا: «لقد نلت قسطا وافرا من الراحة بعد الغفوة الطويلة الممتعة في المناظرة الأولى»، قبل أن ينتقل للسخرية من ثروة الملياردير الجمهوري الذي بدأ مسيرته كمستثمر. وقال: «لقد ذهبت للتسوق في بعض متاجر وسط المدينة بينما الحاكم رومني ذهب لشراء بعض متاجر وسط المدينة».

كما لم يوفر الرئيس بابتسامته العريضة المعروفة رومني، إذ استعرض مجددا جولته في الخارج التي زخرت بالهفوات، وقال إن البعض اعتبره من المشاهير في عام 2008 لكثرة ما هو معروف في الخارج. وتابع أوباما «أنا معجب بقدرة الحاكم رومني على تفادي هذه المشكلة». وأشار إلى أن معدل البطالة البالغ 7.8 في المائة هو في أدنى مستوى خلال ولايته الرئاسية قبل أن يضيف أنه «لا نكتة لدي هنا، بل ظننت أنه من المفيد أن أذكر الجميع».

لكن، وكما هي العادة خلال العشاء الذي يقام تكريما لذكرى سميث الحاكم السابق لنيويورك والكاثوليكي الأول الذي يترشح للرئاسة في عام 1928، تبادل أوباما ورومني الثناء حول دور كل منهما كرب أسرة ناجح. وقبل النكات، جلس أوباما أمام جون ستيوارت مقدم برنامج «ذي دايلي شو» الساخر، ونفى أن تكون إدارته ردت «بشكل ملتبس» على الاعتداء على السفارة الأميركية في بنغازي. وقال أوباما الذي نفى اتهامات الجمهوريين بأنه يحاول تغطية المسألة، إنه أبلغ الشعب الأميركي بالاعتداء فور علمه به وتعهد بإصلاح أي ثغرات أمنية كشفها الهجوم.

كما سأل ستيوارت أوباما حول مشاكل التواصل داخل إدارته إثر الاعتداء وحول مسائل أمنية، مشيرا إلى أن رد الولايات المتحدة على الهجوم لم يكن «الأمثل». ورد أوباما قائلا «عندما يقتل أربعة أميركيين، فهذا ليس الأمثل. سنصلح كل هذه الأمور»، في إشارة إلى ثغرات أمنية مفترضة حول الطاقم الدبلوماسي الأميركي لدى ليبيا.

وسبق أن اعتبر بعض الجمهوريين أن استخدام الرئيس لتعبير «الأمثل» دليل على عدم الجدية التي تعامل بها مع الأزمة. إلا أن أداء أوباما خلال المناظرة الثانية في لونغ إيلاند الثلاثاء استعاد ثقة الناخبين الذين أصيبوا بالهلع بعد المناظرة الأولى. ورغم ذلك أظهر استطلاع المتابعة اليومية على المستوى الوطني لمعهد «غالوب» أول من أمس، تراجعا بسبع نقاط لأوباما وراء رومني مما أثار قلق الديمقراطيين. وبحسب الاستطلاع فإن حاكم ماساتشوستس السابق متقدم على أوباما بـ52 في المائة مقابل 45 في المائة بين الناخبين الذين يرجح أن يدلوا بأصواتهم في انتخابات السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكن الاستطلاع نفسه كشف أنه بالنسبة إلى اثنتين من الولايات الأساسية التي ستحسم الانتخابات، فإن أوباما لا يزال يتقدم بـ51 في المائة مقابل 43 في المائة لرومني في إيوا، وبـ51 في المائة مقابل 45 في المائة في ويسكونسن. وإذا فاز أوباما في هاتين الولايتين وأضاف أوهايو إلى قائمة الولايات المؤيدة له، فسيضمن إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية.

وسيتواجه أوباما ورومني في مناظرة ثالثة في فلوريدا الاثنين للتباحث في الشؤون الخارجية، وقال الرئيس إنه يتطلع لمواجهة المرشح الجمهوري حول العراق. وقال أوباما خلال تجمع في ولاية نيو هامشير (شمال شرقي): «كما تعلمون، لقد قال إن الطريقة التي وضعت بها حدا للحرب في العراق مأساوية. والأسبوع الماضي قال إن علينا إبقاء قوات في العراق».