الاغتيالات تضرب لبنان من جديد.. والضحية قائد فرع المعلومات وسام الحسن

اضطرابات أمنية في العاصمة والمناطق بعيد إعلان الخبر.. والمعارضة تتهم النظام السوري وحلفاءه

رجال أمن يقفون على مقربة من مكان الانفجار الذي استهدف وسام الحسن في بيروت أمس (رويترز)
TT

عادت لغة الاغتيالات بقوة إلى لبنان أمس، مستهدفة أحد أبرز أركان الأمن اللبناني وسام الحسن، الذي قضى مع ثمانية لبنانيين في ثاني أكبر عملية تفجير منذ مقتل الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري في عام 2005، والذي كان الحسن قائد أمنه الشخصي آنذاك.

ولم يظهر اسم الحسن بين ضحايا التفجير للوهلة الأولى، ذلك أنه كان خارج لبنان وعاد إليه ليل أول من أمس، غير أن الوضع تغير مع إعلان الاسم، فقطع محتجون غاضبون طرقا عدة في بيروت وضواحيها والبقاع والجنوب والشمال، فيما سجل ظهور مسلح في بعض مناطق الشمال، واندلعت اشتباكات مسلحة بين منطقتي جبل محسن العلوية وباب التبانة السنية في طرابلس بشمال لبنان.

وكانت بيروت اهتزت بعد ظهر أمس بانفجار ضخم سمع دويه في أنحاء مختلفة من العاصمة اللبنانية وضواحيها، تبين أنه ناجم عن تفجير سيارة مفخخة في شارع متفرع من ساحة ساسين في منطقة الأشرفية ذات الغالبية المسيحية أمس. وأدى الانفجار إلى تحويل المنطقة المستهدفة إلى ما يشبه ساحة الحرب خلال دقائق، حيث اشتعلت النيران في السيارات المتوقفة في الشارع الضيق، وتضررت الأبنية المحيطة بموقع الانفجار، فيما طارت السيارة التي وضعت فيها العبوة نحو 20 مترا لتستقر أجزاء منها في الأبنية المحيطة.

وأسفر التفجير عن مقتل 8 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 100 شخص كانوا في المحيط، نقلوا إلى مستشفيات المنطقة التي غصت بعدد كبير من المصابين وباشرت إصدار نداءات الاستغاثة للتبرع بالدم. وأشار مدير العمليات في الصليب الأحمر اللبناني إلى أنه «تم نقل 75 إصابة إلى المستشفيات، فيما تم إسعاف 37 إصابة في مكان الانفجار في الأشرفية».

وأحصى الدفاع المدني سقوط 8 قتلى و78 جريحا، في انفجار العبوة الناسفة. وقد حطمت الواجهة الأمامية للمبنى وأصيب بأضرار مادية جسيمة، جراء قوة الانفجار، بالإضافة إلى الأبنية المجاورة. وبينما عقد اجتماع أمني في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لمتابعة آخر تداعيات انفجار الأشرفية، تعقد الحكومة اللبنانية اجتماعا لها برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا اليوم لبحث الموضوع. وقد أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «الحكومة مستنفرة بكل أجهزتها الأمنية والقضائية من أجل كشف ملابسات هذا الانفجار وملاحقة الفاعلين ومعاقبتهم ومنع أي محاولات لإعادة مسلسل التفجيرات الأمنية إلى لبنان».

وفي أول تعليق على اغتيال الحسن، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن مسيرة قوى 14 آذار لن تتوقف، لافتا إلى أن هذا الاغتيال للعميد وسام الحسن هو رقم 22 من الاغتيالات ومحاولات الاغتيال منذ مقتل رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، مشددا على الاستمرار في المسيرة. ورأى أن «وسام الحسن قتل لأنه أوقف (الوزير السابق الموقوف) ميشال سماحة ولأنه لا يهاب شيئا»، مشددا على أن مقتل الحسن هو ضربة أمنية للحكومة وللدولة. كما أشار إلى أن «الحسن ليس مسؤولا أمنيا وحسب، بل إنه صديق عزيز»، مشيرا إلى أن الغطاء السياسي موجود لكي يستطيع المجرم أن يقوم بهذا العمل، معتبرا بالتالي أن البلد بحاجة إلى «نظام جديد في لبنان»، وقال إن «وسام الحسن كان ينبهنا من الاغتيالات ولكن (الله كريم)»، داعيا الشعب اللبناني إلى «أن يفتح عيونه» لمعرفة المجرم الحقيقي.

وقبيل ظهور اسم الحسن من بين الضحايا، سارعت القيادات اللبنانية إلى إدانة الحادث وتحميل المسؤولية في اتجاهات سياسية مختلفة. واعتبر رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن «عودة أسلوب القتل والتدمير تطال أولا المواطنين الأبرياء الذين هم دائما العنوان الأول لمثل هذه الرسائل التفجيرية التي تستهدف الأمن والاستقرار». وإذ تقدم رئيس الجمهورية من «أهل الشهداء ضحية هذا الانفجار بالتعزية الحارة»، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى، فإنه جدد الدعوة إلى الجميع «بوجوب النظر إلى المصلحة العليا والسلم الأهلي للبنان واللبنانيين، والعمل بقوة على منع أن يكون اللبنانيون ضحايا على مذبح مصالح الآخرين، أو وقودا لرسائلهم النارية ومصالحهم». ونبه إلى وجوب «الصمود وعدم تحقيق أهداف الإرهاب بالوقوع في الفتنة أو اليأس أو الإحباط».

ووصف رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، انفجار الأشرفية بـ«الإرهابي بامتياز»، معتبرا أنه «جريمة منظمة ضد كل لبنان». وفي حين لفت بري، في تصريح صدر عن مكتبه الإعلامي، إلى أن الانفجار حصل «على أبواب عيد الأضحى»، شرح دلالاته التي تبين «تعمق الجريمة في نفوس الفاعلين». ورأى بري أن «الوقت الآن ليس للاستفاضة في التصريحات، وإلقاء الاتهامات»، مشددا على ضرورة «التمعن في أبعاد هذه الجريمة، وترك التحقيقات للقضاء المختص الذي نأمل منه كشف الفاعلين».

وبينما تفقد وزراء الداخلية والدفاع والصحة موقع الحادث، أكد المدعي العام التمييزي، القاضي حاتم ماضي، أن «الانفجار الذي وقع في الأشرفية قذف بالسيارة المفخخة عشرات الأمتار»، مضيفا «لا شك أن العبوة كبيرة، لكننا حتى الآن لا نعرف زنتها». ودعا ماضي إلى انتظار المعلومات والتحقيقات، آملا في أن يكون انفجار اليوم «حادثا معزولا ولا يكون مقدمة لحوادث أخرى».

وأدان رئيس الوزراء السابق سعد الحريري «التفجير الإرهابي الذي تعرضت له منطقة الأشرفية في بيروت ومعها كل لبنان»، وتوجه بالتعازي إلى أهالي الضحايا، مطالبا السلطات المختصة بـ«التحرك بأقصى حزم وسرعة لحماية المواطنين». وقال إن «الاعتداء الإرهابي الجبان الذي تعرضت له الأشرفية اليوم هو اعتداء على كل لبنان وعلى كل لبناني، وهو عمل جبان موجه ضد استقرار وطننا وأمنه». وأضاف «إنني إذ أتوجه بخالص التعازي لأهالي الشهداء، وخالص مشاعر التضامن مع أهالي الجرحى وكل أهلي في الأشرفية وبيروت الحبيبة، أطالب السلطات المختصة بالتحرك بأقصى حزم وسرعة والقيام بكل ما يمليه عليها واجبها لحماية المواطنين وأمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم والضرب بيد من حديد في وجه كل من تسول له نفسه التلاعب باستقرار لبنان وأمنه».