العميد وسام الحسن.. سقوط «العقل الأمني»

كشف 30 شبكة تجسس إسرائيلية.. وشبكة سورية يقودها سماحة

وسام الحسن (أ.ف.ب)
TT

لم يكن بعد ظهر أمس هو الموعد الأول للعميد وسام الحسن مع الموت، فقد أخلف موعده معه أول مرة عندما تخلف عن موكب رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في الأولى من بعد ظهر 14 فبراير (شباط) 2005 بسبب خضوعه لامتحانات جامعية، ثم نجا بعد ذلك التاريخ عدة مرات من محاولات اغتيال كشفت قبل تنفيذها، قبل أن ينجح المخططون للجريمة في تنفيذها بعد ظهر أمس. وارتبط اسم الحسن بتوقيف الكثير من الشبكات التجسسية الإسرائيلية بلغ عددها 30 شبكة، بالإضافة إلى تمكنه من توقيف الوزير السابق ميشال سماحة منذ نحو شهرين، ولسخرية القدر فإن عملية الاغتيال تمت في مكان قريب جدا من منزل سماحة الذي تقول التحقيقات إنه سلم المتفجرات للمخبر ميلاد كفوري في مرأبه. والعميد الحسن، المعروف بحسه الأمني العالي، كان شديد الحذر في التنقلات، وكان يغير مكان إقامته أكثر من مرة حيث يبيت معظم لياليه في مكتبه في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، واللافت أنه كان قد عاد لتوه من رحلة خارجية قادته إلى باريس ثم برلين قبل أن يعود إلى بيروت ليلة أول من أمس، حتى إن الكثير ممن يعرفونه شككوا بخبر اغتياله على اعتبار أنه كان في الخارج. واللافت أن ملابسات هذه الجريمة تشابهت مع جريمتي اغتيال النائبين جبران تويني وأنطوان غانم عامي 2006 و2007 حيث عادا ليلا إلى بيروت واغتيلا في اليوم التالي.

وقد أشارت قناة «OTV» التي يمتلكها النائب ميشال عون إلى أن «رئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن غالبا ما لا يسلك الطريق التي اغتيل فيها، وهو ليس الطريق الذي اعتاد أن يسلكه»، مشيرة إلى أنه «كان متوجها إلى لقاء سري لم يكن يعرف أحد عنه شيئا». وأكدت أنه «كان في سيارة تويوتا غير مصفحة وكان معه شخص في السيارة».

العميد الحسن من بلدة بتوارتيج في الكورة بشمال لبنان، ومن مواليد بيروت عام 1969، عمل مديرا للمراسم في رئاسة الحكومة في عهد حكومات رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وبعد اغتيال الحريري عيّن في عام 2006 رئيسا لشعبة المعلومات التابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وكان برتبة مقدم، كما أوكلت إليه مهمة توقيف القادة الأمنيين الأربعة كذلك تولى توقيف مجموعة مسلحة تنتمي إلى «القاعدة» مع نهاية عام 2005. وفي عام 2007 نال المقدم وسام الحسن قدما استثنائيا لعام واحد، بعد توقيف المشتبه في ارتكابهم جريمة عين علق وتم ترقيته إلى رتبة عقيد.

وقد تمكن الحسن خلال الفترة الممتدة من عام 2006 حتى عام 2010 من خلال ترؤسه لشعبة المعلومات من توقيف ما يزيد عن 30 شبكة للتعامل مع إسرائيل، كما تمكن من توقيف الجماعات الإرهابية المخلة بالأمن بالإضافة إلى كشف الكثير من الجرائم التي تخص الشأن الداخلي اللبناني. وقد ذاع صيته مؤخرا بعد أن قيل إنه من يقف وراء توقيف الوزير الأسبق ميشال سماحة وكشف المخطط الذي كان ينوي تنفيذه. العميد الحسن كان قد حصل مؤخرا على تنويه من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي بوصفه «ضابطا ذكيا ومقداما، ثابر منذ توليه رئاسة الشعبة على بذل الجهود الحثيثة وإعطاء الأوامر والتوجيهات المناسبة لمرؤوسيه، والإشراف على تنفيذها بالدقة المطلوبة وبشكل احترافي، لا سيما في مجال مكافحة الجرائم الإرهابية، وقد أدى ذلك إلى تفكيك أكثر من ست وثلاثين شبكة تجسس تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى كشف هويات عدد من المخططين لارتكاب أعمال إرهابية بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، كان آخرها كشف مخطط خطير لزرع المتفجرات وتنفيذ الاغتيالات في منطقة لبنان الشمالي، وتوقيف الرأس المدبر وإقامة الدليل على تورطه، وضبط كمية كبيرة من المتفجرات والعبوات الناسفة، ومبلغ كبير من المال كان مخصصا لتسهيل عملية التنفيذ، مما أدى إلى إحباط هذا المخطط الإرهابي وتجنيب البلاد خطر الانزلاق في فتنة طائفية ومذهبية، فأعطى عمله صورة إيجابية ومشرفة عن قوى الأمن الداخلي في مجال تأدية مهماتها، لا سيما في مجال مكافحة الجرائم الإرهابية، وراكم من إنجازات الشعبة وتضحياتها ما جعلها محط تقدير واحترام لدى الرأي العام والرؤساء على المستويات كلها، مدللا عن نهجه سلوكا شجاعا وحكيما وتمتعه برؤية استراتيجية في أدائه لمهماته، فاستحق التقدير».

والحسن متزوج بالسيدة أنا الحسن ولديهما ولدان يتابعان دراستهما في باريس حيث تقيم العائلة منذ فترة نتيجة التهديد الأمني.