مشاورات استخبارية وعسكرية أميركية ـ تركية حول سوريا

لقاءات بين مسؤولين من البلدين مؤخرا لإعداد خطط طوارئ لفرض منطقة حظر جوي

TT

قال مسؤولون أميركيون وحلف الشمال الأطلسي (الناتو) إن الولايات المتحدة تكثف من مشاركتها الاستخباراتية ومشاوراتها العسكرية مع تركيا من وراء الستار حيث تواجه الدولتان إمكانية تصاعد الحرب الأهلية في سوريا إلى حرب إقليمية.

وأعربت إدارة أوباما عن رغبتها في تجنب الوقوع في مستنقع الصراع في سوريا عسكريا، وقاومت على مدى شهور الضغط الذي مارسته الدول العربية الحليفة وبعض الجمهوريين لدعم مجموعات الثورة السورية بشكل أكثر قوة.

لكن في الوقت الذي ينتشر فيه الصراع الداخلي السوري عبر حدودها الشمالية إلى تركيا، زادت الحكومة الأميركية من تعاونها مع حليفها الأساسي في الناتو، حيث التقى مسؤولون من كلا البلدين خلال الأسابيع القليلة الماضية، لإعداد خطط طارئة لفرض منطقة لحظر الطيران على المناطق السورية أو مصادرة مخزون الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، بحسب مسؤولين أميركيين.

وأشار المسؤولون إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية كانت مصدرا للمعلومة التي دفعت الجيش التركي إلى اعتراض وإجبار طائرة مدنية سورية، كانت في طريقها من موسكو إلى دمشق الأسبوع الماضي، على الهبوط في تركيا بناء على شكوك أنها تحمل أنظمة عسكرية روسية الصنع.

وقال مسؤول أميركي، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية العملية: «كانت الطائرة السورية تحمل معدات رادار وأجهزة كهربائية لأنظمة الدفاع المضادة للطائرات الروسية الصنع. حيث اعتمدت سوريا على روسيا لعقود للمساعدة في بناء الأنظمة المضادة للطائرات والرادارات، والتي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط.

بيد أن النزاعات الحدودية غيرت الحسابات الاستراتيجية ودفعت الجيش الأميركي والمسؤولين الاستخباراتيين بشكل خاص إلى التعاون بشكل أوثق مع تركيا.

وصرح فرانسيس ريكارديوني، السفير الأميركي في أنقرة، للصحافيين يوم الثلاثاء: «أنا أؤكد أن هناك اتصالات بين جيشينا ومسؤولينا العسكريين، تركز على الشأن السوري، وما يفعله الجيشان هو وضع خطة لمواجهة الطوارئ والاحتمالات».

وأضاف ريكارديوني: «لم يتخذ قرار سياسي بعد» بشأن دعم أو فرض منطقة حظر طيران في منطقة لحماية المدنيين أو معارضي حكومة بشار الأسد في دمشق، لكنه اعترف أن مسؤولي الولايات المتحدة وتركيا والناتو ناقشوا كل الخيارات.

وقال: «هل سنفكر في ذلك؟ سنفكر في كل شيء». ولم يقدم ريكارديوني تفاصيل عن المحادثات العسكرية الأميركية التركية الأخيرة بشأن سوريا؟ وجاءت هذه التصريحات في أعقاب زيارة جيمس ستافريديس، قائد القيادة الأوروبية للولايات المتحدة والقائد الأعلى للدول الحليفة في أوروبا، أنقرى وأزمير في أوائل أكتوبر (تشرين الأول).

لم يتحدث ستافريديس مع الصحافيين لكنه نشر رسالة على حسابه بـ«فيس بوك» قائلا إنه التقى مع وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ والجنرال نجدت أوزيل، القائد العسكري الأعلى، لعقد محادثات هامة لدراسة الأحداث الجارية في بلاد الشام.

وأكد مسؤول في الناتو أن ستافريديس ناقش الاضطراب المتزايد للحدود السورية - التركية لكنه قال إن تركيا لم تقدم أي طلب رسمي للحصول على مساعدة عسكرية سواء أكان من الناتو أو واشنطن.

ويشير روس ويلسون، السفير الأميركي السابق إلى أنقرة الذي يعمل حاليا مدير لمركز دينو باتريسيو إيوراسيا في مركز الأطلسي في واشنطن إلى أنه حتى الآن، ترغب تركيا بشكل أساسي في دعم علني من الناتو وتأكيدات من أن التحالف سيهب إلى نجدتها عند الضرورة.

وقال ويلسون: «الجزء الأكبر مما يتطلعون إليه هو الحصول على الدعم السياسي لا إرسال أسراب طائرات الناتو المقاتلة أو آلاف الجنود»، لكنه أضاف أن تركيا ترغب أيضا من الولايات المتحدة والناتو لإظهار رغبتها في تحديث الاستعدادات العسكرية والتخطيط في حال خرجت الأحداث عبر الحدود السورية سريعا عن السيطرة.

وقال ويلسون: «من منظورهم، هناك مجموعة كاملة من السيناريوهات يمكن أن تسفر عن تدخل خارجي، لكنهم لا يرون أحدا يتحدث بشأنه كما يرغبون».

وقد أوضحت إدارة أوباما أنها قد تتدخل إذا ما استخدمت الأسلحة البيولوجية والكيماوية، وأكد مسؤولون في البنتاغون أنهم يراقبون مخازن تلك الأسلحة السورية.

بيد أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الأفق، تشير الإدارة إلى أنها تدفع للتوصل إلى حل سياسي للحرب الأهلية السورية. وقد ضغطت على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتحرك، على الرغم من رفض سوريا والصين، اللتين تملكان حق الفيتو.

ويؤكد سونير كاغابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أنه نتيجة لعجز الأمم المتحدة، ربما تعتمد تركيا على الناتو في التدخل حتى من دون تفويض من الأمم المتحدة وربما من خلال فرض منطقة حظر طيران أو ملاذ للاجئين السوريين إذا ما ساءت الحرب بشكل أكبر. فهناك أكثر من 100,000 لاجئ سوري فروا إلى تركيا. وقال: «الناتو هي الأمم المتحدة الجديدة بالنسبة لتركيا فيما يتعلق بسوريا».

واعترف أن الكثير من دول أعضاء الناتو التي تشغلها الأزمة الاقتصادية للقارة، ستتردد في التدخل، لكنه أشار إلى أن أحد البدائل ستكون اختيار أعضاء الناتو - مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا - مساعدة تركيا في التدخل العسكري، في الوقت الذي يظل فيه باقي الأعضاء على الحياد.

وقال كاغاباتي: «يمكن أن يكون تحالفا للقتال داخل الناتو». كان ذلك هو النهج الذي اتخذه الناتو العام الماضي عندما أسقط حاكم ليبيا السابق معمر القذافي.

* شارك غريغ ميلر في أعداد التقرير من واشنطن، ومايكل بيرنبايوم في بروكسل

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بــ«الشرق الأوسط»