ليبيا: اعتقال 4 من رموز النظام السابق أبرزهم الصيد وكعيبة وموسى

استنفار كبير في طرابلس.. وموالون للقذافي يتحدثون عن ساعة الحسم

المتحدث باسم الحكومة المخلوعة موسى ابراهيم أثناء مؤتمر صحافي سابق قبل سقوط القذافي (أ.ب)
TT

استعاد الليبيون أمس ذاكرتهم السياسية والعسكرية في الذكرى الأولى لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي ومقتله العام الماضي، باعتقال بعض رموز القذافي الهاربين، وأبرزهم اللواء عبد الرحمن الصيد مسؤول الإمداد والتموين في جيش القذافي، ومفتاح كعيبة رفيق القذافي، وموسى إبراهيم الناطق الرسمي باسم حكومة القذافي، فيما واصلت قوات محسوبة على الجيش الليبي حملتها العسكرية على بقايا نظام القذافي في مدينة بني وليد.

وبمناسبة مرور عام على مقتل القذافي الذي حكم ليبيا على مدى 42 عاما ظهر للمرة الأولى وجه الشخص الذي قتل العقيد الراحل بعد وقت قصير من اعتقاله على أيدي الثوار في مسقط رأسه بمدينة سرت العام الماضي.

واعتبر محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي)، في كلمة له بثتها قناة «ليبيا الوطنية» مساء أول من أمس، أن بلاده لم تتحرر بالكامل بعد عام على مقتل القذافي وسقوط نظامه، مشيرا إلى أنه من بين أسباب التأخر في بناء مؤسسات الدولة «عدم استكمال عملية التحرير بشكل حاسم في جميع المناطق»، خصوصا في مدينة بني وليد أحد آخر معاقل النظام السابق والتي تشهد معارك دامية منذ عدة أيام.

وعرض المقريف حصيلة قاتمة للسنة الماضية، لافتا إلى «التراخي والتباطؤ في بناء القوات المسلحة الوطنية والأجهزة الأمنية، وكذلك عدم الإسراع في السيطرة على السلاح المنتشر في كل مكان، وأيضا عدم استيعاب الثوار في شتى مرافق الدولة والاهتمام الجاد بشؤونهم وشؤون الجرحى والمبتورين وذوي الاحتياجات الخاصة منهم».

وعبَّر المقريف عن بالغ الأسى والحزن والألم حول الأحداث الدائرة في مدينة بني وليد وسقوط عدد من القتلى والجرحى من أبناء الشعب الليبي أثناء العمليات العسكرية المرتبطة بتنفيذ قرار المؤتمر الوطني العام. وأضاف «لا يخفى عليكم أن بلوغ الأمر إلى هذه الحدود المؤسفة وما تشهده هذه الأيام المدينة، وشاهدناه من قبل وإن كان بدرجات أخف في مناطق أخرى من بلادنا، هو نتاج عدة عوامل يأتي في مقدمتها التراخي والإهمال في التعامل على مدى أكثر من عام مضى مع عدد من القضايا والملفات المهمة والخطيرة».

وأشار إلى أن هذه الحالة أغرت فلول النظام من داخل البلاد بالتسرب إلى مفاصل هذه الأجهزة والتغلغل فيها وربما في قيادات هذه الأجهزة، والتآمر مع من هم خارج البلاد على الثورة وسلطتها الشرعية.

ويبدو أن تردي الأوضاع الأمنية في ليبيا قد شجع أتباع نظام القذافي على محاولة استعادة السلطة التي فقدوها، حيث قالت مصادر ليبية رسمية إن بقايا نظام القذافي سعت لاستغلال هذه الأوضاع في ذكرى إسقاط النظام للقيام بعمليات عسكرية وأمنية لضرب الاستقرار، على أمل أن يؤدي ذلك لاحقا إلى عودة نظام القذافي للحكم.

وحاولت مجموعات موالية لنظام القذافي احتلال معسكرات تابعة للجيش وقطع عدة طرق رئيسية في البلاد، قبل أن يعلن العقيد أحمد أبو حلالة، مدير الأمن الوطني بالجفارة، إحكام السيطرة الأمنية من قبل عناصر الأمن الوطني على منطقة الـ27 والطريق الساحلي الذي يربط مدينتي طرابلس والزاوية. وقال أبو حلالة إن القوات المشتركة من الأمن الوطني واللجنة الأمنية العليا، وبالتعاون مع القوات المسلحة للجيش الليبي، أحكمت سيطرتها على هذه المنطقة مؤكدا أن حركة السير والمرور في المنطقة والطريق الساحلي تسير بشكل اعتيادي بعد فتح الطريق وتأمين المنطقة.

في تلك الأثناء، حث تنظيم ما يسمى بالمقاومة الشعبية الليبية الموالية لفلول القذافي «كل المواطنين الذين كانوا ينتظرون ساعة الحسم على الالتحام والخروج عن الصمت الذي دام عاما كاملا من قهر وإهانة عاشها الليبيون بسبب شرذمة من الخونة والعملاء الذين دمروا البلاد واستعانوا بحلف الكفار»، حسبما ورد في بيان صادر عنهم. وقال التنظيم في البيان «تعلن المقاومة أن ساعة التحرير قد بدأت، وقد حلت الساعة التي كان ينتظرها الليبيون بفارغ الصبر، فنطلب من الشعب الليبي الخروج والسيطرة على كل المناطق الليبية خاصة طرابلس والأحياء ورفع الراية الخضراء لخروج الخلايا النائمة الموجودة في كل بقاع ليبيا».

ومن جانبها، طلبت اللجنة الأمنية العليا فرع العاصمة طرابلس من جميع قواتها رفع حالة التأهب والاستنفار على مستوى طرابلس الكبرى، كما دعت المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الإشاعات.

وأعلنت مصادر بالحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب عن اعتقال أربعة من أبرز الهاربين المحسوبين على نظام القذافي، هم اللواء عبد الرحمن الصيد مسؤول الإمداد والتموين في جيش القذافي سابقا، ومفتاح كعيبة أحد رفاق القذافي في انقلاب عام 1969 والرئيس السابق لمؤتمر الشعب العام، بالإضافة إلى ميلاد الفقهي الناطق السابق باسم جيش القذافي، وموسى إبراهيم الناطق الرسمي باسم حكومة القذافي. وأكد وسام النائلي، الناطق الرسمي باسم لواء أحرار ليبيا الذي يقوده عصام القطوس، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي، نبأ اعتقال اللواء الصيد الذي كان مسؤولا عن تسليح القوات العسكرية والكتائب الأمنية المولية للقذافي. وأضاف «لقد اعتقلناه لدى محاولة هروبه من مدينة بني وليد».

كما أكد مصدر رسمي في مكتب الكيب نبأ اعتقال قوات الجيش الليبي لموسى إبراهيم، المتحدث باسم النظام السابق، أثناء محاولة فراره من مدينة بني وليد عند إحدى البوابات في مدينة ترهونة على بعد 70 كيلومترا جنوب طرابلس. وكان إبراهيم، الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة، قد عقد مؤتمرات صحافية متكررة في فندق فاخر في طرابلس كان الصحافيون يقيمون فيه أثناء الحرب العام الماضي. ولم يكن مكانه معروفا منذ سقوط طرابلس في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي على الرغم من ظهور عدة تقارير تتحدث عن اعتقاله.

من جهة أخرى، أعلن مصدر عسكري أن قوات الجيش الليبي وجهت ضربات مركزة لأهداف عسكرية داخل مدينة بني وليد تتخذها المجموعات المسلحة مقرا لها وتنفذ منها عملياتها، لافتا إلى أن هذه القوات تقدمت إلى قرابة 3 كيلومترات من مركز المدينة. وأضاف أن قوات الجيش استولت خلال هذه المواجهات على دبابة كانت بحوزة المسلحين، مشيرا إلى إصابة خمسة جنود من الجيش أحدهم في حالة خطرة. وأكد المصدر أن عددا كبيرا من العائلات خرجت من المدينة وضواحيها بعد قيام الجيش الوطني بتوفير ممرات آمنة لها.

وشكلت وزارة الداخلية الليبية قوة خاصة لحفظ الأمن في المناطق التي يتم تحريرها بمدينة بني وليد تتكون من ألفي مقاتل بهدف الحماية ونشر الأمن واعتقال الموالين للنظام السابق.