برهم صالح يتوجه إلى بغداد لإجراء محادثات مع التحالف الشيعي حول الأزمة السياسية

قيادي في ائتلاف المالكي لـ «الشرق الأوسط»: هناك مشاكل حقيقية تتطلب مواجهة حقيقية

الرئيس العراقي جلال طالباني لدى استقباله أمس رئيس الوزراء نوري المالكي (موقع الرئاسة العراقية)
TT

قبيل سفره إلى بغداد على رأس وفد سياسي من إقليم كردستان للتفاوض مع القيادات العراقية بشأن الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق، أجرى برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني محادثات مع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية باربرا ليف تركزت حول الوضع السياسي والأمني في العراق.

وقال مصدر في المكتب الإعلامي لصالح إن «نائب الأمين العام أطلع مساعدة الوزيرة الأميركية على مستجدات الأزمة السياسية في العراق، وموقف قيادة كردستان من تلك الأزمة ومبادرتها بإرسال وفد سياسي موسع للقاء قادة الكتل والأحزاب العراقية من أجل إجراء مباحثات جدية حول الأزمة السياسية»، مؤكدا أن «قيادة كردستان تشدد دائما على الحلول التوافقية والدستورية لازمات البلاد، وكذلك اعتماد الاتفاقات السياسية بين الأطراف العراقية كسبيل للخروج من تلك الأزمة وخاصة الاتفاقات التي تؤكد على مبدأ الشراكة الوطنية والحقيقية في إدارة شؤون البلاد، وعلى وجه الخصوص اتفاقية أربيل».

ومع ازدياد التوقعات بفشل جهود الرئيس العراقي جلال طالباني لحل الأزمة السياسية العراقية، يبدو أن القيادة الكردية أدركت أخيرا خطورة تداعياتها، خاصة في ظل اشتعال الوضع الإقليمي نتيجة امتدادات الأزمة السورية إلى المنطقة، ولذلك بادرت بإرسال وفد يمثل الأطراف والقوى السياسية في كردستان إلى بغداد لفتح قنوات الاتصال مع الأطراف الرئيسية المعنية بالأزمة السياسية في العراق في مقدمتها التحالف الوطني الشيعي. وإضافة إلى صالح يضم الوفد السياسي الكردي من الحزب الديمقراطي الكردستاني كلا من روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي وعارف طيفور نائب رئيس مجلس النواب وهوشيار زيباري وزير الخارجية وفاضل ميراني سكرتير الحزب وآزاد برواري عضو المكتب السياسي بالحزب، فيما يضم من لاتحاد الوطني فؤاد معصوم رئيس كتلة التحالف الكردستاني وعدنان المفتي عضو المكتب السياسي وخالد شواني عضو اللجنة القيادية للحزب. أما بالنسبة للأحزاب الكردستانية الأخرى فإن حزبين في المعارضة هما حركة التغيير والجماعة الإسلامية امتنعا عن المشاركة في الوفد الكردي، فيما انضم إليه ممثل عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني.

وفي تصريح لـ« الشرق الأوسط» قال آزاد جندياني المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني «إن مهمة الوفد تتحدد بالدرجة الأولى بالسعي لفتح العقد الأساسية للأزمة من خلال التشاور وإدامة قنوات الاتصال مع الأطراف الرئيسية المعنية بالأزمة ودعم جهود الرئيس طالباني الهادفة إلى عقد المؤتمر الوطني المرتقب الذي لا نرى له بديلا لحد الآن، وكنا في قيادة الاتحاد نؤكد دائما على أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة». وعلى الرغم من أن رئيس الإقليم قد أقر تشكيل هذا الوفد الكردي وإرساله إلى بغداد للتفاوض حول الأزمة خلال ترؤسه يوم الأربعاء لاجتماع موسع مع الأحزاب والقوى الكردستانية والتي أيدت موقف بارزاني بهذا الصدد، فإن حركة التغيير المعارضة التي يقودها نوشيروان مصطفى قائد جبهة المعارضة رفضت حضور ذلك الاجتماع وكذلك الانضمام إلى الوفد بسبب دعوة سابقة تقدمت بها كتلتها البرلمانية حول تشكيل مؤسسة خاصة بالتفاوض بين أربيل وبغداد وهذا ما لم يتحقق لحد الآن، حيث ما زالت الوفود التي تذهب إلى بغداد ومنها الوفد الحالي يسيطر عليه الحزبان الرئيسيان (حزبا بارزاني وطالباني). وقال كاردو محمد رئيس كتلة التغيير ببرلمان كردستان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «لقد تقدمنا بمشروع قانون حول تشكيل مؤسسة تفاوضية وطنية تتمثل فيها جميع القوى الكردستانية إلى البرلمان، وكنا ننتظر أن يدرج المشروع في جدول أعمال البرلمان، ولكن ذلك لم يحصل، حيث دارت النقاشات في الجلسات وكان هناك تباين في الآراء، وبسبب ذلك تقرر أن تقوم حكومة الإقليم بإعداد مشروع قانون يستند على مشروعنا ورؤيتها أيضا على أن تقدم إلى البرلمان، ولكن لحد الآن لم ترسل الحكومة ذلك المشروع، وأعتقد أن الحكومة ليست لديها إرادة أو نية بإرسال هذا المشروع القانوني إلى البرلمان وتماطل بهدف كسب المزيد من الوقت، وكما نرى فإن وفدين أرسلا اليوم إلى بغداد للتفاوض وأيضا خارج إطار الهيئة التفاوضية التي اقترحنا تشكيلها».

من جهتها قاطعت الجماعة الإسلامية الوفد الكردي على الرغم من أنها وافقت على حضور الاجتماع مع رئيس الإقليم، ولكنها رأت عدم وجود ضرورة لمشاركتها في الوفد الكردي إلى بغداد.

وفي سياق ذي صلة أوفدت حكومة الإقليم وفدا منها إلى بغداد للتباحث مع الحكومة العراقية حول مشروع الموازنة العامة للدولة. فقد أبلغ مصدر في المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أن «نيجيرفان بارزاني بحث خلال الاجتماع الأسبوعي مع وزراء حكومته عدة مواضيع متعلقة بالوضع في الإقليم، منها موضوع الاستعدادات الجارية للتحضير لإعداد ميزانية الإقليم للعام المقبل، حيث إن رئاسة مجلس الوزراء أقرت بأن تعد المشروع الميزانية المقترحة لحكومة الإقليم في كل عام بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ومع مصادقة مجلس النواب العراقي على موازنة الدولة سيحول مشروع ميزانية الإقليم إلى البرلمان الكردستاني للبدء بمناقشته وذلك ضمانا لعدم تأخير المصادقة على الميزانية كما يحدث كل عام، ولذلك فإن مشروع ميزانية العام المقبل أصبح تقريبا جاهزا الآن بانتظار مصادقة الموازنة العامة للعراق».

إلى ذلك، بحث الرئيس طالباني مع رئيس الوزراء نوري المالكي الأزمة السياسية. وقال بيان لمكتب طالباني على خلفية استقباله المالكي أمس إنه «تم خلال اللقاء التباحث حول قرب مجيء وفد إقليم كردستان إلى بغداد»، وتمت الإشادة بهذه الزيارة لكونها تعتبر خطوة إيجابية نحو حل المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. وأوضح البيان أنه «كانت الآراء ووجهات النظر بين طالباني والمالكي متوافقة ومتطابقة حول أهمية احترام مواد الدستور وبنود الاتفاقات الموقعة بين الأطراف السياسية كافة، وهو السبيل الأمثل لإزالة المعوقات التي تقف بوجه تقدم العملية السياسية في البلاد».

من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون إحسان العوادي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحاجة إلى الحوار بين بغداد وأربيل ليست وليدة اليوم بل هي حاجة قديمة ومتجددة نظرا لوجود قضايا خلافية بين الطرفين بعضها دستوري والآخر سياسي»، مشيرا إلى أن «هناك مشاكل حقيقية وتتطلب مواجهة حقيقية بين الطرفين، ولا سيما أن هناك تقدما حصل في العديد من القضايا المهمة، وبالذات مسألة قانون النفط والغاز».